أظهرت بريطانيا اهتماماً كبيراً أمس بموضوع الاتهامات الأميركية المتزايدة لسورية والتي جاءت عشية وضع الحرب على العراق اوزارها. وفيما استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزيراً موفداً من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، إنهمك وزيرا الدفاع والخارجية البريطانيان جيف هون وجاك سترو في تصريحات متعلقة بالاتهامات الموجهة الى سورية، وقدما صورة أكثر حذراً من موقف واشنطن، لجهة كيل الاتهامات إلى دمشق. وتحدث سترو الذي زار أمس البحرينوالكويت، عن "أدلة" على تعاون سورية مع العراق أخيراً، وحضها على "تغيير سلوكها"، مطالباً اياها بتقديم اجابات عن أسئلة متعلقة بالاتهامات الأميركية. وأعرب وزير الدفاع البريطاني عن قلقه من استفادة سورية من علماء عراقيين فارين، لكنه أوضح ان بلاده ترغب في حوار مع دمشق. استقبل الرئيس بشار الأسد أمس، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني مايك اوبراين كلاً على حدة. وقام الأمير سعود الفيصل بزيارة سريعة لدمشق التقى خلالها الرئيس الأسد في حضور وزير الخارجية فاروق الشرع. وقالت مصادر رسمية إن الحديث تناول "تطورات الوضع في العراق والجهود التي تبذلها الدول المجاورة له لإعادة الأمن والاستقرار اليه، ومن أجل الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية وسلامتها". وفي لقاء مع وزير الدولة البريطاني، أكد الأسد حرص سورية على أمن الشعب العراقي وسلامته ووحدة العراق وسلامة هويته التاريخية والحضارية. وقدم اوبراين للرئيس الأسد "ايجازاً عن نيات قوات التحالف بعد رحيل صدام حسين"، ونقل الى الرئيس السوري "تقدير رئيس وزراء بريطانيا توني بلير للعلاقة معه وتثمينه دور سورية الاقليمي والدولي، والعلاقات السورية - البريطانية التي يعمل لتعزيزها". وأعرب اوبراين في تصريحات وزعتها السفارة البريطانية في دمشق عن "أمل قوات التحالف بأن يكون بإمكانها مغادرة العراق حالما يتمكن العراقيون من انتخاب حكومة ديموقراطية تحافظ على وحدة الأراضي العراقية وترسخ النظام". واضاف: "نريد عراقاً لا يهدد جيرانه ولا يملك أسلحة دمار شامل، ونزاعنا كان مع نظام صدام وليس مع الشعب العراقي. نوصل المساعدات الإنسانية وسنضمن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية. يتم الحفاظ على النفط العراقي لمصلحة الشعب العراقي فقط، وصدر قرار عن الأممالمتحدة لحماية النفط العراقي". وشدد على أن "حكومة عراقية ستقام في أسرع وقت ممكن، ما سيمكن العراقيين من صوغ دستور جديد واجراء انتخابات". وأضاف: "عرضت على الرئيس الأسد اقتراحات التحالف بعد سقوط نظام صدام حسين". ونفت سورية أمس اتهامات أميركية بامتلاكها اسلحة كيماوية، كما نفت مزاعم بريطانية، مؤكدة أنها لم تتعاون أبداً مع نظام صدام. وقالت مديرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية بثينة شعبان أمس: "نقول له الرئيس الأميركي جورج بوش ان سورية لا تملك اسلحة كيماوية"، وان الاسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية الوحيدة في المنطقة تملكها اسرائيل التي تهدد جيرانها وتحتل اراضيهم". وتابعت رداً على تصريحات الوزير سترو انه لم يكن هناك أي تعاون بين دمشق وبغداد، وأن التأييد الذي تقدمه سورية هو للشعب العراقي الذي عانى ويلات الحروب. وأعلن وزير الخارجية البريطاني في الكويت أمس، أن على سورية ان تدرك أنه بات هناك "واقع جديد" في العراق بعد سقوط صدام. وأوضح خلال مؤتمر صحافي أن هناك "أدلة" على تعاون سورية مع نظام صدام خلال الأشهر القليلة الماضية، وحض دمشق على تغيير سلوكها. وزاد: "هناك أدلة متزايدة على تعاون الحكومة السورية مع نظام صدام في الأشهر القليلة الماضية، ومن المهم جداً ان تدرك سورية الآن ان هناك واقعاً جديداً وهو ان نظام صدام رحل، وعليها أن تجيب عن عدد من الاستفسارات". وحض دمشق على التعاون الكامل لتسليم اعوان صدام الفارين. وفي وقت سابق، قال سترو في مؤتمر صحافي بالسفارة البريطانية في المنامة إن "سورية ليست على لائحة" الدول المستهدفة بعد العراق، لكنه أشار الى "اسئلة على السوريين الاجابة عنها". وقال رداً على سؤال هل سورية هي الدولة التالية على لائحة الدول المستهدفة: "لا. رئيس الوزراء توني بلير أكد خلال اتصال مع الرئيس بشار الأسد نهاية الاسبوع ان لا خطط لوضع سورية على اللائحة، وأعتقد ان هناك جدول اعمال مهماً للمناقشة مع السوريين، وأسئلة عليهم أن يجيبوا عنها". وأوضح انه غير متأكد مما إذا كانت سورية تطور اسلحة كيماوية محظورة، داعياً إلى الحوار مع الحكومة السورية. وقال ل"هيئة الاذاعة البريطانية": "المهم ان تتعاون في شكل كامل مع التساؤلات التي اثيرت في شأن هرب بعض الفارين من العراق الى سورية، وتساؤلات اخرى منها ما اذا كانوا يطوّرون فعلاً أي نوع من البرامج الكيماوية والبيولوجية المحظورة". وتشمل جولة سترو البحرينالكويت وقطر والمملكة العربية السعودية. وأوضح الوزير انه تحدث الجمعة إلى نظيره السوري في شأن "مسائل وتساؤلات على سورية الاجابة عنها وشرحها بالتفصيل". ولم يوضح طبيعة هذه المسائل في وقت تزايدت الاتهامات الأميركية لسورية بامتلاك أسلحة كيماوية واستقبال قياديين عراقيين فارين. العلماء العراقيون وفي لندن، أعلن وزير الدفاع البريطاني جيف هون ان بلاده تريد "في هذه المرحلة ابقاء الحوار" مع سورية، لكنها تخشى أن يلجأ اليها باحثون عراقيون عملوا في مجال اسلحة الدمار الشامل. وقال الوزير في مؤتمر صحافي إنه قلق من احتمال تمكن علماء عراقيين ضالعين في برنامج لصنع اسلحة دمار شامل من "الهرب عبر الحدود العراقية - السورية ما يساهم في تسريع جهود سورية" في هذا المجال. وأضاف: "اشعر بالقلق ازاء موضوع سورية، والجهود التي قاموا السوريون بها في الماضي يقصد أسلحة الدمار الشامل ونتمنى ألا تستفيد دمشق من أي شخصية علمية أو عسكرية تعبر الحدود". وكان الرئيس الأميركي جورج بوش أعلن ليل الأحد أن الولاياتالمتحدة "تعتقد ان لدى سورية اسلحة كيماوية"، مؤكداً أن هذا الوضع قد يتطلب رداً مختلفاً عن العراق. وحذر من ان على "الحكومة السورية ان تتعاون مع الولاياتالمتحدة وشركائنا في التحالف". وأشارت مجلة "تايم" الأميركية الأسبوعية، في طبعتها الأوروبية التي صدرت أمس، إلى "أدلة" على وجود "ارهابيين اسلاميين" في سورية. ونقلت عن مسؤول في الشرطة الايطالية لمكافحة الارهاب، طلب عدم ذكر اسمه، ان الملا التونسي عبدالرزاق العضو في جماعة "أنصار الإسلام"، وجه بين كانون الثاني يناير الماضي والأسبوع الأول من الحرب على العراق، "نداءات عبر الهاتف الخليوي، من سورية الى اسلاميين في ميلانو" ايطاليا. وأوضحت ان عبدالرزاق طلب من هؤلاء مغادرة أوروبا للانضمام الى الجهاد، ومحاربة القوات الأميركية والبريطانية في العراق. واعتبرت المجلة أن "هذا النوع من النشاط لا يمكن ان يتم من دون علم أجهزة الأمن السورية". يذكر أن حركة "أنصار الإسلام" هي تنظيم عراقي كردي معارض، تعرضت مواقعه لقصف اميركي مكثف اثناء الحرب. وأعلن قائد القيادة الوسطى للقوات الأميركية الجنرال تومي فرانكس تحديد أماكن لمتطوعين "أتوا الى العراق من سورية ودول اخرى". واضاف ان هؤلاء "تلقوا أموالاً من العراقيين. وصلوا في الأشهر الأخيرة الى العراق لتنفيذ عمليات انتحارية او الانضمام الى خلايا مقاتلة صغيرة". وسئل هل تقف الحكومة السورية وراء هؤلاء، فأجاب: "ليس من اختصاصي ان أقول ذلك". ورفض المسؤول الثاني في السفارة السورية في واشنطن عماد مصطفى اتهامات واشنطن، قائلاً: "هناك حملة من المعلومات الخاطئة والتضليل ضد سورية، بدأت قبل الحرب" على العراق.