تبدو اسرائيل أحد أكبر المستفيدين على المستوى الاقليمي، من المعطيات الاستراتيجية الجديدة التي ستنجم عن الحرب في العراق، لكنها تخشى ان تضطر الى تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين وتستعد لمقاومة أي جهود في هذه الصدد. وتنبع هذه المخاوف من جهود رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للضغط على اسرائيل لقبول "خريطة الطريق" التي تتضمن خطوات لإنهاء المواجهات الاسرائيلية - الفلسطينية المستمرة منذ 30 شهرا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويعتقد بلير، الحليف الرئيسي للرئيس جورج بوش، بأن حل أزمة الشرق الاوسط مهم مثل كسب الحرب في العراق. وقال مسؤول اسرائيلي بارز لوكالة "فرانس برس" ان الربط بين الصراعين "رسالة خطيرة جداً نرفضها". واضاف: "كل مرة يطلب منا دفع ثمن حروب اخرى لا تتعلق بنا". ورأى الجنرال الاسرائيلي عاموس جلعاد ان "خطراً كبيراً جداً كان يهدد الحدود الشرقية لاسرائيل قد زال". واضاف ان "نظام صدام حسين تهديد لنا وزواله يسهل الهيمنة الاميركية على المنطقة ويحرم سورية من قواعدها الاستراتيجية الخلفية". غير ان اسرائيل ترى ايضا مكاسب في الرسالة السياسية في المنطقة بسقوط نظام صدام حسين، خصوصا سورية التي تنتقدها الولاياتالمتحدة بحدة. وقال الخبير الامني الاسرائيلي دان شوفتان من جامعة حيفا ان "الرسالة ستسمع ايضا في دمشق وليبيا وبالتأكيد في ايران" التي تتهمها اسرائيل بتزويد مقاتلي "حزب الله" بصواريخ. غير انه بينما تستعد اسرائيل لجمع مكاسب الحرب، تعد العدة في الوقت نفسه لمقاومة تطبيق "خريطة الطريق"، التي قال احد مساعدي رئيس الوزراء ارييل شارون الاسبوع الماضي انه سيتم رفضها اذا رفض ادخال 15 تعديلاً اسرائيلياً مقترحا عليها. وتحدد "خريطة الطريق" التي صاغها ديبلوماسيون من الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا، الخطوات لإقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، غير ان اسرائيل اعربت عن مخاوف في شأن الانتقال من مرحلة الى اخرى من دون التزام فلسطيني كامل، خصوصاً في المجالات الامنية. وكرر بوش تأييده خريطة الطريق في مؤتمر صحافي الثلثاء مع بلير في ايرلندا، بينما قال وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر انها "اقتراح ممتاز". وقال بلير وبوش ان الخريطة ستنشر عندما يشكل رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس، حكومته في الاسبوعين المقبلين. وقال شارون انه يقبل خريطة الطريق "من حيث المبدأ"، بينما اكد مدير مكتبه دوف فايسغلاس ان الخطة يجب ان تتماشى مع نقاط حددها بوش في خطاب مهم حول الشرق الاوسط في حزيران يونيو الماضي. وارجأ فايسغلاس الثلثاء زيارة لواشنطن لمدة اسبوع على الاقل، لعرض مخاوف اسرائيل من الخطة بعدما صرح بأن اسرائيل سترفضها ما لم يتم ادخال التعديلات الرئيسية عليها. والقلق الاكبر بالنسبة الى اسرائيل هو ان الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي سيمارسان ضغوطا عليها لحضها على تقديم تنازلات أمنية قبل ان يتخذ الجانب الفلسطيني خطوات ملموسة ضد مجموعات متشددة. وبدلاً من ذلك تصر اسرائيل على ان تكون اي تنازلات اسرائيلية مشروطة بقيام الفلسطينيين بعمل ضد هذه المجموعات التي تتمتع بتأييد شعبي كبير. ويصر زلمان شوفال مستشار السياسة الخارجية لشارون، على ان اسرائيل متفقة مع خطة بوش حول هذه النقطة، بينما قال وزير الخارجية سيلفان شالوم ان وقف الهجمات هو النقطة الجوهرية لأي انطلاقة حقيقية للسلام. ولكن يبدو ان الولاياتالمتحدة تميل الى مطالب بلير بنشر الخطة كما هي من دون ادخال التعديلات الاسرائيلية. وتقول اسرائيل ان المهم هو تطبيق الخطة، وليس نشرها. وتتوقع ايضا الرصيد السياسي من الحرب الاميركية - البريطانية على العراق في تحسين موقف واشنطن في مواجهة الانتقادات الاوروبية. وقال شوفال ان "اميركا من دون شك ستتخذ القرارات الرئيسية في اعقاب هذه الحرب وسنصل الى قاسم مشترك".