سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سياسة بوش الاحادية "انتحار لاقتصاد يعاني اختلالات". المستثمر الدولي يزداد تردداً في تملك الاصول الاميركية وقلق من حدوث انهيار مفاجئ في أسعار صرف الدولار
أجمع الاقتصاديون والمحللون الأميركيون على وقوع أسواق المال والاقتصاد تحت سيطرة الحرب الراهنة على العراق وحذروا من أن المنطق "شبه الاحادي"، الذي تبنته ادارة الرئيس جورج بوش في قراراتها السياسية والعسكرية سيشكل، في حال استمر بعد الحرب، "انتحاراً لاقتصاد يعاني اختلالات خطيرة متفاقمة" لن تدع له من خيار سوى الاعتماد على الأسواق الدولية لا سيما التدفقات الاستثمارية أكثر من أي وقت مضى. وتم التحذير ايضاً من ان المستثمر الدولي قد يزداد تردداً في تملك الأصول الأميركية سيما في مناخ استثماري خطر ما سيجعل انهيار سعر الدولار حتمياً. كشفت التطورات الدراماتيكية التي بدأ حي المال في نيويورك تسجيلها حتى قبل نهاية الاسبوع الأول من الحرب نوعاً من الصحوة المكلفة، اذ راهنت أسواق المال على حرب "نظيفة وحاسمة" ونجحت فعلياً في اضافة قرابة تريليون دولار الى قيمتها السوقية في 8 جلسات تداول متتالية ما أتاح لها تحقيق أول مكاسب لها السنة الجارية، الا أنها سرعان ما اصطدمت بمفاجآت الحرب التي أجهضت رهانها وأجبرتها على التخلي عن جزء كبير من غنائمها. السباحة في المستنقع وكسب مؤشر الأسهم الممتازة "داو جونز" الصناعي 998 نقطة في جلسات التداول الثماني المنتهية في اليوم الثاني للحرب ثم خسر من هذه الغنيمة الضخمة، وفي أربع جلسات فقط من الجلسات الخمس لاسبوع التداول الماضي، 376 نقطة اي قرابة 40 في المئة في تطور مثير دفع توماس ماكمانوس كبير المحللين في مصرف "بنك أوف أميركا" للقول في تقريره الاسبوعي ان "أسواق المال انتقلت من السباحة في العسل الى المستنقع". ولم تعكس أرقام المؤشرات الرئيسية الحقيقة الكاملة عن مدى ارتباط المناخ الاستثماري بتطورات الحرب. وعلى سبيل المثال حقق مؤشر داو جونز لقطاع السيارات أفضل أداء ضمن قطاعات الاقتصاد الأميركي في الفصل الأول من السنة مرتفعا بنسبة 11.68 في المئة لكنه انخفض بنسبة تزيد على 14 في المئة منذ أصدر بوش انذاره المشهور للرئيس العراقي صدام حسين قبل يومين من بدء الحرب. خسارة نصف الناتج وتوقع ماكمانوس استمرار التقلبات الناجمة عن الحرب في الأيام المقبلة وربما لفترة طويلة ما يُعتبر أنباء بالغة السوء للأسهم الأميركية سيما بعدما كشفت "ستاندرد آند بورز" أن القيمة السوقية الاجمالية للشركات الأميركية ال500 الكبرى المتداولة في مؤشرها الرئيسي "ستاندرد آند بورز 500" انهارت من 12.7 تريليون دولار في آذار مارس ألفين الى نحو 8 تريليونات فقط الخميس الماضي متكبدة بذلك خسائر تساوي قرابة نصف اجمالي الناتج المحلي الأميركي. وأضافت مؤسسة "فيرست كول" المزيد من القتامة اذ أشارت الى أن البيانات السلبية عن توقعات أرباح شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز" في الفصل الثاني الذي بدأ أمس الاثنين تقترب حتى الآن من ثلاثة أضعاف البيانات الايجابية. وأوضحت أن التوقعات الأولية تشير الى احتمال نمو أرباح الفصل المذكور بنسبة 8.3 في المئة الا أن هذه النسبة، التي غالبا ما تخضع لتعديلات سلبية، تنخفض الى 1.8 في المئة فقط بعد استبعاد مساهمة شركات الطاقة، الرابح الأكبر من علاوة الحرب في أسعار النفط. تساؤلات لكن مخاوف الاقتصاديين والمحللين تركز في التساؤل عن قدرة الاقتصاد الأميركي المثقل أساساً باختلالات مالية خطيرة على تحمل أعباء الحرب التي لا تنحصر في النفقات المباشرة للأعمال العسكرية والأمن الداخلي والمساعدات الخارجية، بل تشمل كلفة عمليات اعادة الاعمار في العراق وهي نفقات قدرتها مراكز أبحاث أكاديمية بمبلغ يراوح بين 25 و100 بليون دولار، وان أثارت شكوك مؤسسة "ام. ام. اس. انترناشونال" المخضرمة التي لاحظت أن عمليات التدمير لم تنته بعد حتى يمكن تقدير كلفة الاصلاح. العجز 439 بليون دولار وبعدما أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة "مورغان ستانلي" أن 75 بليون دولار من المخصصات الطارئة التي تريد ادارة بوش اقتطاعها من ضرائب المواطنين الأميركيين كدفعة أولى لتمويل الحرب على العراق سترفع عجز موازنة السنة المالية الجارية الى 439 بليون دولار، لاحظت أن هذا العجز الضخم ليس العبء الوحيد على كاهل الاقتصاد الأميركي بل سبقه للتو عجز مالي بقيمة 158 بليون دولار وستليه عجوزات مماثلة في السنوات المقبلة، علاوة على عجز متفاقم في الحساب الجاري بلغ معدله السنوي في الفصل الرابع من العام الماضي 548 بليون دولار. وكمؤشر على مدى اتساع نطاق المخاوف أوضح اقتصادي في دراسة نشرتها مجلة "بيزنس ويك" في عددها الأخير أن أكبر المخاطر المباشرة للاختلالات المالية المتفاقمة يتمثل في احتمال حدوث انهيار مفاجئ في أسعار صرف الدولار، مشيراً الى أن هذا الاحتمال يزداد قوة بسبب الحرب الراهنة على العراق وتداعياتها التي قد تزيد المستثمر الدولي تردداً في تملك الأصول الأميركية سيما في مناخ استثماري خطر. ومن شأن تحقق هذا الاحتمال أن يشكل كابوساً للاقتصاد الأميركي الذي يُقدر صافي ديونه لصالح المستثمرين الدوليين بنحو ثلاثة تريليونات دولار لكنه يحتاج لاجتذاب 2.2 بليون دولار يومياً لتمويل العجز في حسابه الجاري ما دفع دراسة "بيزنيس ويك" الى التحذير من أن التوجه الأحادي لادارة بوش سيكون بمثابة انتحار اقتصادي في حال استمر بعد الحرب الراهنة على العراق.