يتفق خبراء النطق والكلام مع خبراء الطفولة على أنّ عملية الكلام تستند الى اربعة عناصر اولها البيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل التي تتحاور معه، ثم جهاز الاستقبال السليم ويشمل الاذنين وعصب السمع، ثم الجهاز المركزي في المخ الذي يستوعب ما يصل اليه من اصوات واشارات يفهمها ويفسرها ويتفاعل بموجبها، واخيراً جهاز ارسال الصغير ويشمل حنجرته وحباله الصوتية والحلق واللسان والشفتين والانف. ويخطئ من يظن ان الطفل يبدأ كلامه في عامه الأول مثلاً، فهو يطلق في الشهرين من عمره اصواتاً ثم يناغي ثم يصرخ بصوت عالٍ مع نطق بعض الحروف. وعلى رغم ان خبراء التخاطب يضعون جداول لمعدّل الكلمات التي ينطقها الطفل حتى سن الرابعة، الا انهم يعيدون التأكيد أنها معدلات تقريبية، وأن التأخر في الكلام لا يدل اطلاقاً الى تخلف او تأخر ذهني، بل هناك اطفال اذكياء جداً لا يجيدون الكلام. ويحكى ان اينشتاين عالم الذرة الشهير كان لا يجيد الكلام حتى السادسة من عمره حتى انه فصل من المدرسة لهذا السبب. الا ان تأخر الطفل في الكلام قد يعزا الى قلة تشجيعه على التكلم، وعدم التحدث معه في شكل مستمر. ويشير خبراء التخاطب الى انه في حال ظل الطفل لا ينطق بأي كلمة حتى شهره الثامن عشر ولا يستعمل اي تركيبة من كلمتين او ثلاثة عند بلوغه السنتين ولا بعض الجمل البسيطة المفهومة عند عامه الثالث يجب التدخل واللجوء الى الاختصاصيين لتحديد اسباب هذا التأخر. فإذا كان التخلف العقلي هو السبب يعاني الطفل في معظم الوقت من تأخّر النطق، وغالباً ما يسمع الكلام من دون ان ينصت اليه ولا يستجيب ما يطلب منه ولا يبدي اي رد فعل عندما يخاطبه المقربون. أما الصمم فلا يمنع الطفل من إطلاق اصوات في الفترة الاولى من عمره كأقرانه من الاطفال في هذا العمر، ولكن ذلك لا يستمر ولا يتطور بعد ستة شهور الى مناغاة بل يبقى الصراخ هو فقط وسيلة التعبير الوحيدة لديه، ولذلك يجب اجراء الفحوص الطبية بعد الولادة مباشرة وقبل مرور ستة شهور، اذ يمكن علاج الصمم والتغلب عليه إما جراحياً او باستعمال السماعات الخاصة. أما في الظروف العادية، فبوسع الأم تأدية دور مهم في مساعدة طفلها على الكلام، فهي تستطيع البدء بالتحدّث معه وهو لا يزال رضيعاً، وتعتقد انه لا يفهم ما تقوله، الا انها تزيد من مخزونه اللغوي حتى يترجم هذا المخزون الى كلمات منطوق بها بعد فترة لاحقة. ويحذر خبراء الكلام والتخاطب من تلبية الام طلبات طفلها من دون الكلام، إذ يؤكد هؤلاء أن الطفل يكون مهيأ للكلام عند احتياجه الى أمر ما أكثر من أي وقت آخر، فإذا أراد لعبة عليها أن تقدمها له وهي تخاطبه باسمه فتقول مثلاً، خذ يا فلان الكرة أو اللعبة أو الطعام أو الملعقة... وتسأله عما يريد وتجيبه محاولة استدراكه عبر تكرار ما تقوله. كما يلفت الاختصاصيون الانتباه من جهة أخرى الى ضرورة النطق بالكلمات بطريقة سليمة للطفل وعدم استخدام لهجة الأطفال المنتقصة لبعض الحروف عند الكلام معه، كي يتمكن الطفل من نطق المخارج الصحيحة للألفاظ. وينصح هؤلاء الأمهات من جهة أخرى بالتكلّم مع أطفالهن عمّا يقمن به من أعمال طوال الوقت ومحاولة توضيح ما يريد الطفل قوله كي يسعد بالتواصل والكلام الذي يسمح لمحيطه بفهمه. وعن مشكلات التلعثم والتأتأة تؤكد خبيرة علاج خلل التخاطب الدكتورة جيهان القاضي أن تلك المشكلة شائعة بين الأطفال دون الثالثة وحتى السادسة، عندما تنتاب الصغير رغبة في الإكثار من الكلام فيحاول استخدام كلمات جديدة ومعقدة، وغالباً ما تزداد الاضطرابات في المواقف الصعبة التي يشعر فيها الطفل بالارتباك والخوف أو بالغيرة، ولا يدوم هذا النوع من التلعثم طويلاً، بل يختفي تدريجاً خصوصاً إذا ترك الطفل على منواله من دون أي ملاحظات من الأهل أو من دون أي تشجيع له ليعيد ما قاله ببطء. أما التلعثم المستديم فهو ذاك الذي يظهر عند الأطفال بعد السادسة من العمر وينتشر بين الذكور من الأولاد أكثر من البنات، وقد يكون موجوداً لدى أحد أفراد الأسرة، وينصح لعلاجه بعدم اظهار اهتمام زائد إزاء المشكلة. وينصح الخبراء في حال ساءت حال الطفل على رغم اتباع هذه المحاولات كلها بقصد المراكز المتخصصة في علاج عيوب النطق والكفيلة بمعالجة المشكلة.