اقدمت جنى التي تسكن الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت بعض سكانها ينتمون الى "حزب الله" على ابرام عقد للمتعة بعد ان احبت "بإخلاص" وضربت عرض الحائط "بالتقاليد" التي نشأت عليها. وتعتبر البيئة الاجتماعية والمأزق العائلي اللذين عاشت في كنفهما سبباً اساسياً لاقدامها على هذه الخطوة. تعيش جنى في منطقة مكتظة بالسكان، فهي تسكن في منزل متواضع يملكه جدها ويخلو من الشباب. انتقلت إليه منذ صغرها بسبب طلاق والديها. عانت جنى من وضعها العائلي فوالدها تخلى عنها ولم يكن مسؤولاً عن مصاريفها، فيما تزوجت أمها مرة ثانية ولم توفق. اما خالاتها فوضعهن ليس بأفضل لانهن تزوجن وتطلّقن بدورهن. هذا المأزق العائلي جعل جنى تستبعد فكرة الزواج خوفاً من الفشل، لذلك فضلت "عقد المتعة" ظناً منها ان ما تفعله بالحرام يمكن ان يكون حلالاً. عندما بلغت جنى الثامنة عشرة احبت رجلاً يكبرها سناً، لكنه يمتاز "بشخصية جذابة". كان يقطن في المنطقة نفسها، ملتزم دينياً، ذو لحية طويلة نسبياً، يملك متجراً صغيراً يقفله نهار الجمعة للصلاة ويضع على احد جدرانه صورة لرجل دين. اخذت جنى تتردد الى محله باستمرار فنشأت بينهما صداقة. كانت تروي له همومها ومشكلاتها العائلية وبعد مقابلات سرّية حاول التقرب منها وتقبيلها. رفضت، لكن مقاومتها لم تصمد طويلاً، وسرعان ما استسلمت لعواطفها ومشاعرها، فتطورت علاقتهما شيئاً فشيئاً. وتقول جنى: "كنت واعية جداً لما أفعله، وكنت مستعدة لتقديم كل شيء بدافع الحب". في ذلك الوقت عرّفها حبيبها على "عقد المتعة" فرحبت بالفكرة وقالت: "ارتحت نفسياً اكثر وأحسست انني أرضيت ربي"!! بالتأكيد عاشت جنى حالة فصام بين شخصيتها غير الملتزمة دينياً وبين العقد الذي ابرمته. في تلك المنطقة الملتزمون دينياً هم الذين يقدمون على مثل هذه الخطوة، لذلك ربما يكون العقد الذي عرفها حبيبها به قد اراح نفسيته وشعر هو ايضاً بأنه أرضى ربّه!!! واتمت جنى واجبها "الشرعي" في شقة قريبة من سكنها. كانت تفعل ذلك بسرية تامة ومن دون علم اهلها. وتروي: "كنت سعيدة جداً لأنني حققت ما أريد مع من أحب". ولكنها لم تكن تعلم ان هذه السعادة الموقتة الناجمة عن العقد الموقت ستكون مصدر تعاسة لها، وكانت تجهل انها "تقدم الحب لرجل لا يستحقه" بحسب تعبيرها. مارست جنى حياتها الزوجية في تلك الشقة فقط مرتين في الأسبوع، وبعد مدة، عرضت عليه ان يكون لهما بيت خاص يعيشان فيه لانها اصبحت تنزعج من الوضع الموقت، "كنت أبكي عند لقائنا لأنني كنت اشعر انه بعد قليل سيتركني". لم تكن جنى تعلم انها في قرارة نفسها بدأت تميل الى الاستقرار والزواج الدائم الذي يبقى كما تقول المؤسسة الوحيدة الناجحة. ونتيجة غيابها المتكرر عن البيت علم اهلها انها على علاقة بشخص ما من دون ان يعلموا بالتفاصيل الأخرى. فراحت تطالبه بالزواج "لأنني أردت ان اعيش حياة طبيعية"، الا انه رفض رفضاً قاطعاً. وتتابع: "عشت حياة بائسة جداً، قدمت الكثير ولم أنل شيئاً لكنني استمريت في مقابلته". في تلك الفترة طرأ تغيير على حياتها. ارتدت الحجاب وبإتقان تام، ولم يعد يظهر منها سوى الوجه والكفين. ولا تعتبر جنى ان حجابها هو رد بل لأنها اقتنعت به، خصوصاً ان حبيبها لم يعارضه باعتبار ان مظهرها الجديد اصبح يناسبه اكثر. وعندما علم والدها منعها من رؤيته وضربها ضرباً مبرحاً من دون ان يحرك "الحبيب" ساكناً. فادركت ان الرجل الذي تحملت من اجله ظلم ابيها لا يكنّ لها مشاعر الحب. ولكن اكتشافها الأمر جاء متأخراً جداً، خصوصاً بعدما تعرفت على شخص آخر اعجبها وطلب منها الزواج فرفضت. وقالت: "كنت اخاف من ان يكشفني وخصوصاً ان لديه طبعاً شرقياً محافظاً لذا لم اتجرأ ان اقول له الحقيقة. عندها فقط انتبهت ماذا فعلت بنفسي، لكن الأوان كان قد فات". فكرت جنى ان تجري عملية "رثق غشاء البكارة" ولكنها خافت من عدم نجاحها. عندما علم حبيبها بمعرفتها بذلك الشخص شعر بالغيرة واتصل بها وأخبرها بأنه سيتقدم منها رسمياً ليخطبها. فقضت معه 3 اشهر جميلة، لكنها كانت تجهل انه بعد هذه السعادة القصيرة ستبدأ رحلة جديدة من العثرات، إذ اعتمد خطيبها خطة جديدة لتيئيسها ودفعها الى طلب الطلاق. وقالت: "لم يعد يلمسني او يكلمني، وحاول دائماً اهانتي امام الناس وبدأ يخرج مع اخريات كما كان يفعل معي سرياً ويكلمهن هاتفياً امامي حتى شعرت بالاستعداد للانتحار لكي ارتاح، وأراد ان يطلقني". وتضيف "شمت بي اهلي وأقاربي وخصوصاً ابي الذي عاد يضربني مجدداً ولم اعد احتمل الوضع، فرجوته ان يطلّقني". وتعتبر جنى "انها لم تفعل شيئاً حراماً"، ولكن ما هو مقبول دينياً من الممكن ان يكون مرفوضاً اجتماعياً. ويقول جهاد الزين وهو شاب في العقد الثالث من العمر وملتزم دينياً: "انا مع عقد المتعة، وبأي حال من الأحوال مهما كان عمر الفتاة". لكنه كأي رجل شرقي يرفض ان يتزوج من فتاة اذا فقدت عذريتها بسبب عقد المتعة. اما محمد الذي لا ينتمي الى اي حزب وهو غير ملتزم دينياً فيقول: "لا أقبل تلك الفكرة ابداً خصوصاً للعذراء لأنه اذا قامت كل عذراء بذلك يصبح البلد منفلتاً من كل الضوابط الأخلاقية"، ولفت "الى ان الفتاة إذا ارادت ان تقيم علاقة بناءً على عقد متعة فالأفضل ان تفعل من دون ذلك العقد". اما هيثم دلباني غير المتشدد دينياً فيعتبر: "ان العقد فيه اهانة للرجل والمرأة على السواء". وقال: "إن كل عقد يجب ان يوثق وهذا يحصل من دون اتباع لشروط الزواج". وإذا كان عقد المتعة غير مقبول في تلك الأوساط بالنسبة الى العذراء فإن بعض الشباب يقبلون بعقد المتعة للمطلقة او الأرملة. هذا ما قاله محمد عبيد الملتزم جداً والذي لا يقبل إقامة عقد مع عذراء. اما نورما الملتزمة فتعتبر ان "زواج المتعة في ايامنا اصبح حلاً نظراً للظروف الاقتصادية التي يعيشها الشاب، فضلاً على ان بعض المراجع الدينية الشيعية هي التي تتحمل ما يقدم عليه الشباب والفتيات". بين موافق ومعارض يبقى "عقد المتعة" مثاراً للجدل في المجتمع المحافظ والمنفتح على حد سواء!