تحتل اللغة الانكليزية المرتبة الاولى بين اللغات الاجنبية بالنسبة الى الشباب المصري سواء في اقبالهم على تعلمها او في استخدامهم مصطلحات منها في كلامهم اليومي. ولا يمكن التأكيد أن الشباب المصري يتقن اللغة الانكليزية. فهو غالباً ما لا يعرف منها الا كلمات معدودة، وقليلون يستطيعون فهمها لدى قراءة مادة مكتوبة ونسبة اقل تستطيع اتقانها كلغة حية للحوار أو المتابعة الدقيقة. واذا تجولت بين كليات جامعة القاهرة او جامعة عين شمس ستجد الطلبة يرددون مفردات انكليزية مثل Sorry أو goodmorning أو all right أو as you like أو see you later أو good bye أو call me أو please او غيرها من المفردات البسيطة. ولن تقع على مسمعك كلمة فرنسية الا اذا مررت بقسم اللغة الفرنسية في كلية الآداب او اللغات. ولن تصادف من يتبادل جملاً كاملة باللغة الانكليزية، او حتى حواراً قصيراً، اللهم الا الذين تخرجوا في مدارس أجنبية للغات ودرسوا اللغة الانكليزية بعمق وإصرار منذ مرحلة الحضانة وصولاً الى الثانوية. فماذا يقول الشباب عن مكانة اللغات الاجنبية في حياتهم، والسبب وراء تفضيل احداها على الأخرى؟ يقول شادي محمود وهو طالب في كلية التجارة إن اللغة الانكليزية قريبة من ألسنة الشباب في الجامعة ويجد أن ذلك طبيعي ويوضح: نحن ندرس في مدارسنا الاعدادية والثانوية اللغة الانكليزية كلغة اجنبية اولى، ونقرأ بها قصصاً وروايات وقواعد لغوية، اما اللغة الفرنسية فلا تدرس في غالبية مدارسنا إلا كلغة ثانية لمدة سنتين فقط في المرحلة الثانوية وبأسلوب مبسط لا يتيح فرصة اتقانها. فينشأ الشباب وهو لا يعرف منها الا القليل القليل. وغالبا ما تنسى بمجرد تخطي المرحلة الثانوية لأن معظم الكليات يعنى بدراسة اللغة الانكليزية في بعض المواد، وهناك الكليات العلمية ككلية الطب والعلوم والزراعة التي تدرس المواد كلها باللغة الانكليزية". وهذا ما يؤكد أن ميل الشباب الى الغة الانكليزية اكثر من الفرنسية يرتبط الى حد كبير بالنظام التعليمي داخل الجامعات المصرية، حتى أن بعضاً ممن تعد الفرنسية لغتهم الاجنبية الاولى لأنهم درسوها في المدارس الفرنسية مثلاً، اضطر الى التحول نحو الانكليزية في الدراسة الجامعية، خصوصاً اذا التحق بالفروع العلمية. بل ان تقدمهم للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه من الجامعات المصرية يشترط عليهم تقديم رسالتهم او اطروحتهم باللغة الانكليزية. اضافة الى ذلك، يطلب من طلاب الدكتوراه تحقيق مستوى معين في امتحان ال"توفل" في ما عدا طبعاً الدراسات العليا في اقسام اللغة الفرنسية في كليات الآداب أو الألسن. من جهة اخرى يؤكد الشباب ان ذلك الاقبال على الانكليزية يتفق مع الثقافة العامة السائدة في المجتمع في شكل عام. فحتى الأفلام السينمائية في دور العرض تعرض الافلام الاجنبية الانكليزية، ونادراً ما يتم عرض افلام سينمائية باللغة الفرنسية، وكذلك الافلام والبرامج التلفزيونية ونشرات الاخبار باللغات الاجنبية. ويرى بعض الشباب ان دراسة اللغة الانكليزية أسهل من الفرنسية، ومن مؤيدي هذا الرأي رامي عبدالله وهو طالب في المرحلة الثانوية: "أنا أجد أن اللغة الفرنسية لغة صعبة في دراستها، فمثلاً كثير من حروفها المكتوبة لا تنطق، وتحتاج الى "لكنة" معينة في نطقها لا نستطيع اتقانها، كما ان قواعدها اللغوية grammaire شواذها اكثر من ثوابتها، فكم من افعال شاذة في تصريفاتها، وكل فعل يختلف في تصريفه مع الضمائر المختلفة، فالحفظ الذي تتطلبه دراستها لا يستهوي الكثيرين". وترى شيري يوسف وهي طالبة في قسم اللغة الفرنسية في كلية الآداب أن الفرنسية لغة رقيقة تجتذب اليها الشابات اكثر من الشبان، وتقول: "جذبتني دراسة اللغة الفرنسية منذ المرحلة الثانوية، وكنت استمتع بدراستها، وقد اهلني مجموع علاماتي في اللغات الاجنبية ودراستي الثانوية للغة الفرنسية لأن التحق بقسم اللغة الفرنسية في كلية الآداب. ووجدت في دراستها نوعاً من التفرد والتمييز، لأن الكثيرين يعرفون اللغة الانكليزية ويقبلون على تعلمها، أما الفرنسية فتعاني نقصاً شديداً، وأعتقد ان إتقانها يتيح لي فرصاً في العمل. ويرى الشباب من جهة اخرى أن اتقان اللغة الانكليزية اصبح ضرورة للحصول على فرصة عمل في سوق عمل اصبح يبحث عن التميز وليس فقط عن المؤهلات الجامعية. وأصبح الشباب الجامعي يعرف تمام المعرفة ان اتقان الانكليزية الى جانب الكومبيوتر اصبح شرطاً اساسياً لوظائف كثيرة. لذلك اصبحوا يكافحون في هذا الاتجاه بإصرار، وإن كانت تواجههم بعض الصعوبات. ويقول وليد السيد الذي تخرج حديثاً: "بعد أن أنهيت دراستي الجامعية في كلية التجارة، وجدت الكثير من الوظائف التي تشترط اتقان اللغة الانكليزية، خصوصاً في الشركات الاستثمارية الكبرى، وعلى رغم انني خريج جامعي ودرست اللغة الانكليزية لمدة عشر سنوات، الا انني تخرجت ولا استطيع ادعاء اتقان هذه اللغة. فبالكاد استطيع ان افهم بعض المطبوعات البسيطة، لذلك اتجهت للدراسة في أحد مراكز تعليم اللغة الانكليزية. وبعد تحديد مستواي، درست مدة ستة شهور، ومع ذلك لم استطع ان انجح في الحصول على عمل لأن اتقاني الحوار ما زال صعباً، خصوصاً أن اللهجات التي نسمعها من الاجانب تختلف عما ندرسه. ولا انكر ان محاولة اتقان تلك اللغة، لا يزال حلم الكثيرين من الشباب في مصر، وان كان معظم المستخدمين لبعض الكلمات الانكليزية يستخدمونها كنوع من الوجاهة الاجتماعية والظهور بمستوى راق". وبصفة عامة في اي تجمع شبابي تجد الشباب يتكلمون اللغة العربية العامية من دون الفصحى، وتتخللها بعض المفردات الانكليزية والاخرى الخاصة بعالم الشباب مثل "روش"، "طحن"، ولا مانع من بعض المفردات العربية الفصحى التي تجد من يسأل عن معناها تماماً مثلما يسأل عن معنى كلمة انكليزية لا يعرفها!