تراجعت الولاياتالمتحدةوبريطانيا عن تعهداتهما بعرض خطة "خريطة الطريق" لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي خلال الايام القليلة المقبلة وذلك بعد مضي اسبوع فقط على اطلاق تلك التعهدات التي تزامنت مع بدء الحرب على العراق في خطوة اثارت غضب القيادة الفلسطينية. جاء ذلك فيما تنفذ الحكومة الاسرائيلية "مخططات خطرة للغاية"، على حد تعبير وزير الاعلام والثقافة في السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربه، بما في ذلك توسيع نطاق اعمال القتل التي حصدت خلال الساعات الاربع والعشرين الاخيرة ستة شهداء من بينهم طفلة في العاشرة من العمر. عكست تطورات الحرب على العراق على القضية الفلسطينية التي حاولت واشنطن ولندن استغلالها لتخفيف حدة الرفض العالمي الجارف لهذه الحرب. وردت القيادة الفلسطينية بقوة على الانباء التي تحدثت عن طلب تقدم به رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمود عباس ابو مازن من بريطانيا واميركا بتأجيل عرض "خريطة الطريق" الى ما بعد الحرب في اجراء تطابق مع مطالب الحكومة الاسرائيلية بزعامة ارييل شارون. وقال وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه في اعقاب اجتماع للقيادة الفلسطينية ترأسه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وشارك فيه اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله امس ان واشنطن ولندن هما اللتان طالبتا بارجاء عرض الخطة مضيفا ان ذلك جاء من اجل "التغطية على موقف بعض الاطراف الدولية التي تريد ان تتنصل من خريطة الطريق"، في تلميح الى واشنطن. واردف عبد ربه في حديث للصحافيين امام مقر المقاطعة "كل من يصدق التعهدات الاميركية والبريطانية واهم". وقال مصدر فلسطيني مسؤول ل"الحياة" ان هذا التراجع كان متوقعا لعلمنا بالضغوط التي تمارسها حكومة شارون على الادارة الاميركية وهذا التطابق المخيف في المواقف المعادية للفلسطينيين". وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تلقى مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر قبل التئام اجتماع القيادة الفلسطينية الذي تناول الحرب على العراق والمخططات الاسرائيلية الخاصة بتوسيع جدار الفصل العنصري على حساب اراضي الضفة الغربية. ودان بيان القيادة بشدة العدوان على "الشعب العراقي الشقيق والعظيم الذي ينزف دماً في مواجهة العدوان والحرب العدوانية". كما طالب اللجنة الرباعية الدولية بالتدخل والعمل على وقف مخططات اسرائيل الخطيرة جداً المتمثلة بضم اقسام واسعة من اراضي الضفة الغربية على طول الخط الاخضر وفي الاغوار "لتحويل الضفة الغربية الى كانتونات مفصولة عن بعضها البعض لمنع اي امكانية لاقامة دولة مستقلة". واشار البيان الى ان اسرائيل "تستغل الحرب وتستخدمها غطاء لتنفيذ تلك المخططات". شارون يرفض "مبادرة" موفاز وفي تطور لافت رأى بعض المحللين انه مجرد "لعبة" يمارسها رئيس الوزراء الاسرائيلي للتودد الى الرئيس الاميركي جورج بوش وعدم احراجه في هذه المرحلة، رفض مكتب شارون ما اعلن امس الاول عن عرض رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي ورئيس موساد سابقاً افرايم هليفي "مبادرة سياسية" اسرائيلية بديلة من "خريطة الطريق". ونقل عن مسؤولين في رئاسة الحكومة الاسرائيلية ان لا علم لها بهذه المبادرة ولم تطلع على ما جاء فيها. وقال هؤلاء ان شارون ما زال ملتزماً ب"خريطة الطريق" وفقاً للخطوط العريضة التي وردت في خطاب بوش الشهير في حزيران يونيو من العام الماضي "على ان تتضمن تعديلات اسرائيل عليها". وكان وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز طلب من رؤساء الاجهزة العسكرية والامنية الاسرائيلية المختلفة بلورة مبادرة سياسية اسرائيلية لعرضها على الفلسطينيين بعد انتهاء الحرب على العراق. واعلن موفاز انه لم يوافق على ما جاء في الورقة التي قدمها هليفي، نافياً في الوقت ذاته انه عمل على اعداد مبادرة سياسية وقال انه طالب فقط ببلورة "الاهداف الاستراتيجية" لاسرائيل. ورفض شارون مبادرة اقطاب المؤسسة العسكرية الاسرائيلية التي تستند الى ضرورة ان يتنازل الفلسطينييون عن حقهم في العودة وان يعلنوا انتهاء الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي مقابل موافقة اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية. ولن تطبق هذه المبادرة حسب واضعيها الا بعد "وقف اطلاق النار وانتهاء الاصلاحات الفلسطينية". وجاء هذا الرفض عشية توجه وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم الى واشنطن لاجراء محادثات مع المسؤولين في الادارة الاميركية بشأن "خريطة الطريق" واليات ادخال التعديلات الاسرائيلية عليها قبل الاعلان عنها. وتردد في الايام الاخيرة ان شالوم يدرس امكان ارجاء زيارته الى واشنطن، فيما اعتبر ايماءة اسرائيلية للتدليل على الموقف الرافض لعرض هذه الخطة خلال ايام كما كان قد اعلن مسؤولون اوروبيون وحتى اميركيون. وقرر شالوم في اعقاب اعلان واشنطن عن تأجيل موعد عرض "الخريطة" التوجه الى واشنطن. المجازر تتواصل وشيع الفلسطينيون في بيت لحم امس جثمان الشهيد موفق بدران 40 عاما الذي قتل هو وثلاثة فلسطينيين اخرين بينهم الطفلة كريستين سعادة 10 اعوام فيما اصيب ثلاثة من افراد اسرتها خلال هجوم بالرشاشات نفذه افراد من "القوات الخاصة" الاسرائيلية في وسط المدينة امس. ويرتفع بذلك عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلال اربع وعشرين ساعة الى ستة شهداء اذ قتلت قوات الجيش الاسرائيلي شابا فلسطينيا لم تعرف هويته بعد بالقرب من مستوطنة "موراغ" لمقامة على اراضي قطاع غزة. واثارت عملية قتل المواطنين الاربعة، ومن بينهم شابان قالت مصادر اسرائيلية انهما من كوادر "حركة المقاومة الاسلامية" حماس سخطا وغضبا شديدين في اوساط الفلسطينيين، لا سيما اولئك الذين شهدوا تفاصيل الجريمة. وقال شهود عيان ان عددا من افراد "القوة الخاصة" الاسرائيلية اطلقت نيران اسلحتها بشكل مفاجئ على سيارتين وسط مدينة بيت لحم ما ادى الى سقوط الشهداء الاربعة من بينهم الطفلة كريستين. وبينما ترك الجنود الشابين ينزفان على قارعة الطريق لمدة طويلة، قام الجنود بنقل افراد عائلة الطفلة الشهيدة الى مستشفى عين كارم في القدس. وقال احد افراد عائلة سعادة: "انهم الاسرائيليين مثل الاميركيين يقتلون العراقيين ويقولون انهم يريدون انقاذهم بينما يقتلون ابنتنا ثم يدعون انهم يريدون انقاذ والدها وشقيقها". وواصل الجيش الاسرائيلي عمليات الدهم والاعتقال واقتحام القرى الفلسطينية سيما المحيطة بمدينة جنين التي تخضع لحظر التجول لليوم الرابع على التوالي. وافاد شهود عيان ان الجنود الاسرائيليين اطلقوا النار باتجاه طلبة مدرسة سيريس القريبة من جنين واصابوا اثنين منهم ومنعوا سيارات الاسعاف من نقلهم الى مستشفى مدينة جنين.