ايقظت صفارات الانذار سكان المدينة التي يسكنها خمسة ملايين شخص، حوالى الساعة 35،5 بالتوقيت المحلي 35،2 تغ قبل ان تضيء السماء بقذائف المدفعية المضادة للطيران مع شروق الشمس. وتلى ذلك دوي عدد من الانفجارات. في حين انطلقت طائرات فوق الرؤوس وفتحت بطاريات المقاومات الارضية العراقية نيرانها. وانطلقت صفارات الانذار في غضون دقيقة من اول ضربة من الغارات الجوية. وقال شهود عيان من وسط المدينة ان الانفجارات في ما يبدو جاءت من الضواحي الجنوبية. وكانت تسمع انفجارات قوية وتشاهد اعمدة من الدخان تتصاعد من محيط المدينة. فيما قال شهود عيان أن صاروخاً انفجر في المدينة، واستمر القصف نحو ربع ساعة ثم عاد الهدوء. وانطلقت بضع سيارات مسرعة في شوارع بغداد المهجورة. ولم يتأثر التيار الكهربائي في وسط المدينة. وارتفعت اعمدة كثيفة من الدخان الاسود من الشرق بعدما تعرض الهدف نفسه للقصف ثلاث مرات او اربع. وهزت في ما بعد بضعة انفجارات وسط المدينة. وكانت اولى عمليات القصف بدأت بعدما دوت صفارت الانذار في العاصمة العراقية في حوالى الساعة 35،5 بالتوقيت المحلي 35،2 تغ. ووقعت غارة ثانية بعد نصف ساعة من الاولى بعيد الساعة 00،6. فيما استهدفت مجموعة ثالثة من الغارات جنوب شرقي بغداد في الساعة 36،6 بالتوقيت المحلي صباح أمس. وصرح مسؤول عراقي بأن الهجمات الاميركية الاولى استهدفت "مواقع ومنشآت عسكرية". وتصاعدت اعمدة من الدخان الاسود من المنطقة التي تعرضت للقصف الذي كان من الصعب تحديد هدفه بدقة. وقال محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي ان بغداد تعرضت أمس لهجمات جوية صاروخية أسفرت، الى جانب مقتل مدني، عن سقوط عدة جرحى. وقال ان الغارات أصابت مباني خاوية تابعة لمحطات تلفزيونية واذاعية وآخر للجمارك في منطقة الرطبة. واكد الوزير العراقي ان القصف الاميركي استهدف كذلك "منطقتين مدنيتين في ضواحي بغداد احداهما منطقة الدورة". وأعلن المدير العام للاعلام في وزارة الاعلام عدي الطائي انه "بحسب المعطيات الاولية سقط عدد من الجرحى في القصف الذي استهدف مواقع مدنية في منطقة الدورة جنوب غربي بغداد حيث تقع مصفاة نفط. واوضح الطائي ان عدد المدنيين المصابين بلغ عشرة أشخاص. وقال زملاء فلسطيني من الاردن يعمل سائق سيارة اجرة ان زميلهم قتل أمس عندما ضربت صواريخ اميركية بناية خارج العاصمة العراقيةبغداد، حيث توقف لاجراء مكالمة تليفونية. وقال سائقون آخرون يعبرون الحدود الى الاردن ان زميلهم احمد توقف لاجراء اتصال هاتفي من مركز عام للاتصالات عندما سقطت قنابل اميركية. وقال سائق شاحنة ذكر ان اسمه ربحي، ان الطائرات الاميركية التي قصفت المبنى قتلت زميله مشيراً الى ان احد ركاب السيارة الأجرة اصيب. وعلم أن القتيل فلسطينيا من مدينة نابلس في الضفة الغربية هو احمد محمد وليد راغب الباز 30 عاما وهو سائق يعمل بين بغداد وعمان ويقيم مؤقتا في العاصمة الأردنية. وقال أكرم ابو سماحة زميل القتيل انه شاهده تحت انقاض مركز للاتصالات على الطريق بعد أن علم بوفاة الباز من زميل عراقي قال ان اسمه ابو محمد كان معه لحظة وقوع الحادث. وبدت شوارع بغداد المضاءة، مقفرة لا يغامر في السير فيها سوى قلة قليلة من السكان، بينما مزّقت الصمت بين حين وآخر ابواق سيارات الاسعاف. وامام فندق فلسطين حيث تجمع الصحافيون كان موظفون يكنسون الساحة وموظف آخر يؤدي الصلاة. وعند احدى محطات الوقود وقفت ثلاث سيارات اسعاف وسيارة شرطة تنتظر دورها للتزود بالوقود. واستمرت الانفجارات المتفرقة تهز ضواحي بغداد بعد 100 دقيقة من بدء الغارات الجوية. وقال شهود عيان في وسط المدينة ان موجة الغارات التي شنتها الطائرات عند الفجر لم تتكرر، ما يشير الى ان الانفجارات اللاحقة ناجمة عن صواريخ أطلقت عن بعد. وعاد الهدوء الى بغداد صباحاً بعد عمليات القصف الاخيرة، الا ان الطرق بقيت مقفرة. وظلت المحلات التجارية مقفلة، فيما انتشر فدائيو صدام في الشوارع الرئيسية، لا سيما امام مراكز حزب البعث والقصور الرئاسية العراقية، بلباسهم العسكري وحملوا بنادق "كلاشنيكوف" في شارع السعدون التجاري الشهير، يراقبون المفترقات الى جانب عناصر الشرطة باللباس الازرق. فيما اتخذ مسلحون آخرون مواقع لهم وراء اكياس من الرمال تم تكديسها امام المباني الرسمية. واستعادت المدينة الحياة تدريجاً. وبدأ المسلحون يسترخون بعض الشيء وجلسوا على الرصيف لتناول الشاي بينما قامت النساء مرتديات وشاحا اسود طويلا بشراء بعض الحاجات. وشاهد مراسلو وسائل الإعلام في قطر تسع طائرات اميركية مهاجمة تنطلق بين الساعة 30.00 و30.01 بتوقيت غرينتش من قاعدة "العديد" الجوية في قطر ورافقتها طائرتان للتزويد بالوقود في الجو. وذكرت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون أن المراحل الاولى من العمليات العسكرية انطلقت من السفن الحربية الاميركية المرابطة في البحر الاحمر ومنطقة الخليج العربي. وأعلن البنتاغون ان ثلاثة صواريخ عابرة على الاقل من طراز "توماهوك" اطلقت من المدمرة قاذفة الصواريخ "يو اس اس دونالد كوك" الموجودة في البحر الاحمر. وأمكن رؤية ضوء قوي ينير هيكل السفينة في الظلام وسط سحابات من الدخان. وقالت الوزارة ان صواريح من طراز كروز وقنابل دقيقة التصويب يتم توجيهها باستخدام الاقمار الاصطناعية وطائرات الشبح استخدمت في الهجمات لضرب اهداف للقيادة العراقية العليا قرب بغداد. وصرح قائد بحري أميركي بأن أربعة طرادات وغواصتين أطلقت صواريخ "توماهوك" على العراق في ساعة مبكرة أمس. وأوضح مسؤول أميركي ان كل السفن المشاركة في العملية سفن أميركية. وقال: "الغالبية العظمى من الصواريخ التي أطلقت أصابت الهدف. وفشل صاروخ واحد في الانطلاق".