سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حجم التبادل بلغ بلايين الدولارات منذ عودة العلاقات الى طبيعتها عام 1997 : التجار السوريون المرتبطون بعقود مع العراق في "وضع خطير" ويطلبون تشكيل لجان لدرس الاضرار
تتضارب آراء التجار السوريين المتعاملين مع العراق حول آثار الحرب، فبينما يقدر بعضهم ان "مشكلة كبيرة ستقع"، يرى آخرون ان التجارة لن تتأثر لان "الضربة ستكون سريعة" وتأثيرها لن يدوم طويلاً. وركزت غالبية التجار السوريين تجارتهم على السوق العراقية في الاعوام الماضية وتجاوز حجم التعاملات بين البلدين بلايين الدولارات. ودعا التجار السوريون حكومتهم الى تشكيل لجان من الصناعيين والتجار والدولة لدرس احوال المتضررين. قال رجل الاعمال السوري عرفان دركل الذي يملك تجارة واسعة مع العراق والقادم حديثاً من بغداد: "وميض الامل بدأ بالافول مع بدء الحرب على العراق. كنا نتوقع التوصل الى حل سلمي للأزمة او ان تثمر الجهود في تأخير الضربة الى بعد منتصف نيسان ابريل الى حين تسوية امورنا العالقة، لكن القرار العاجل انعكس بالضرر الكبير على مصالحنا هناك". وأضاف دركل ان العلاقة القوية التي نشأت بين البلدين اقتصادياً في الأعوام الماضية ستضاعف حجم الضرر، إذ ركزت غالبية التجار السوريين تجارتهم على السوق العراقية وتجاوزت الارقام البلايين من الدولارات. واعتبر التجار، الذين يرتبطون بعقود عمل طويلة مع العراق وبنوا أعمالهم على السوق العراقية في الاعوام الاخيرة، انهم في "وضع خطير"، إذ لا يمكن القيام بأي حركة في الوقت الحاضر لأن الوقت ليس في صالحهم. وبعد ان اعطت الحكومة العراقية الاولوية لسورية في استيراد حاجاتها من مختلف السلع، وفق اتفاق النفط مقابل الغذاء والبروتوكول السوري الموقع بين البلدين، احتلت سورية المرتبة الاولى في التعامل التجاري مع العراق سواء مباشرة او عن طريق تجارة الترانزيت. وليس بالسهل تحديد حجم التبادل التجاري بين البلدين، نظراً لطبيعة العلاقة القائمة بينهما. وزاد حجم التبادل التجاري بين البلدين الى نحو خمسة بلايين دولار منذ عودة العلاقات الى طبيعتها بينهما عام 1997، حسب بعض التقديرات، في حين يقدر بعض المراقبين انه يتجاوز ذلك بكثير اذا ما اضيفت التجارة الحدودية واستجرار النفط العراقي ومنطقة التجارة الحرة، التي شهدت حركة مكثفة لتبادل البضائع في الفترة الاخيرة بين البلدين. وقال رئيس اتحاد غرف التجارة السورية الدكتور راتب الشلاح: "تأخذ التجارة اشكالاً عدة ومن الصعب تحديد هذه الاشكال، اذ حاولت سورية خلال الاعوام الماضية ان تجعل العلاقة متينة ومحكومة بتوجهات قرارات الاممالمتحدة، أي بموجب اتفاق النفط مقابل الغذاء. وضمن هذا الاطار اصبح لسورية عقود كبيرة ومتنوعة لتوريد هذه البضائع، لكن في الحقيقة لا تنحصر عملياتنا فقط بهذا النوع من التعاون فهناك رقم لا بأس به من التبادل وفقاً للقرار رقم 20 الصادر عن الاممالمتحدة، والذي يسمح بتصدير 45 سلعة تشمل مستلزمات استهلاكية ومنزلية تكون بعيدة عن المستلزمات العسكرية والدفاعية من دون ان يكون للامم المتحدة أي دور في تمويلها، والرقم الثالث تشكله التجارة الحدودية الناشطة غير الرسمية اذ تملك سورية حدوداً مشتركة وواسعة جداً من الصعب ضبطها". واضاف الشلاح ان قرار الحكومة السورية السماح للمواطنين باصطحاب بضائع بقيمة عشرة آلاف دولار من العراق من دون الحاجة الى الاجراءات والتدابير التي يتطلبها التصدير العادي ساهم في تنشيط التبادل التجاري بين البلدين، اضافة الى تجارة الترانزيت التي حققت ارقاماً كبيرة في الفترة الماضية. وزاد ان الموانئ السورية تستقبل يومياً اربع سفن محملة بالبضائع الى العراق وهناك نحو الف شاحنة تقصد العراق يومياً منطلقة من الموانئ السورية، وبلغت كمية البضائع التي تم نقلها الى العراق عبر هذه الموانئ منذ ايلول سبتمبر وحتى الآن أكثر من 1.5 مليون طن. يضاف الى ذلك كله السياحة الموسمية والدينية المهمة جداً للاقتصاد السوري، إذ أن هناك اعداداً كبيرة من الايرانيين والاتراك يذهبون الى العراق عبر سورية. ولا يقتصر حجم التبادل على الارقام السابقة، بل هناك ارقام مهمة وكبيرة نتيجة البروتوكول الموقع بين البلدين والذي يقوم على عقود موقعة مع الجانب العراقي ولها تخصيص مالي في "المصرف التجاري السوري". وأكد التجار السوريون المتعاملون مع العراق ان المبالغ متوافرة في "المصرف التجاري" لتغطية أي عقد، وعملياً لا يصرف أي عقد الا بعد تسليم البضاعة في بغداد والحصول على ايصال بذلك. والمشكلة الآن، كما يقول احد التجار المتعاملين مع العراق، "ان هناك كثيراً من البضائع المسلمة ولم تصل اشعاراتها الى الآن"، لذلك يدعو التجار السوريون حكومتهم "الى تشكيل لجان من الصناعيين والتجار والدولة لدرس احوال المتضررين كل على حدة". وتتضارب آراء التجار المتعاملين مع العراق حول آثار الضربة، فبينما يقدر بعضهم ان "مشكلة كبيرة ستقع" وان اكثر من 35 مصنعاً ستتوقف عن العمل وآلاف العمال سيسرحون، يرى آخرون ان التجارة لن تتأثر لان "الضربة ستكون سريعة" وتأثيرها لن يدوم طويلاً وسيستأنف صرف العقود الموقعة وفق مذكرة التفاهم، اذ لا يمكن الاستغناء عن التعاون بين البلدين، سواء بوجود هذه الحكومة او غيرها. وقال احد التجار ان السوق العراقية سوق طبيعية لسورية واستراتيجية وستستمر الصناعات السورية في تطوير العلاقات الاقتصادية والتكامل بين البلدين وخلال الحرب سيكون هناك توقف موقت حسب حجم الضربة واهدافها. وكانت العلاقة بين البلدين عادت الى طبيعتها عام 1997 بعد قطيعة استمرت 18 عاماً. الا ان العلاقة التجارية بين البلدين اكتسبت زخمها في الاعوام الثلاثة الماضية بعد تبادل كبار المسؤولين في البلدين الزيارات الرسمية وفتح الحدود امام رجال الاعمال والمواطنين وفتح مراكز تجارية في دمشقوبغداد، تسهيلاً لمعاملات عمليات انتقال البضائع. ووقع البلدان عام 1998 اتفاقاً يتناول اعادة اصلاح خط انابيب النفط الذي تصل قدرته الى 1.4 مليون برميل يومياً ويربط حقول النفط في كركوك شمال العراق بمرفأ بانياس السوري على المتوسط والمتوقف منذ عام 1982. ويتم في اطار اتفاق ثنائي تصدير بغداد بأسعار مخفضة 200 الف برميل يومياً من النفط الذي يستخدم في المصافي السورية، ما يتيح زيادة صادرات سورية النفطية التي لا تتجاوز حالياً 350 الف برميل يومياً. واستؤنفت في آب اغسطس عام 2000 رحلات القطار بين الموصل في شمال العراق وحلب في شمال شرقي سورية، بعد توقف استمر 19 عاماً. وقامت سورية بتسيير خط جوي بين البلدين متحدية قرارات الاممالمتحدة ومن ثم الاتفاق على اقامة منطقة تجارة حرة لتبادل البضائع بين البلدين ورفع قيمة العقود الموقعة في اطار اتفاق النفط مقابل الغذاء. وعلى رغم حرص المسؤولين السوريين على ان يكون النشاط التجاري بين الطرفين محصوراً في اطار قرارات مجلس الامن، التي فرضت الحصار على العراق وضمن اتفاق النفط مقابل الغذاء، أوجد المواطنون السوريون والعراقيون في الفترة الاخيرة تجارة نشطة بكافة الوسائل ومنها السيارات التي تجوب المدن السورية محملة بمختلف انواع السلع ومنها البنزين العراقي الذي يحملونه في خزانات احتياطية داخل سياراتهم وكذلك السلع الغذائية والسجائر.