لامست أسعار خام القياس الاوروبي "برنت" حدود 32 دولاراً للبرميل قبل ان تتراجع، نتيجة تصفية مراكز لجني الارباح، الى 31.80 دولار عند الثانية بعد الظهر بتوقيت غرينيتش. وتزامن ارتفاع الخام مع شكوك وكالة الطاقة الدولية بقدرة منظمة "اوبك" لتأمين امدادات كافية الى الاسواق الدولية فور اندلاع الحرب ما رفع سعر السولار الى مستوى 300 دولار للطن في لندن للمرة الاولى منذ أكثر من عامين بفعل ارتفاع أسعار الخام وضعف المخزون الاميركي من وقود التدفئة. وارتفع سعر "سلة اوبك" الى 30.77 دولار الخميس من 30.52 دولار للبرميل الاربعاء. وساعد في رفع الاسعار ما قاله تجار النفط عن ان الصادرات العراقية قد تتراجع عن ارتفاعاتها في الفترة الاخيرة في وقت لاحق من الشهر الجاري مع احجام المشترين عن شرائه تحسباً من هجوم تقوده الولاياتالمتحدة على العراق. وأضافوا "ان العملاء يرتبون الان الشحنات على اساس يومي". قال الرئيس الجديد لوكالة الطاقة الدولية ان "اوبك" قد تكون لديها طاقة انتاجية غير مستغلة تكفي للحيلولة دون لجوء الدول المستهلكة الى استخدام مخزوناتها النفطية الاستراتيجية في حال شن حرب على العراق. وقال كلود مانديل المدير التنفيذي للوكالة في حديث الى "رويترز" الخميس انه يأمل بأن تتمكن المنظمة من التعامل مع توقف امدادات النفط العراقي ومنع ارتفاع آخر في اسعار النفط. واضاف: "اذا لم تستطع أوبك ذلك فان بامكان الوكالة خلال بضع ساعات اصدار امر بالضخ من الاحتياطات الضخمة المخزنة لضمان تأمين امدادات الطاقة في دول مثل الولاياتالمتحدة والمانيا واليابان". وتوقع مانديل ان تنتج "اوبك" بكامل طاقتها اذا ادت الحرب على العراق الى وقف الصادرات العراقية الى السوق الدولية التي يبلغ حجم تجارة النفط فيها نحو 40 مليون برميل يومياً. وقال: "نتوقع ان يحدث ذلك... لكن في حال عدم حدوثه او اذا لم يكن كافياً سيكون علينا تقويم ما اذا كان هناك نقص لنقرر اتخاذ اجراء ونحن على اتصال وثيق مع الدول المنتجة الرئيسية وعندما نحتاج لاتخاذ قرار سنأخذ في الاعتبار احدث تقديراتنا لطاقتها الفائضة وما اذا كانت كافية لتعويض النقص". ومع تقدير الطاقة الانتاجية الفائضة للمنظمة بين 2 و2.5 مليون برميل يومياً تسيطر السعودية على اغلبها فان الوكالة قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ اجراء. والدول الصناعية الكبرى التي تشكل غالبية اعضاء الوكالة قد تشهد انتكاسة كبيرة في الانتعاش الاقتصادي اذا ارتفعت أسعار النفط، التي اقتربت بالفعل من أعلى مستوياتها منذ عامين، الى 35 دولاراً او 40 دولاراً للبرميل كما حدث اثناء حرب الخليج عام 1991. وتطالب الوكالة، التي تأسست عام 1974 لحماية الغرب من احتمال تكرار الحظر النفطي العربي، اعضاءها بخزن ما يكفي لتغطية الطلب لمدة 90 يوماً على الاقل. وتقترب المخزونات الان مما يكفي لتغطية الطلب لمدة 114 يوماً أي ما يكفي ويزيد لمواجهة أي نقص في الامدادات نتيجة للحرب الا اذا امتد اجل الحرب لفترة أبعد مما يقدره اغلب المحللين العسكريين الغربيين. وقال مانديل: "ان الوكالة لم تتوصل الى حكم مسبق في شأن ما اذا كانت ستحتاج للسحب من المخزون في حال نشوب حرب ولن تتخذ مثل هذا القرار حتى تتوقف الامدادات فعلاً". وأضاف: "سننتظر حدوث اضطراب في الامدادات واذا حدث ذلك يمكننا التصرف خلال بضع ساعات… نحن مستعدون للتعامل مع اي نوع من اضطراب الامدادات ومستعدون للقيام بذلك بسرعة فائقة". واردات أميركا من النفط العراقي وكان استهلاك الولاياتالمتحدة من الخام العراقي زاد بنسبة 24 في المئة في كانون الثاني يناير حتى مع استعدادات ادارة الرئيس جورج بوش لشن الحرب تدعي ان لا علاقة لها بالنفط …. وتحولت الشركات الاميركية في الاسابيع القليلة الماضية بسرعة الى الخام العراقي لتعويض النقص الناجم عن اضراب في فنزويلا مستمر منذ شهرين ادى الى خفض امداداتها الى الاسواق الدولية. وقال بيل اوغرادي من شركة "ايه جي ادواردز للسمسرة" في سانت لويس: "من المفارقات ان اعتمادنا على نفط العراق زاد في الوقت الذي نستعد فيه لقصفه". وقالت مصادر قطاع النفط ان الولاياتالمتحدة حصلت في كانون الثاني على 1.15 مليون برميل يومياً في المتوسط من الخام العراقي أي ما يعادل 13 في المئة من اجمالي وارداتها من النفط ارتفاعاً من 925 الف برميل يومياً في كانون الاول ديسمبر 2002، ويبيع العراق منذ كانون الاول عام 1996 النفط الخام بمقتضى برنامج النفط مقابل الغذاء الموقع مع الأممالمتحدة الذي يعد استثناء من العقوبات المفروضة على بغداد منذ ازمة الخليج عامي 1990 و1991. ويسمح البرنامج للعراق بتصدير النفط واستخدام عائداته في شراء الغذاء والسلع الاساسية لمواطنيه. وعلى رغم ان اغلب الخام العراقي المصدر بمقتضى هذا البرنامج يذهب في نهاية الامر الى المصافي الاميركية الا ان الشركات الاميركية لا تشتري الخام العراقي مباشرة من بغداد بل من شركات وسيطة تحت اشراف الاممالمتحدة ثم تعيد بيعه الى المصافي الاميركية. ويبلغ معدل تصدير الخام العراقي نحو 2.2 مليون برميل يومياً. لكن الصادرات تراجعت منذ اواخر عام 2001 بعدما حدت رسوم اضافية طالبت بها الحكومة العراقية خارج اطار برنامج الاممالمتحدة من اقبال الشركات الدولية على شراء النفط العراقي. ومنذ ان ألغى العراق الرسوم الاضافية في ايلول سبتمبر الماضي زادت الشركات الاميركية باطراد مشترياتها من النفط العراقي على رغم تنامي اصرار بوش على نزع سلاح العراق باستخدام القوة العسكرية اذا تطلب الامر ذلك. وساعدت زيادة الامدادات العراقية المصافي الاميركية على التعامل مع الانهيار المفاجئ في الامدادات من فنزويلا التي تراجعت صادراتها الى نحو 30 في المئة من المستويات المعتادة. وارتفع نصيب الولاياتالمتحدة من صادرات النفط العراقي الرسمية بمقتضى اتفاق مبادلة النفط بالغذاء الى 67 في المئة من 58 في المئة من الامدادات العراقية في كانون الاول. وساعدت زيادة الامدادات من السعودية في سد فجوة الامدادات من فنزويلا على رغم ان خفض امداداتها كان حاداً الى الدرجة التي خفضت مخزونات الخام الاميركي الى ادنى مستوياتها منذ عام 1975. وفي حال نشوب حرب تعهدت الولاياتالمتحدة بتوفير "مظلة امنية" لضمان ان تظل حقول النفط العراقية تضخ النفط ولحماية الاحتياطات من عمليات تخريب من جانب الرئيس العراقي صدام حسين. وقال اري فلايشر، المتحدث باسم البيت الابيض، الخميس "اذا كان لذلك اي صلة بالنفط فموقف الولاياتالمتحدة سيكون رفع العقوبات التي تفرضها الاممالمتحدة على العراق حتى يتدفق النفط… لكن الامر لا يتعلق بذلك بل بانقاذ ارواح عن طريق حماية الشعب الاميركي". وساعد ارتفاع المشتريات الاميركية على زيادة الصادرات العراقية الرسمية في كانون الثاني الى 1.7 مليون برميل يومياً ارتفاعاً من متوسط الصادرات عام 2002 البالغ 1.25 مليون برميل يومياً. وحصلت المصافي الاوروبية على نحو 440 الف برميل من الخام العراقي في كانون الثاني اي ما يعادل 26 في المئة من صادرات العراق الرسمية وحصلت آسيا على 68 ألف برميل يومياً أي نحو سبعة في المئة. وهرب العراق نحو 200 الف برميل يومياً الى سورية عن طريق خط انابيب كما هرب كميات اضافية عبر تركيا. الأممالمتحدة لإدارة قطاع النفط العراقي ومن المتوقع ان يتولى برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للامم المتحدة ادارة قطاع النفط العراقي بعد الاطاحة بصدام. وبمقتضى البرنامج توجه 72 في المئة من عائدات النفط لشراء السلع الانسانية للشعب العراقي... وتوجه 25 في المئة لدفع تعويضات حرب الخليج والباقي يمول تكاليف ادارة الاممالمتحدة للبرنامج بما في ذلك فرق التفتيش التابعة للامم المتحدة.