شهد قطاع البترول المصري في عهد الرئيس حسني مبارك طفرات متتالية في كل مجالات الصناعة، واستطاع أن يستثمر السياسة الخارجية الناجحة للرئيس مبارك لتحقيق العديد من النجاحات التي لم تكن تتحقق لولا وجود الدعم الكامل الذي أولاه الرئيس مبارك للقطاع من منطلق إيمانه بأنه يمثل إحدى الدعامات الأساسية للاقتصاد المصري ودوره الفعال الذي لا يقتصر على توفير المنتجات البترولية للاستهلاك المحلي بل وتوفير فائض من العملات الأجنبية المحلية والتي تسهم في خطط التنمية الشاملة. وشهدت استراتيجيات قطاع البترول طوال ال22 عاماً الماضية متغيرات متلاحقة استجابة للظروف التي شهدتها الساحة العالمية والاقليمية والمحلية، واستطاع القطاع خلالها تحقيق نتائج طيبة. "الحياة" التقت الوزير سامح فهمي لإلقاء الضوء على نجاح القطاع في الفترة الماضية، ومستقبل الصناعات المرتبطة به. كيف تصف ال22 عاماً الماضية بالأرقام؟ - بلغ عدد الاتفاقات البترولية التي أبرمت خلال الفترة 1981-1982/ 2001-2002 للبحث عن البترول والغاز الطبيعي 223 اتفاقاً، وبلغ مجموع ما أنفقته الشركات العالمية العاملة في مصر حوالي 30 بليون دولار في مساحات بحث غطت معظم انحاء البلاد. وبلغ اجمالي عدد الاكتشافات البترولية والغازية خلال الفترة المذكورة 474 اكتشافاً، ساهمت في زيادة الاحتياطات البترولية والغازية. وبلغ حجم الاستهلاك المحلي من المنتجات البترولية والغازات الطبيعية 578 مليون طن وتبلغ قيمته بالاسعار العالمية نحو 90 بليون دولار وبالاسعار المحلية نحو 142 بليون جنيه. كما بلغ اجمالي قيمة صادرات البترول في الفترة المذكورة نحو 5،48 بليون دولار وما آل للخزانة العامة للدولة نحو 128 مليار جنيه. وحقق ميزان المدفوعات فائضاً بلغ نحو 5،31 بليون دولار. كما بلغ اجمالي استثمارات القطاع الوطني 5،10 بليون دولار وبلغ اجمالي استثمارات القطاع الأجنبي نحو 30 بليون، هذا بخلاف استثمارات المشاريع الأخرى التابعة للقطاع الاستثماري. كيف ترى الاستراتيجية المستقبلية للقطاع؟ - تم عرض أول استراتيجية متكاملة على الرئيس مبارك في كانون الثاني يناير 2000 لتوضح بجلاء نجاح القطاع في تنفيذ الاستراتيجية التي وضعت بعناية فائقة، وأن ما تحقق من نتائج أعمال أثبت نجاح الآليات التي تم استحداثها لتنفيذ أهداف الاستراتيجية المتكاملة والتي يرجع الفضل الأكبر في نجاحها إلى الدعم الكامل الذي أولاه الرئيس مبارك للقطاع ووجود الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والمناخ الاستثماري الملائم الذي أعطى قوة دفع هائلة للقطاع. ماذا عن إعادة هيكلة القطاع؟ - شهد عاما 2001 و2002 إعادة هيكلة قطاع البترول ليتضمن أربعة كيانات قوية تتكامل بالتنسيق فيما بينها وهي: الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية والشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول من أجل التركيز والتخصص وتحسين الأداء، واستدعت متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية التي يشهدها القطاع في ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية ضرورة إعادة الهيكلة وتأسيس كل من الشركتين القابضتين للغازات الطبيعية والبتروكيماويات من أجل تنفيذ الأهداف المنوطة بكليهما، إضافة إلى إعطاء دفعات قوية لهيئة البترول لتحسين الأداء، والتركيز على أنشطة البحث والاستكشاف وإنتاج الزيت الخام والتكرير والتصنيع والنقل والتسويق. ما الذي يعكس هذا الاتجاه؟ - الاهتمام الكبير الذي برز أخيراً بكل من صناعة الغاز الطبيعي والبتروكيماويات من منطلق الإيمان الكامل بأهميتها الاستراتيجية وضرورة العمل على توفير المناخ الملائم للانطلاق بتلك الصناعات وذلك عن طريق فصل الأنشطة الخاصة بالغازات الطبيعية والبتروكيماويات عن أنشطة هيئة البترول لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لوزارة البترول مستقبلاً، ومواكبة التطور في أنشطة البترول المختلفة، ودعم الأنشطة الجديدة والمتمثلة في تصدير الغاز الطبيعي والتوسع في استخداماته وكذلك الصناعات البتروكيماوية، إضافة إلى توفير المرونة والسرعة في اتخاذ القرار. ما أهم الأهداف الاستراتيجية للوزارة مستقبلاً؟ - تمثل زيادة ثروات مصر ودعم الاحتياطات وزيادة الانتاج من البترول والغاز الطبيعي أحد أهم الأهداف الاستراتيجية المتكاملة لوزارة البترول، وهي يمثل تحدياً كبيراً نسعى إلى تحقيقه. وتم بالفعل خلال السنوات الثلاث الماضية تطوير خطط البحث والاستكشاف عن البترول والغاز الطبيعي وتكثيف مساحات البحث خصوصًا في المياه العميقة في البحرين الأحمر والمتوسط بعقد المزيد من الاتفاقات البترولية مع شركات عالمية كبرى متعددة الجنسيات التي تمتلك أحدث التكنولوجيات العالمية من أجل تحقيق اكتشافات بترولية جديدة تدعم الاحتياطات من البترول والغاز وتعوض ما يتم إنتاجه. وما شروط تحقيق تلك الأهداف؟ - هذا يتطلب المحافظة على قدرة مصر لتظل منطقة جذب لشركات البترول العالمية وفي الوقت نفسه تطوير الاتفاقات البترولية والغازية لإكسابها الديناميكية الكافية. وبالمناسبة تم تعديل بند تسعير الغاز الطبيعي بالاتفاقات البترولية ووافق البرلمان عليها إذ تم وضع حد أقصى لسعر الغاز وأدى ذلك إلى تحقيق وفر قُدر بنحو 350 مليون دولار منذ تطبيقه في تموز يوليو 2000. ماذا عن اكتشافات السنوات الثلاث الماضية؟ - تم تحقيق 105 اكتشافات خلال السنوات 1999-2002 69 كشفاً للزيت الخام أضافت 550 مليون برميل للاحتياطي، و36 اكتشافًا للغاز الطبيعي أضافت 25 تريليون قدم مكعبة وبذلك يصبح إجمالي الاحتياطي المضاف لاكتشافات الزيت والغاز 9،4 بليون برميل تبلغ قيمتها 63 بليون دولار حصة مصر منها 41 بليون دولار. وماذا عن العشرة شهور الأولى من السنة الماضية؟ - شهدت العشرة شهور الأولى من السنة الماضية تحقيق 25 اكتشافاً 16 للزيت الخام اضافت 72 مليون برميل للاحتياطي و9 للغاز الطبيعي اضافت 1،3 تريليون قدم مكعبة وتبلغ قيمة تلك الاحتياطات 9،7 بليون دولار حصة مصر منها 2،5 بليون دولار. كما تحقق كشفان جديدان في منطقة الرزاق في الصحراء الغربية نتيجة استخدام التكنولوجيا الحديثة حيث تحقق الكشف الجديد شمال الرزاق، وتبلغ احتياطاته 21 مليون برميل والكشف الثاني رزاق - 29 بمعدل إنتاج 7000 برميل يومياً. وأدى ذلك إلى زيادة إنتاج الحقول القديمة في منطقة الصحراء الغربية بحوالي 10 آلاف برميل زيت يومياً من الكشفين الجديدين. وماذا عن الشركات العالمية؟ - انضمت "أباتشي" الاميركية إلى الشركات العالمية الكبرى العاملة في البحر المتوسط وحققت 3 اكتشافات ضخمة للغاز بالمياه العميقة خلال عام 2002، تضيف احتياطات مؤكدة تزيد على تريليوني قدم مكعبة، وتم حفر البئر الرابع منذ شهر ويقدر أن يصل الاحتياطي إلى 3 تريليون قدم مكعبة. كما ستقوم شركة شل العالمية بالبدء في أكبر حملة للبحث عن الزيت والغاز في البحر المتوسط في المياه العميقة جداً التي يزيد عمقها على 2000 متر ومن المخطط حفر 4 آبار بدءاً من آذار مارس 2003. وكم بلغ إجمالي الاستثمارات في هذه الفترة؟ - بلغ إجمالي استثمارات الشركات العالمية في مجال البحث والاستكشاف خلال الفترة المذكورة نحو 7،5 بليون دولار وارتفع اجمالي الاحتياطات الحالية المؤكدة من الزيت الخام والمتكثفات والغاز الطبيعي خلال السنوات الثلاث الماضية من 7،9 بليون برميل مكافئ في تموز يوليو 1999 إلى 14 بليون برميل مكافئ في تشرين الأول اكتوبر 2002. هل يمكن إلقاء الضوء على تطور الغاز الطبيعي؟ - شهدت صناعة الغاز الطبيعي خلال السنوات الثلاث الماضية تطوراً كبيراً في كل جوانبها وطفرة في استخداماتها إذ تنامت احتياطات الغاز الطبيعي بعد اكتشاف حقول عدة في منطقة الصحراء الغربية وشمال الدلتا ومياه البحر المتوسط الضحلة والعميقة، وبلغت الاحتياطات المؤكدة 5،58 تريليون قدم مكعبة من الغاز في تشرين الأول اكتوبر 2002 بالاضافة إلى ما يتراوح بين 70 - 100 تريليون قدم مكعبة احتياطي مرجح مخطط تأكيده خلال الفترة المقبلة. وماذا عن وضع مصر دولياً؟ - تحتل مصر حاليًا المرتبة رقم 17 من بين 102 دولة على المستوى العالمي من حيث الاحتياطات المؤكدة للغاز، وفي ضوء تلك الزيادة المضطردة في نشاط صناعة الغاز الطبيعي تأسست أخيراً الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية لتكون مسؤولة عن نشاط الغاز الطبيعي المتزايد في الآونة الأخيرة وإحكام السيطرة على هذا النشاط الحيوي والتركيز عليه وتكثيف الجهود اللازمة للنهوض بصناعته في ظل الاكتشافات التي تحققت خلال العامين الأخيرين. هذا بالاضافة إلى تنسيق الشركة القابضة بين الشركات التي تعمل في هذا المجال ومتابعة تنفيذ مشاريع تنمية الحقول وإنتاج الغاز للاستهلاك المحلي والتصدير للخارج، وكذلك الترويج للاستثمار في مجال أنشطة الغاز، وإعداد دراسات الجدوى للمشاريع الاستثمارية للغاز، والمساهمة في إدارة خطوطه وصونها وتنفيذ مشاريع تصنيعه وإسالته والمشاركة في القيام بعمليات الاستكشاف والبحث عن الغاز الطبيعي، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات عن صناعة الغاز في مصر، إضافة إلى المساهمة في اختيار مواقع المشاريع المتعلقة بالغاز الطبيعي والتنسيق في شأن تخصيصها. ذلك يعني أن هناك استراتيجية للنهوض بهذا القطاع، فما ملامحها؟ - نحن نركز على تصدير الغاز الطبيعي باعتباره وسيلة لدعم ميزان النقد الأجنبي لقطاع البترول ورفع جزء من العبء الذي يتحمله في سداد كلفة تنمية حقول الغازات الطبيعية الجديدة وتحقيق عائد من النقد الأجنبي لدعم خطط التنمية الطموحة، وذلك من دون أي تأثير على الحاجات المحلية المطلوبة لخطط التنمية المتلاحقة ومن دون الإجحاف بحق الأجيال المقبلة من الطاقة، إذ يتم توجيه ثلث الاحتياطي لخدمة الاستهلاك والثلث للتصدير والاحتفاظ بالثلث رصيداً استراتيجياً للأجيال المقبلة. وتم بالفعل توقيع اتفاق لتصدير الغاز الطبيعي المصري المسال إلى اسبانيا ويتضمن إقامة مصنع لإسالة الغاز الطبيعي بهدف تصدير 4 بلايين متر مكعبة سنوياًَ إلى اسبانيا باستثمارات اسبانية تقدر بنحو بليون دولار، ومن المتوقع بدء التشغيل في نهاية سنة 2004. وماذا عن الاتفاق المشترك مع بريطانيا وايطاليا وفرنسا؟ - وقع الاتفاق بالفعل منذ شهور ويعني تصدير الغاز المصري المسال إلى فرنسا وذلك من خلال إنشاء مصنع لإسالة الغاز يقام في منطقة إدكو على ساحل البحر المتوسط باستثمارات بريطانية وايطالية ومصرية وفرنسية تبلغ نحو 900 مليون دولار لإنتاج نحو 5 بلايين متر مكعب سنوياً غاز مسال. وتبلغ مدة التعاقد مع شركة "جاس دي فرانس" 20 عاماً، والشركة الفرنسية المنوطة باستيراد الغاز، وتشارك في المشروع بنسبة 5 في المئة، وسيتم بدء تصدير الغاز اعتباراً من منتصف عام 2005، بإذن الله. هذا بالإضافة إلى أنه من المخطط إقامة وحدة إسالة أخرى في منطقة إدكو لتلبية حاجات الدول الأوروبية والولايات المتحدة من الغاز الطبيعي جاري تسويق انتاجها. وللعلم أنه للمرة الأولى في العالم يتم إنشاء منطقتين متخصصتين في دمياط ورشيد لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى دول أوروبا في الوقت نفسه. علمنا أن هناك استحداثاً لنموذج اقتصادي جديد للتعاون مع الشركات العالمية، ما حقيقة الأمر؟ - نعم هناك مشروع لاستحداث نموذج اقتصادي جديد بالشركات العالمية من خلال الاستثمار مع هذه الشركات في المشاريع العملاقة لإسالة الغاز وتوفير التمويل اللازم من خلال البنوك العالمية لسداد مساهمة قطاع البترول، بما لا يُحمّل الدولة أعباء هذه الاستثمارات التي يتم سدادها من عائد هذه المشاريع والاتفاق على مشاركة شركات قطاع البترول في تنفيذ هذه المشاريع وهو ما يحقق عائدات إضافية نتيجة قيام هذه الشركات بتنفيذ جزء كبير من ذلك، فضلاً عن العائدات المحققة من المساهمة في المشروع وبيع الغاز الأمر الذي يعظم القيمة المضافة. كما وأن مشاركة الشركات الوطنية في المشروع تساهم في نقل التكنولوجيا الحديثة وإتاحة فرص عمل جديدة للشباب من خلال توسيع دائرة نشاط هذه الشركات. ننتقل إلى الوضع عربياً خصوصاً ما يتعلق بخط الغاز العربي.. ماذا تقول عنه؟ - يمثل اتفاق خط الغاز العربي الذي تم توقيعه مع الأردن وسورية ولبنان في القاهرة لتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى الأردن ومنه عبر الأراضي السورية إلى لبنان ثم غرباً إلى قبرص وشمالاً إلى تركيا والأسواق الأوروبية في مرحلة تالية، نقلة نوعية في اسلوب تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ونواة للسوق العربية المشتركة. وتم بالفعل اتفاق بيع وتوريد الغاز المصري إلى الأردن، وجاري حالياً تنفيذ المرحلة الأولى من خط الغاز العربي العريش - العقبة باستثمارات تبلغ نحو 220 مليون دولار وتشمل إنشاء خط أنابيب بري بطول 250 كيلومتراً وقطر 36 بوصة من منطقة العريش حتى شاطئ خليج العقبة جنوب طابا ثم خط بحري من جنوب طابا إلى ميناء العقبة الأردني بطول 18 كيلومتراً وقطر 26 بوصة في عمق مياه يصل إلى 850 متراً عبر خليج العقبة، وتبلغ طاقة الخط 10 بلايين متر مكعب سنوياً. ويتوقع بدء التصدير في منتصف السنة الجارية ثم تليها المرحلة الثانية داخل الأردن من ميناء العقبة إلى مدينة الرحال على الحدود الأردنية - السورية ثم إلى سورية ولبنانوقبرص وتركيا. ماذا سيحقق الخط للمشروع المصري؟ - سيحقق عائداً إضافياً لمصر من خلال أنشطة هذه الشركات ووجودها للعمل خارج البلاد وفتح أسواق جديدة لها في الدول المجاورة، وإتاحة فرص عمل جديدة أثناء فترة إنشاء وتشغيل المشروع، إضافة الى عائدات النقد الأجنبي من زيادة المبيعات عن طريق المشاريع التي ستنفذها تلك الشركات. إذ يمر خط الأنابيب بمناطق صناعية عدة ويغذي محطات عدة لتوليد الكهرباء على طول مساره في مناطق العقبة، الرشادية، صافي، صهاب، وشمال عمان، وسمرا والرحاب، إضافة إلى استهلاك الغاز الطبيعي للمنازل في المدن الكبرى واستخدامه كوقود للسيارات. ويقدر اجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع ب230 مليون دولار، وسيتم الانتهاء منه في آيار مايو 2005. وماذا عن الاتفاق الذي وقع أخيراً مع الدول المعنية؟ - اتفق جميع الأطراف، مصر وسورية والأردنولبنان، على إنشاء الهيئة العربية للغاز للتنسيق بين الشركات المسؤولة عن إنشاء خط أنابيب الغاز العربي وتملكه وتشغيله ومراقبة أداء عمليات التشغيل على طول مسار خط الأنابيب، والاطلاع على برامج الصيانة على طول مسار الخط لدى الشركات الناقلة والتأكد من تنفيذها، وإجراء الدراسات الفنية لزيادة طاقة التصدير والدراسات التسويقية لاستهلاك الغاز الطبيعي وأسعاره للدول المؤسسة، وكذلك المراجعة الدورية لتعرفة نقل الغاز المار للتصدير، واتفق أيضاً على أن يكون مقر الهيئة في بيروت، هذا بالاضافة إلى إنشاء الشركة العربية لنقل الغاز وتسويقه بمساهمة من جميع الأطراف أيضاً. وتتولى الشركة نقل وتسويق الغاز المصري والسوري المعد للتصدير، ويناط بها المساهمة في تمويل وإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة الخطوط أو أجزاء منها بدءاً من منطقة رحاب في الأردن وحتى الحدود السورية - الأردنية، والحدود السورية - اللبنانية، وبانياس على الساحل السوري والحدود السورية - التركية، وذلك بالتنسيق مع الشركات المعنية في الدول العربية الأربع وأيضاً بالتنسيق مع الهيئة العربية للغاز، واتفق على أن يكون مقر الشركة في دمشق. هل سيؤثر ذلك في الاستهلاك المحلي؟ - لا أعتقد ذلك، فالقطاع استطاع توفير حاجات الاستهلاك المحلي من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي في المكان والزمان المناسبين خلال السنوات الثلاث الماضية بكمية إجمالية نحو 120 مليون طن مكافئ تقدر قيمتها بالاسعار العالمية بحوالى 211 بليون دولار، وتم دعم اسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي في السوق المحلية بنحو 45 بليون جنيه، كما تم زيادة طاقات معامل التكرير المصرية من 30 مليون طن سنوياً إلى 35 مليون طن سنوياً. وخلال الفترة المذكورة تم تشغيل مشاريع بترولية جديدة للوفاء بحاجات السوق المحلية من المنتجات البترولية الرئييسة وخصوصاً السولار والبوتاغاز إذ تمت إضافة 1،2 مليون طن سولار و430 ألف طن بوتاجاز كان يتم استيرادها من الخارج بما يعادل حوالى 600 مليون دولار سنوياً. وماذا تم في شأن مشكلة سلعة البوتاغاز؟ - من أهم النجاحات التي استطاعت الوزارة تحقيقها خلال الفترة المذكورة احتواء مشكلة سلعة البوتاغاز والتي استمرت لعشر سنوات، من خلال دراسة المشكلة واصدار توصيات لحصر أسبابها ووضع الآليات اللازمة لتنفيذ هذه التوصيات. وتم وضع وتنفيذ خطة استهلاك واقعية تتفق مع حاجات المحافظات بالتنسيق والتعاون بين وزارات البترول والتموين والتجارة الداخلية والتنمية المحلية والداخلية والمحافظين. كما تم إنشاء شركة للمساهمة في حل مشكلة التوزيع داخل محافظات الجمهورية مع الاستفادة من الشركة في تعظيم تشغيل الشباب. كما تم أيضاً تكوين مخزون استراتيجي من البوتاغاز الصب على مستوى الجمهورية يكفي استهلاك 10 أيام، واحتياطي لمحطات التعبئة يكفي لمدة 7 أيام، بالاضافة إلى إنشاء عدة خطوط أنابيب لنقل البوتاغاز بالصعيد والدلتا، وبدء تشغيل وتطوير مصانع لتعبئة البوتاغاز تابعة للقطاع الخاص. ذلك يعني أن استراتيجية الحفاظ على البيئة قائمة فعلياً؟ - تماشيَاً مع الاتجاه العالمي وتزايد الاهتمام بضرورة الحفاظ على البيئة تبنت الوزارة استراتيجيات تهدف إلى التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في المنازل في مختلف المحافظات مع ضرورة التركيز على المناطق ذات الكثافات الكبيرة باعتباره البديل الأمثل للمنتجات البترولية السائلة خصوصاً البوتاغاز والسولار بعد تحقيق اكتشافات غازية كبيرة في مناطق الدلتا والبحر المتوسط والصحراء الغربية، إذ تم توصيل الغاز الطبيعي إلى 750 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات ليصل إجمالي عدد الوحدات إلى 85،1 مليون وحدة سكنية مع الأخذ في الاعتبار أنه تم توصيل الغاز إلى 1،1 مليون وحدة خلال ال20 عاماً الماضية. ودخوله خلال السنوات الثلاث الماضية إلى ما يزيد على 20 مدينة جديدة. وتم تأسيس شركات عدة جديدة يساهم فيها القطاع الخاص، إضافة إلى شركتي غاز مصر وتاون جاس وهي: شركة سيتي جاس، شركة وادي النيل للغاز، شركة ناتجاس، شركة ناشيونال جاس، شركة ريبكو جاس، وشركة فيوم جاس، وتتولى القيام بمشاريع توصيل الغاز الطبيعي إلى محافظات مصر المختلفة. وساهم التوسع في تنفيذ مشاريع استغلال الغاز وتنويع استخدامه في تحقيق عدة أهداف استراتيجية منها إتاحة الفرصة للاستمرار في تصدير كميات أكبر من الزيت الخام والمساهمة في خفض معدلات استيراد البوتاغاز بما يساهم في تخفيف الأعباء عن موازنة الدولة. وهل هناك تفعيل لاستخدام الغاز الطبيعي كوقود لوسائل النقل؟ - يلاقي استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات في مصر اهتماماً بالغاً بعد التجربة الرائدة لقطاع البترول في هذا المجال وذلك نظراً إلى مزاياه البيئية والاقتصادية المتعددة ومن أهمها: تلافي الآثار الضارة للملوثات الناتجة عن الوقود السائل، توفير استهلاك الأنواع الأخرى من الوقود للتصدير، رخص ثمنه مقارنة بباقي أنواع الوقود الأخرى السائلة، بالاضافة إلى أنه يحقق أداء أفضل للمحركات وتقليل معدل التآكل مما يطيل عمر مكونات المحرك كما يؤدي إلى انخفاض معدلات تغيير زيوت التزييت لانخفاض تكوين الرواسب. وقد تم حتى الآن تحويل 40 ألف سيارة ملاكي وأجرة وأوتوبيس للعمل بالغاز بدلاً من البنزين أو السولار، كما زاد عدد محطات التموين إلى 58 محطة لتحتل مصر ولأول مرة في تاريخها المرتبة السادسة على المستوى العالمي. ننتقل إلى قضية أخرى وهي البتروكيماويات، ماذا لحق بها من تطور؟ - تحقق صناعة البتروكيماويات في مصر الاستفادة المثلى من احتياطات مصر من الغاز الطبيعي واستخدامه في صناعات تعظم القيمة المضافة وتوفر المواد الأساسية من بولي إيثيلين وبولي بروبلين وبولي فينيل كلوريد وغيرها، اللازم لدعم الصناعات الوطنية التكميلية لصناعة البتروكيماويات وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البتروكيماوية، وتصدير الفائض، وبالتالي توفير النقد الأجنبي مما يساهم في دعم الاقتصاد القومي وتحسين ميزان المدفوعات، هذا بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا المطبقة عالمياً إلى مصر والاستفادة من البنية الأساسية والمرافق والخدمات وتوفير فرص عمل جديدة. ومصر لديها بالفعل كل المقومات اللازمة لوضعها على أعتاب صناعة بتروكيماويات متميزة في منتجاتها وقوية في اقتصادياتها تتمثل في وجود الاستقرار السياسي والاقتصادي والاستثماري، بالاضافة إلى امتلاك مصر موقعاً جغرافياً متميزاً من أسواق أوروبا الغربية واسواق البحر المتوسط والتي تمثل الأسواق الرئيسية للمنتجات البتروكيماوية المصرية. هذا فضلاً عن وجود بنية تحتية بأسعار مناسبة تشجع المستثمرين للاستثمار في مصر وتوفر خبرات فنية متميزة في المجالات المختلفة سواء في التكرير أو الأسمدة أو قطاع البتروكيماويات. أما بالنسبة إلى المادة الخام، وهي العامل الرئيسي لصناعة البتروكيماويات، فهي متوافرة في مصر بأسعار تنافسية وبخاصة الغاز الطبيعي، ولذلك كان من الضروري أن يتم وضع خطة لتحقيق الاستغلال الأمثل لهذا المورد الطبيعي واستخدامه في صناعات تعظم القيمة المضافة للغاز الطبيعي. هل هناك خطة مستقبلية لهذه الصناعة؟ - تم بالفعل الانتهاء من إعداد خطة قومية لصناعة البتروكيماويات في مصر خلال العشرين عاماً المقبلة وعرضها على رئيس الجمهورية، وتهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الامكانات المحلية المتاحة والمحتملة من احتياطات الغاز والبنية التحتية، كذلك العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البتروكيماوية وأيضاً لتصديرها للأسواق العالمية. هل يمكن إلقاء الضوء أكثر على مضمون الخطة؟ - تتضمن الخطة القومية للبتروكيماويات إنشاء 14 مجمعاً للبتروكيماويات 24 مشروعاً، 50 وحدة إنتاجية تقدر استثماراتها بنحو 10 بلايين دولار قيمة حالية خلال 20 عاماً، وذلك لإنتاج 15 مليون طن من المنتجات البتروكيماوية سنوياً قيمتها 7 بلايين دولار تسهم في تلبية حاجات السوق المحلية وتحقق 3 بلايين دولار عائداً سنوياً من تصدير فائض هذه المنتجات، هذا إضافة إلى توفير 100 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة. ومن أجل تنفيذ تلك الخطة الطموح تم تأسيس الشركة القابضة للبتروكيماويات بهدف إيجاد كيان جديد قوي قادر على وضع الآليات اللازمة لتنفيذ الخطة القومية للبتروكيماويات، ومتابعة تنفيذ الخطة القومية لتنمية وتطوير صناعة البتروكيماويات، وإنشاء وتملك المشاريع، والاستثمار في الشركات المصرية القائمة والجديدة أو تملكها والترويج للاستثمار في مجال صناعة البتروكيماويات، إضافة إلى إعداد دراسات الجدوى الأولية للمشاريع واقتراح المواقع التي تقام عليها في ضوء نتائج الدراسات الفنية والاقتصادية، وإعداد الدراسات الفنية الخاصة بالخامات المطلوبة للمشاريع، هذا بالإضافة إلى الاشتراك في أعمال وإدارة وصيانة المشاريع البتروكيماوية، وتقديم خدمات استشارية فنية وإدارية للمستثمرين. وما الانجازات التي تحققت في المجال؟ - تتمثل أهم الإنجازات التي تحققت في مجال صناعة البتروكيماويات في البدء بإنتاج الإيثلين والبولي إيثيلين لأول مرة في مصر اعتماداً على الخامات المصرية بالاضافة إلى انتاج البولي فينيل كلوريد باستخدام الايثيلين المنتج محلياً، وتصدير الانتاج إلى ما يزيد على 30 دولة في آسيا وافريقيا وأوروبا، هذا بالإضافة أيضاً إلى تصدير البروبان لأول مرة في تاريخ مصر من مجمع غازات الصحراء الغربية في الاسكندرية والذي بدأ إنتاجه في آب اغسطس 2000، وتوقيع عقد لبيع الغاز ومذكرة تفاهم مع شركتين عالميتين بهدف توفير الغاز الطبيعي لإنشاء مصنعين لإنتاج سماد الأمونيا بطاقة قدرها 650 ألف طن لكل مصنع. هناك مشاريع عملاقة في خطط الوزارة، ما أبرزها؟ - من أهم تلك المشاريع الكبرى مشروع غازات الصحراء الغربية في الاسكندرية الذي نفذته المصرية للغازات الطبيعية "جاسكو" بهدف معالجة غازات الصحراء الغربية باستثمارات 250 مليون دولار لاستخلاص خليط الايثان/ بروبان بطاقة 470 ألف طن في السنة، المادة اللازمة لتغذية صناعة البتروكيماويات لإنتاج مادة الايثيلين والبولي ايثيلين، بالاضافة الى انتاجه من البوتاغاز البالغ 250 ألف طن سنوياً قيمتها 75 مليون دولار بالأسعار العالمية الحالية بما يساهم في تلبية حاجات السوق المحلية والحد من استيراد البوتاغاز. كما يتم انتاج البروبان للتصدير بطاقة 240 ألف طن سنوياً، بالإضافة الى انتاج 360 ألف برميل سنوياً من المتكثفات. ويعتبر مجمع شركة سيدي كرير للبتروكيماويات "سيدبك" في الاسكندرية أحدث قلاع الصناعة البتروكيماوية في مصر، وتحقق الحلم الذي طال انتظاره لإنتاج أول منتج مصري من المنتجات البتروكيماوية المصرية من الخامات المصرية الغازات الطبيعية خلال عام 2001. وينتج مشروع "سيدبك" مادتي الايثيلين والبولي ايثيلين لتلبية حاجات الصناعات المختلفة من المنتجات البتروكيماوية التي تدخل في العديد من الاستخدامات في مصر، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو بليوني جنيه، وتبلغ الطاقة الانتاجية لمشروع البولي ايثيلين 225 الف طن/ سنوياً لتغطية حاجات السوق المحلية من هذه المادة التي تستخدم في العديد من المجالات المهمة، كما تبلغ طاقة انتاج مشروع الايثيلين 300 ألف طن/ سنوياً، وهي المادة الخام الأساسية التي تعتمد عليها جميع الصناعات البتروكيماوية حيث تدخل في انتاج مادة البولي فينيل كلوريد المنتجة بمجمع شركة البتروكيماويات المصرية. مشروع آخر عملاق هو شركة الاسكندرية للزيوت المعدنية "اموك" الذي تبلغ كلفته الاستثمارية نحو بليوني جنيه ويهدف الى تلبية حاجات البلاد من المنتجات البترولية وتسويقها في الخارج. يقودنا الحديث عن المشاريع العملاقة إلى مشروع ميدور.. ما جديده؟ - بالفعل مشروع ميدور من أهم تلك المشاريع التي اقيمت للمرة الأولى في مصر، ويعد اكبر معمل تكرير في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، ويقع داخل المنطقة الحرة في العامرية بالاسكندرية على مساحة نحو 500 فدان وبدأ التشغيل التجريبي مع بداية عام 2001 بنجاح كبير. وتبلغ طاقة التكرير التصميمية للمعمل حوالى 100 ألف برميل يومياً أي ما يكافئ حوالى 5 ملايين طن سنوياً، وتبلغ الاستثمارات حوالى 5،1 بليون دولار وتعتبر من أضخم الاستثمارات في مصر. وهو مملوك بالكامل للهيئة المصرية العامة للبترول 40 في المئة وشركاتها إنبي 10 في المئة، بتروجت 10 في المئة، وكذلك البنوك المصرية ممثلة في البنك الاهلي المصري 39 في المئة وبنك قناة السويس 1 في المئة. ويهدف الى انتاج منتجات بترولية عالية الجودة ومطابقة للمواصفات الاوروبية لعام 2005 بغرض التصدير وايضاً الوفاء بحاجة السوق المحلية من المنتجات خاصة السولار والبوتاغاز. ويبلغ الانتاج السنوي نحو 180 ألف طن من البوتاغاز وحوالي 2،1 مليون طن من البنزين عالي الأوكتين 95 - 98 وحوالي 900 ألف طن من وقود النفاثات وحوالي 1،2 مليون طن من السولار منخفض الكبريت وحوالي 360 ألف طن من الفحم البترولي بالإضافة الى حوالي 80 ألف طن من الكبريت النقي. ويخصص كل إنتاج المجمع من السولار والبوتاغاز للاستهلاك المحلي مما يوفر على الدولة عبء استيراد معظم حاجاتها من السولار وجزء من حاجات البوتاغاز. مما سبق يتضح أن قطاع البترول بدأ مرحلة الانطلاق الاقتصادي وهي مرحلة تعتمد اساساً على العمل في محاور أساسية عدة وهي: المحور الأول: جذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية والعربية. المحور الثاني: لا بد ان تكون هناك قيمة مضافة للاقتصاد المصري لأي مشروع بترولي يقام على أرض مصر. المحور الثالث: لا بد أن يكون هناك عائد مجزٍ بالعملات الأجنبية والمحلية لأي مشروع من مشاريع قطاع البترول. المحور الرابع: التركيز على تصدير المنتجات البتروكيماوية والبترولية العالية الجودة والتي تتميز بأنها منتجات نهائية تستخدم مباشرة في الاسواق العالمية بالإضافة الى تصدير الغازات الطبيعية بخلاف ما كان يحدث من قبل والذي كان ينحصر في تصدير الزيت الخام وبعض المنتجات البترولية المنخفضة الجودة مثل المازوت والنافتا التي تستخدم في تصنيع المواد الأخرى. وبناءً على هذا الفكر الاقتصادي الجديد سيبدأ الاحساس تدريجاً وبقوة بمدى نجاح قطاع البترول في هذه الانطلاقة الاقتصادية التي أرسى دعائمها الرئيس مبارك بفضل الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمن وتوفير المناخ الاستثماري المطلوب واستحداث عدد من القوانين التي تترجم الرؤية الاستراتيجية الى نتائج ايجابية ملموسة تضيف الكثير للاقتصاد المصري. هذا اضافة الى العمل برؤية جديدة في تحقيق التكامل والتعامل مع قطاعات الدولة الاخرى وفي تفعيل التكامل والتعاون بين قطاعات الدولة.