"من ينافس الرئيس معاوية ولد الطايع على كرسي الحكم" في موريتانيا؟ سؤال يطرحه الجميع هذه الأيام مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة بعد شهور. ويستعد تحالفان سياسيان في البلد، كل على طريقته، للانتخابات المرتقبة. ويلتف أحد التحالفين حول الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع. ومن أهم أحزاب التحالف الرئاسي الحزب الجمهوري الديموقراطي الذي يقوده الطايع نفسه، وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية والتقدم، وتقوده الوزيرة الناهه بنت مكناس، والذي يضم تشكيلات حزبية أخرى لكنها صغيرة. أما التحالف المعارض فمن أهم أحزابه تكتل القوى الديموقراطية الذي يقوده أحمد ولد داداه الذي هو أهم خصوم الحكومة الحالية. ويضم التحالف حزب العمل من أجل التغيير الذي حظرته السلطات العام الماضي بسبب ما ذكرت أنه محاولة لزعزعة الأمن والتحريض الطائفي. وهو، استناداً إلى نتائج آخر انتخابات، مجموعة نشطة وذات قاعدة معقولة. وهناك أحزاب أخرى منها التحالف الشعبي، وهو تشكيلة ناصرية، وحزب الجبهة الشعبية الذي يقضي زعيمه الشبيه ماء العينين حكماً بالسجن خمسة أعوام، وحزب الطليعة الوطنية البعثي المحظور. وفيما بات من المؤكد أن التحالف الرئاسي أقر مرشحاً واحداً هو الرئيس الطايع، لم تعرف بعد في شكل أكيد نيات المعارضة. وتورد الصحف الموريتانية اسماء شخصيات، وتتحدث عن سيناريوهات مختلفة تقول إن هذه الجهة أو تلك وضعتها. ومن بين الأسماء المتداولة الرئيس السابق محمد خونه ولد هيداله. وقالت صحف محلية إن زعماء المعارضة مسعود ولد بلخير زعيم حزب العمل المحظور، وأحمد ولد داداه والشبيه ماء العينين قرروا ترشيحه في إطار صفقة يتعهد بموجبها اجراء انتخابات بعد عامين فقط من فوزه. ويجري الحديث أيضاً عن ترشيح ولد داداه باسم المعارضة. وهناك أنباء عن فشل التحالف المعارض في الاتفاق على مرشح، مما يفتح الباب أمام ترشح مسعود ولد بلخير وولد داداه وعدد آخر من المرشحين الأقل حظوظاً. وسألت "الحياة" مسعود عن صحة الاتفاق على ترشح هيداله، أو أي مرشح موحد آخر، فقال إنه "لم يحن الحديث بعد". ومهما كان الأمر، يبقى من المهم البحث في حظوظ الشخصيات الثلاث المتداولة اسماؤها في الفوز. يحتفظ الموريتانيون بذكريات متناقضة عن فترة حكم هيداله. فهي تحيل مباشرة إلى اكتظاظ السجون وطغيان الأجهزة الأمنية واتخاذ القرارات السريعة وغير المدروسة، لكن في الوقت ذاته يتذكر المواطن رفضه الخضوع لوصفات صندوق النقد الدولي، وكان له اهتمام خاص بالضعفاء على رغم قسوته على الخصوم السياسيين. ولا يعتقد متابعو الشؤون السياسية الموريتانية بأنه سيكون للرجل بريق يعيده إلى سدة الحكم التي وصل إليها في انقلاب عسكري، وأخرجه منها انقلاب آخر. وهو، في نظرهم، قد ينال دعم بعض مجموعات الشمال المؤيدة لجبهة "البوليساريو". كما قد يغري ترشيحه بعض المنتفعين من فترة حكمه من الذين لم يستطيعوا تسوية أمورهم خلال الفترة التي أعقبته، لكنه عموماً لن يتمكن من تعبئة غالبية تسمح له بالفوز. ويبقى المرشح المحتمل الثالث مسعود ولد بلخير، وهويعتبر ولد داداه أكثر مرشحي المعارضة قبولاً، وقد كانت له صدقية عالية، لكن السنوات الأخيرة أضرت بحظوظه وبصدقيته، وحصل ولد داداه العام 1992 على 32 في المئة من أصوات الناخبين في أول انتخابات رئاسية تجري في البلاد على أساس التعددية. وهي الانتخابات التي قالت المعارضة إن الإدارة زورتها لمصلحة الرئيس الحالي. غير أنه بعد ضبط الحالة المدنية في شكل يمنع التصويت المتعدد، ومرور تجربة الانتخابات الاشتراعية الأخيرة من دون تدخل من الإدارة بشهادة أحزاب المعارضة، لا يبدو أن ولد داداه قادر على تسجيل نسبة ال32 في المئة في انتخابات نزيهة لأسباب منها التشرذم الذي عرفه حزبه "تكتل القوى الديموقراطية" والانسحابات المتكررة التي حدثت من هذا الحزب إلى أحزاب أخرى. يضاف إلى ذلك عدم الانسجام بين هذا الحزب وأحزاب أخرى مهمة في الساحة مثل "اتحاد قوى التقدم" الذي انسحب مؤسسوه من حزب ولد داداه، وكذلك مع جماعات حزب العمل المحظور المنسحب هو الآخر من الحزب نفسه.