يدلل سلوك رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون في قضية تشكيل حكومة جديدة الى تعمده عدم استعجال تشكيلها بانتظار تطورات وظروف داخلية واقليمية "ترغم" حزب "العمل" بزعامة عمرام متسناع على الدخول في حكومة "وحدة وطنية"، وهي الحكومة التي يتمناها شارون ويفضلها على خيار تشكيل حكومة يمينية متزمتة لن يصفق العالم استقبالاً لها فضلاً عن ان أيامها قد تكون معدودة. ويرى معلقون في الشؤون الحزبية ان شارون قد يستنفد المهلة الزمنية المتاحة له لتشكيل حكومته، اي ستة أسابيع منذ اعلان الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف تكليفه تشكيلها، وهو اعلان متوقع ان يصدر مطلع الاسبوع المقبل. ويتوقع شارون ان تبدأ في غضون هذه الفترة الحرب الاميركية المشتهاة اسرائيلياً على العراق فيضطر "العمل" تحت وطأة ضغط الرأي العام، الى الدخول في الائتلاف الحكومي بحجة ضرورة تشكيل "حكومة وحدة وطنية" تواجه حال الطوارئ التي ستعلنها الدولة العبرية مع بدء الحرب لمواجهة ما درج على وصفه انعكاسات الحرب على اسرائيل واحتمال تعرضها لقصف عراقي انتقامي. وقال المعلق البارز عمانوئيل روزين لإذاعة الجيش أمس ان شارون سيشرع في تشكيل الحكومة الجديدة خلال الحرب على العراق لأن آخر ما يريده تشكيل حكومة ضيقة تبدو الآن الخيار الوحيد المتاح أمامه حيال رفض متسناع دخول خيمة الائتلاف والاحتمالات الضئيلة لمشاركة حزب "شينوي" العلماني فيه جنباً الى جانب مع الأحزاب الدينية المتزمتة. ويعوّل شارون على نجاح الضغوط التي تمارسها أوساط سياسية واقتصادية على متسناع لإقناعه بالتراجع عن موقفه الرافض الشراكة، واليوم يستضيف كتساف زعيم "العمل" ليحاول هو ايضاً ممارسة نفوذه بحجة ان الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية تتطلب تشكيل حكومة ذات قاعدة برلمانية واسعة تعمر طويلاً وتضع حداً لعدم الاستقرار السياسي الذي تشهده الدولة العبرية منذ عشر سنوات. وتجند العشرات من رجالات الاقتصاد للمساهمة في الضغط على متسناع محذرين من أن الأو ضاع الاقتصادية المأزومة قد تستفحل خلال العام الحالي على نحو غير مسبوق، وانه فقط من شأن تشكيل حكومة "وحدة" ان ينقذ الاقتصاد الاسرائيلي من الانهيار التام. الى ذلك، نشرت "هآرتس" ان رجال أعمال اميركيين اتصلوا أخيراً بسياسيين من "العمل" لتحفيزهم على دخول حكومة "الوحدة". ورشح عن أوساط قريبة من شارون انه يبني حساباته ايضاً على ضغوط داخلية يمارسها رؤساء سلطات بلدية اعضاء في حزب "العمل" على زعيمه لإعادة توليفة "الوحدة" لخشيتهم من ان يلحق جلوس الحزب على مقاعد المعارضة البرلمانية به هزيمة اخرى في الانتخابات المحلية أواخر العام الحالي. وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الاجتماع الوشيك للجنة المركزية لحزب "العمل" يشهد صراعاً بين مؤيدي حكومة "وحدة" وبين معارضيها، فيما أفادت القناة الأولى في التلفزيون الاسرائيلي ان 80 في المئة من ناخبي "العمل" يؤيدون انضواءه تحت خيمة "الوحدة". ورد مكتب متسناع على مبادرة رجال الاعمال بالقول انه يتوجب عليهم التوجه الى شارون بصفته المسؤول المباشر عن الأوضاع التي آلت اليها اسرائيل. وقال قريبون من زعيم "العمل" انه لن يغير موقفه الرافض الشراكة وانه يستمد التشجيع من تأييد مطلق من جميع أركان الحزب باستثناء شمعون بيريز الذي يدعو الى ضرورة التفاوض مع "ليكود" للاستماع الى اقتراحاته. وقال بيريز للتلفزيون الاسرائيلي ان وضع اسرائيل الاقتصادي لا يحتمل وان اقتصادها على شفا الانهيار التام، مضيفاً ان الحل لن يتأتى إلا عبر الحل السياسي للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. من جهتها انتقدت أوساط قيادية في حزب "ليكود" زعيمه شارون على تلهفه لتشكيل حكومة موسعة بمشاركة "العمل" و"شينوي" وإدارة ظهره لحلفائه الطبيعيين المتدينين. ونقل عن قيادي في "ليكود" قوله ان شارون يعامل أقطاب حركة "شاس" الدينية الشرقية بشكل مهين ما قد يضطره الى دفع ثمن باهظ في المستقبل وبعدما يتبين له ان "شينوي" لن تنضم الى حكومته وانه بحاجة الى دعم "شاس".