نقلت مصادر صحافية اسرائيلية مطلعة عن رئيس الحكومة ارييل شارون رفضه القاطع تشكيل حكومة يمينية متطرفة يكون حزب "الاتحاد القومي" المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان أحد أقطابها. وقالت ان خيار حكومة "وحدة وطنية" مع حزب "العمل"، على رغم هزيمته الساحقة في الانتخابات، ما زال على رأس سلم أولوياته. كشفت المصادر الاسرائيلية ان ارييل شارون سيتعمد التباطؤ في اجراء المفاوضات مع الأحزاب المرشحة للانضمام الى حكومته لعل الاسابيع الستة المتاحة أمامه لتشكيل الائتلاف، تحمل معها تطورات ترغم "العمل" وحزب "شينوي" العلماني اليميني على تليين شروطهما للانضمام. ودعا شارون الطاقم الذي شكله للشروع في المفاوضات الائتلافية الى اجراء اتصالات "على نار هادئة" وانتظار "العمل" حتى "ينضج" على نار الخلافات التي تأكل أقطابه. ويبني شارون حساباته المتصلة باقناع "العمل" بالتراجع عن موقفه الرافض قطعياً المشاركة في حكومة بزعامته على تباين مواقف أركان الحزب وعدم مشاركة معظمهم زعيمه عمرام متسناع الرأي في رفض الشراكة في كل الأحوال. ويستمد شارون وقريبون منه التشجيع من موقف عجوز العمل شمعون بيريز الذي يدعو متسناع الى اجراء مفاوضات ائتلافية وطرح شروطه للشراكة مع "ليكود". كما يسعى الى تأليب ناشطين بارزين في حزب "العمل" على زعيمه "ليتمردوا" عليه بعدما يروا أن الخيار الآخر المتاح أمام شارون هو حكومة يمينية متطرفة. وتعمدت تسريبات من مكتب شارون اشاعة أنباء عن استعداده لاغواء "العمل" بحقائب وزارية رفيعة وبمواقف سياسية معتدلة تمكّنه من تبرير دخوله الى الحكومة. ونُقل عن شارون أيضاً تلويحه بسوط تقديم موعد الانتخابات في حال أصر "العمل" و"شينوي" على موقفيهما. ودعا وزراء من "ليكود" حزب "العمل" الى "التجاوب" مع رغبة الاسرائيليين في تشكيل حكومة وحدة وطنية والحيلولة دون ان يكون شارون أسيراً في يد أحزاب اليمين المتطرف. وقالت الوزيرة ليمور لفنات ان المقاعد ال37 التي حصل عليها حزب "ليكود" لا تكفي لقيادته الى الطريق التي يريدها وتعتمد على تبني خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش في حزيران يونيو الماضي "وتنص على مكافحة الارهاب أولاً ثم ادخال اصلاحات في السلطة الفلسطينية وبعدها اجراء مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين بهدف التوصل الى تسوية". ورد الوزير السابق افرايم سنيه العمل على دعوات أقطاب "ليكود" بالقول ان من غير الممكن المشاركة في حكومة يرفض رئيسها برنامج "العمل"، مضيفاً ان حزبه يطالب بشراكة حقيقية و"مثل هذه لن تتحقق حيال التناقض بين طروحات اليمين والعمل". واعتبر معلقون موقف سنيه هذا تأكيداً للصعوبة التي سيواجهها شارون في تشكيل حكومة "وحدة"، مشيرين الى أن سنيه كان حتى الأمس القريب أشد المتحمسين للفكرة. ونقلوا أيضاً عن زعيم "العمل" السابق وزير الدفاع في حكومة شارون بنيامين بن اليعيزر دعمه موقف متسناع. وتحسباً لنجاح شارون في تفتيت جبهة الرفض داخل "العمل" واصل زعيم الحزب متسناع لقاءاته مع أعضاء حزبه، وفي مقدمهم بيريز، للحصول على دعمهم لرفضه الدخول في حكومة وحدة على رغم نداء الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف للحزب بالمشاركة في الحكومة الجديدة. وأكد متسناع ضرورة ان يفي بالتزامه للناخب الاسرائيلي عدم الدخول في حكومة بزعامة شارون معيداً الى الأذهان الشعار الانتخابي الذي ردده الحزب في دعايته: "نثق بك يا متسناع". وعلى رغم محاولة شارون التظاهر وكأن أمر تشكيل حكومة جديدة ليس بمهمة شاقة، وأن أمامه عدداً كبيراً من الخيارات، رأى معلقون ان خيار حكومة بمشاركة "العمل" و"شينوي" يبدو ضئيلاً للغاية، وأن شارون سيضطر الى حسم خياراته بين حكومة مع الأحزاب الدينية المتزمتة أو أخرى مع حزب "شينوي" العلماني الذي يبدو أنه لن يتراجع عن رفضه الجلوس الى جانب المتدينين وهو الرفض الذي حقق للحزب أكبر انتصار وضاعف تمثيله من 6 الى 15 مقعداً. وحذر زعيم حركة "شاس" الشرقية ايلي يشاي من استثناء حركته من التوليفة الحكومية، وقال ان الحزبين الدينيين الآخرين "يهدوت هتوراه" و"مفدال" لن يشاركا في أي حكومة تستثني حركته، متهماً زعيم "شينوي" تومي لبيد بالعنصرية وبمعاداة الشرقيين جميعاً "وهذا ما يتبين من خلال موافقته على اشتراك أحزاب دينية أخرى اعضاؤها من اليهود الاشكناز في الحكومة الجديدة".