عندما سادت المخاوف فيلادلفيا من هجوم يشنه فرنسيون واسبان عام 1747، تحايل بنيامين فرانكلين على قيادة المدينة المسالمة وشكل جيشاً من 10 آلاف مقاتل. ولكن، لو كان فرانكلين حياً اليوم، هل ينضم الى التيار العام؟ يستبعد ذلك ادموند مورغان المؤرخ في جامعة ييل المؤيد لشن الولاياتالمتحدة حرباً على العراق، وهو مرجع موثوق به في ما يتعلق بحياة فرانكلين الناشر ورجل الدولة الذي ساعد في ضمان استقرار اميركا بالسبل الديموقراطية، وحظي بمكانة عالمية باعتباره من عباقرة التنوير. يعتقد مورغان ان آراء فرانكلين المعتمدة الى درجة كبيرة على المنطق في شؤون العالم، قد تكون مفيدة لواضعي السياسات الاميركية في القرن الواحد والعشرين، وفي الوقت الذي تؤدي غيوم الحرب التي تلوح في الأفق الى توترات في العلاقات مع حلفاء، بينهم فرنسا والمانيا. ويرى فرانكلين الفيلسوف الذي يؤمن بقدرة البشر على الوصول الى ما يشبه الكمال، ان الحرب شر يجب تجنبه مثل النار والصواعق، وفي الوقت ذاته ركز ابداعه على الطاقات والاختراعات، من النظارات الطبية الى مانعات الصواعق، لخدمة البشرية. قال مورغان 87 سنة الاستاذ الفخري للتاريخ في جامعة ييل، رئيس مجلس ادارة ارشيف الجامعة الخاص بمخطوطات فرانكلين: "انه مواطن عالمي، ربما الاول" في العصر الحديث. وأضاف الاستاذ الذي كتب سيرة ذاتية لحياة فرانكلين، حققت أعلى مبيعات العام الماضي: "لم يكن يتخذ موقفاً معادياً للحرب، لكنه كان يعتقد انها وسيلة مكلفة جداً لتحقيق ما تشن الحروب عادة لتحقيقه، سواء في ما يتعلق بالأراضي أو بنشر الافكار". وعندما اندلعت الحرب بين بريطانيا ومستعمراتها الاميركية في سبعينات القرن الثامن عشر، اقترح فرانكلين انهاء الاعمال العسكرية باقناع الولاياتالمتحدة بشراء ممتلكات بريطانيا في اميركا الشمالية، بما فيها كندا وبرمودا والبهاما. وكتب عام 1776: "اذا حصلنا عليها بالنصر بعد حرب طويلة، ربما كانت ستكلفنا اكثر من ذلك". ولم ينجح الاقتراح، وانضم فرانكلين الى جهود حرب التحرير. كان دبيلوماسياً ماهراً، وعندما تولى منصب اول سفير اميركي لدى فرنسا اعتبر ان الحكومة الجيدة تزدهر من خلال سمعة طيبة لدى مواطنيها. وقال مورغان الذي يعارض سياسات الرئيس جورج بوش تجاه العراق: "نحن الآن نسير على طريق يمكن ان يفقدنا السمعة الطيبة لدى حلفائنا والعواقب لا يمكن تصورها". ولكن لا يتفق جميع المؤرخين على ذلك، إذ يقول ماثيو سبالدينغ مدير مركز الدراسات الاميركية التابع لمؤسسة هريتيج: "فرانكلين كان بالتأكيد يفضل تقويم السياسة الخارجية من الناحية الاقتصادية لتجنب الحرب، ولكن لا يمكنك اخذ موقف من عام 1768 وتطبيقه عام 2003. ما كان يريده مؤسسو اميركا هو جمهورية مستقلة، ومن اجل تحقيق ذلك سعوا الى ما سموه "السيطرة على مصائرنا"... ومن منطلق ما نعيشه الآن تجد ان السيطرة على مصائرنا قد تحتاج الى سياسة خارجية تتسم بالعنف".