أعلن الرئيس جورج بوش أن ادارته ستحتاج الى انفاق 2,23 تريليون دولار في السنة المالية المقبلة للوفاء بمتطلبات ثلاث أولويات تتمثل في كسب الحرب على الارهاب وحماية الوطن وتحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل. لكن موازنته المقترحة، التي تضمنت عجزاً ضخماً هو الثاني في سلسلة طويلة ولم تأخذ في الحسبان أعباء خطته الضريبية ولا نفقات حرب محتملة على العراق، كشفت مدى خطورة ما آل اليه الوضع المالي في الولاياتالمتحدة. وشن رئيس الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل هجوماً شرساً على الموازنة المقترحة متهماً البيت الأبيض بتعريض أميركا لأسوأ انهيار مالي في تاريخها. وقال في بيان "ان بوش، الذي دخل البيت الأبيض بداية عام 2001، ورث فوائض موازنة متوقعة بمبلغ 5.6 تريليون دولار، وحين تُضاف أعباء مقترحاته الضريبية الأخيرة الى سياساته المالية الفاشلة تختفي هذه الفوائض برمتها ونجد أنفسنا مجبرين على اقتراض 1.7 تريليون دولار، ما يعني ضياع 7.3 تريليون دولار في عامين فقط". وتعود توقعات الفوائض المشار اليها الى الاعوام الأخيرة من ادارة الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون الذي عانت موازناته المالية من عجوزات مزمنة وغالباً قياسية استمرت طوال الفترة الأولى لرئاسته ثم تحولت الى فوائض متعاظمة في الفترة الثانية بفضل تحمسه لا سيما دأبه على زيادة الضرائب في واحدة من أطول حقب الازدهار التي شهدها الاقتصاد الأميركي وأسواق المال في تاريخهما. الا أن الفوائض لم تستمر طويلاً وتكبدت الموازنة الأولى لادارة بوش عجزا بحجم 158 بليون دولار، وتبعتها الموازنة الثانية للسنة المالية 2002 بعجز توقع مكتب الموازنة التابع للكونغرس أن يصل حجمه هذه المرة الى 199 بليون دولار. وكشفت الموازنة الجديدة التي تبدأ سنتها المالية في الأول من تشرين الأول اكتوبر المقبل أن العجز سيرتفع الى اكثر من 300 بليون دولار سنوياً في العامين المقبلين ولن ينخفض الى أقل من 190 بليون دولار بحلول سنة 2008. ويتفق الاقتصاديون على أن السبب الرئيسي لتجدد العجوزات، التي ستصل قيمتها إلى 1.54 تريليون دولار بحلول سنة 2008، يعود الى خطة جريئة كان بوش اقترحها لخفض الضرائب بنحو 1.5 تريليون دولار في مدى عشر سنوات وأقرها الكونغرس العام الماضي، ثم عاد البيت الأبيض أخيرا واقترح تسريع بعض خطواتها التطبيقية وتوسيع نطاقها لتشمل اعفاء حملة الأسهم من ضريبة الأرباح وامتيازات ضريبية أخرى تصل كلفتها الاجمالية الى 674 بليون دولار. لكن بوش، الذي يعتبر خفض الضرائب وسيلة لحفز الاقتصاد، عزا تدهور الوضع المالي لادارته الى أزمة أسواق المال التي التهمت زهاء 7 تريليون دولار من القيمة السوقية لأسهم الشركات الأميركية منذ انفجار فقاعة التكنولوجيا عام ألفين، وبشكل خاص العامين الأخيرين، وكذلك أحداث أيلول سبتمبر وتباطؤ النشاط الاقتصادي في أميركا والعالم عام 2001. وقال في بيان الموازنة: "ان ركودا وحربا لم نخترها هما السبب في عودة العجوزات الى الموازنة". وفرضت أولويات البيت الأبيض نفسها بقوة على موازنته الجديدة اذ بلغت حصة الانفاق العسكري والأمني 421 بليون دولار، ما يعادل قرابة 19 في المئة من الحجم الاجمالي للموازنة الجديدة التي اقترحت في التفاصيل مضاعفة الانفاق على الأمن بالمقارنة مع العام المالي 2002 ليصل الى 41 بليون دولار، كذلك زيادة مخصصات قوات العمليات الخاصة بنسبة 47 في المئة لتتجاوز 4.5 بليون دولار بقليل ورفع مخصصات وزارة الدفاع بنسبة 4.2 في المئة لتقترب من 380 بليون دولار. وشملت الموازنة تخصيص 2.3 بليون دولار بشكل مساعدات للدول التي انضمت الى الحرب على الارهاب مثل أفغانستان وباكستان ومئات الملايين من الدولارات لتشديد الاجراءات الأمنية على المنافذ الحدودية للولايات المتحدة، لكنها خلت من أي اشارة الى نفقات الحرب التي تهدد أميركا بشنها على العراق وان كان مسؤولون في البيت الأبيض لمحوا في تصريحات الى وجود نية لاقتراح مخصصات اضافية في حينها.