ثمة ظاهرة لافتة تسترعي الانتباه والتأمل، وهي الرقص الشرقي في نظر الغربيين، هذا النوع من الفن الذي ينبذه المجتمع التقليدي، كان في زمن مضى يثير حماسة المستشرقين والرحالة الآتين من الغرب، من فلوبير الذي كتب "رحلة الى مصر" يصف عوالم هذا الرقص الشرقي وراقصاته اللواتي التقين به، الى الرحالة ادوار لين الذي وصف الرقص المصري بين "الغوازي" القبلي و"هز البطن"، وصولاً الى المستشرقة والراقصة الانكليزية وندي بونافنتورا التي أصدرت كتاباً سمته "أفعى النيل". وبعيداً من الثقافة ورطانتها، فغداة انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة التابعة له، تنامى في شكل ملحوظ عدد الفتيات اللواتي قدمن من أوروبا الشرقية وبدأن يعملن راقصات شرقيات في الملاهي الليلية في بعض البلدان العربية اعتماداً على جمالهن، ورخص أجورهن، ولجوء الراقصات المصريات الى ارتداء الحجاب بحسب رأي الكثير من المجلات الفنية. لكن الأمور أبعد من ذلك، فأجور الراقصات الأجنبيات مرتفعة جداً، اذا ما قارنها المرء بأجور العاملين في الوظائف الحكومية في مصر. ولم يعد يقتصر حضور الراقصات على الروسيات، فهناك راقصات من جنسيات مختلفة. وعلى رغم طرافة اشتغال الأجنبيات بمهنة الرقص الشرقي ومنافساتهن المصريات، لم يكن المصريون يتصورون في يوم من الأيام ان يأتي زمن تستورد فيه بلادهم الراقصات من بلاد "الخواجات" كما يقول احد الصحافيين، وهذا ما حدث. وغالبية الراقصات الأجنبيات يتخذن اسماء شبه عربية. فهناك الأرجنتينية أسمهان، والبرازيلية كامليا والأميركية ساكن والروسية كاتيا والايسلندية سونيا والاسبانية ايفا والفرنسية كيتي والسويدية سماسم. ومع تزايد اهتمام الأجنبيات بالرقص الشرقي بدأت الصحافة الأوروبية تلقي الضوء على هؤلاء الراقصات، ومن بينهن كيتي الفرنسية، التي ترجمت مجلة "روز اليوسف" تحقيقاً مصوراً يروي تفاصيل حياتها في فنادق القاهرة وملاهيها، فهي كانت تعمل استاذة كيمياء في المختبرات، وأصابتها الحساسية في الوجه والذراعين فاتجهت الى الرقص الشرقي وتعلمته وامتهنته، وصارت من نجومه، تقول كيتي: "لقد كانوا يتعاملون في السابق مع الراقصات الشرقيات كعاهرات "مودرن"، ولكن الوضع اختلف اليوم وتفهموا ان الكثيرات لا يطلبن سوى العمل بطريقة مقننة، وذلك على عكس الخيال الهوليوودي الذي يرى ان الراقصة الشرقية ينتهي بها الليل في سرير الباشا". أما الراقصة سماسم التي أجرت معها مجلة المصور المصرية منذ ثلاثة أعوام حواراً فقالت فيه انها مستاءة من تدهور مستوى الرقص الشرقي، واعترفت بأن الراقصات الاجنبيات من أهم أسباب فساد الأذواق وضياع أصول هذا الفن الجميل، أما الأغرب فهو تأكيد سماسم انها كانت عاملة في قوات الأممالمتحدة، ثم مندوبة مبيعات. وأخيراً أتت شاكيرا الكولومبية من أصل لبناني لتؤدي وصلات من الرقص الشرقي في "الفيديو كليب"، تجذب المشاهدين وتبدو الأكثر قدرة على عولمة الرقص الشرقي في ما تفعله. رقصها جزء من مشهدية موسمية تقوم هي نفسها بابتداعها، لإضفاء الحركة والحسّية على حفلاتها الغنائية.