أثارت الدعوى القضائية التي تقدّم بها المحامي «الإسلامي» عادل معوض بمنع الرقص الشرقي بصفة كاملة، ردود فعل واسعة بين أهل المهنة ومحبي هذا النوع من الفن الذي لطالما اشتهرت به مصر. وكان معوّض تقدم إلى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري، بدعوى قضائية ضد وزراء الثقافة والإعلام والسياحة والداخلية، كل بصفته، يطالب بمنع الرقص الشرقي بصفة كاملة، ومن ثم إلغاء ووقف القرار الصادر بترخيص مهنة الرقص الشرقي «كمهنة للنساء». وذلك قبل أيام على الاحتفال بيوم الرقص العالمي في 29 نيسان (أبريل)، الذي تحتفل فيه غالبية دول العالم بما فيهم مصر. وقال معوض ل «الحياة» إن «الرقص معصية تثير الشهوات والفتن في البلاد»، مضيفاً كما جاء في دعواه أن «السماح به يعد نوعاً من أنواع ترخيص الدعارة التي لا يجب الترخيص بها في دولة مسلمة تستمد قوانينها ودساتيرها من الشريعة الإسلامية». ورأى أنه «يجب على الحكّام المحافظة على القيم الإسلامية التي ترفض مثل هذه الموبقات خصوصاً أن الإسلام نادى بصيانة المرأة والحفاظ عليها، وذلك بإعطائها زياً خاصاً يقيها من النظرات المبتذلة والشهوانية من منطلق أنها الأرض الخصبة للنسل الإسلامي». وانتقد معوض الرقص من زاوية التعري، إذ أن «كشف عورات المرأة عمل مشين لا يأتيه إلا العاهرات ومن يقودهن للعهر». وعن الأسباب التي دفعته لإقامة دعواه في هذا التوقيت تحديداً، قال إنه كان في المعتقل حينما صدر قرار وزير الثقافة فاروق حسني بتحديد رسوم الرقص وكيفية التعري، ولم يتمكن من مقاضاة الوزير حينها. وأضاف أن «القرارات المشرفة التي اتخذتها المحاكم المصرية في الفترة الأخيرة مثل وقف تصدير الغاز لإسرائيل وسحب ترخيص مجلة «إبداع» (...) وكذلك قرار إعادة المذيعات المحجبات للظهور على شاشة التلفزيون، وغيرها شجّعتني للتقدم بالدعوى». لكن كيف تلقّت الراقصات المصريات خبر هذه الدعوى، وهنّ كن يطالبن بتأسيس نقابة لهن تحفظ حقوقهن كباقي الفنانين؟ تعتبر الراقصة لوسي أنها وزميلاتها اعتدن على مثل هذه الدعاوى بين وقت وآخر، من قبل محامين وغير محامين. ولكن «يحسب لهذا المحامي أن قضيته مختلفة، لأن من سبقوه كانوا يرفعون دعوى ضد هذه الراقصة أوتلك بسبب رقصها في مكان ما كان يجب الرقص فيه مثلاً أو أنها ظهرت بملابس خادشة للحياء، بينما هذا المحامي يطالب بمنع المهنة ككل» قالت لوسي. وأضافت: «يعني بالعربي كده عايزها تبقى ضلمه ونرجع مع بعض لعصور ما قبل الميلاد والجاهلية». لكن دينا تكمل الحديث معتبرة أنه حتى «في عصور ما قبل الميلاد كان الرقص موجوداً في يوميات الناس. ويمكنكم العودة للرسوم الفرعونية القديمة فتاريخ الرقص الشرقي قديم قدم تاريخ الحضارة الفرعونية، وهناك دراسات كثيرة أثبتت أنه يعالج الكثير من الأمراض النفسية والبدنية، بل هناك من يعتمدون عليه كوسيلة للمساعدة في عمليات الوضع». وأكثر ما يدهش لوسي أن «مصر ما زالت تشهد مثل هذه الدعاوى بينما غالبية دول العالم الأخرى تحترم هذه المهنة وتقدرها من منطلق أنها أحد أنواع الفنون الراقية وتعتز براقصاتها بل وتعتبرهن بمثابة سفيرات لها في الخارج، بينما نحن ما زلنا نعامل الراقصة ليس كفنانة وإنما كإنسانة درجة عاشرة». وبهدوء شديد تفيد دينا «لم أعد اندهش لتقديم مثل هذه الدعاوى سواء ضدي أو ضد المهنه ككل، بعد الانتقادات التي وجههوها إلي بسبب حفلة المدرسة الثانوية التي قمت بإحيائها العام الماضي». وتؤكد أنها فوجئَت «بدعاوى قضائية وفوجئت ب 17 نائباً في مجلس الشعب يتركون كل شيء في البلد ويطالبون بمحاكمتي لأنني رقصت لمراهقين ومراهقات وتجاوزت كما قالوا حدود الأدب!». وتساءلت حينها إن كان هؤلاء يعيشون في عصرنا؟ وكيف لا يعرفون أن العالم صار قرية صغيرة يشاهد فيه المراهق والطفل والراشد، عبر وسائل الإعلام في أي وقت يريد أشياء ليست لها علاقة بالادب لا من قريب ولا من بعيد». أما فيفي عبده فكان كلامها هو المفاجأة، بقولها: «أعذر من يتقدمون بمثل هذه الدعاوى الآن خصوصاً وأن الرقص أصبح مهنة كل من هب ودب». وكشفت أنها «أصبحت تشعر بالخجل حينما تشاهد فتاة لا تمتلك أي قدر من الموهبة، فتتلوى من دون أن تكون لديها أي دراية بقواعد المهنة، وتكشف عن ساقيها وبطنها بشكل سيّء جداً». واعترضت على مناداة مثل هذه الفتيات بالفنانة، قائلة: «أين شرطة الآداب مما يحدث»! وتتابع: «أتذكر اللقاء الذي جمعني بالراقصة الراحلة تحية كاريوكا في إحدى المناسبات ووجدنا يومها فتاة تصعد لترقص وبعد قليل صرخت كاريوكا عليها قائلة: أنزلوا هذه الفتاة واعرضوها على طبيب ليعالجها من المغص»! وأسفت فيفي عبده لما وصل إليه حال الرقص في البلاد العربية، معتبرة أن «معظم ما يقدم الآن يندرج تحت مسمى الابتذال وهو ما أساء للمهنة بشدة». وأضافت: «أيام سهير زكي وسامية جمال ونعيمة عاكف وكل راقصات جيلي لم يكن هناك أبداً من يقوم برفع مثل هذه الدعاوى كوننا كنا نحترم المهنة ونسعى للنهوض بها». ومن زاوية مختلفة، يقول الموسيقي حلمي بكر: «الرذيلة موجودة من أيام الجاهلية ومرتكب الرذيلة عليه أن يتحمل وزرها. وإذا كان هؤلاء يطالبون بمنع أو وقف الرقص كونه يحض على الرذيلة فكلنا نبحث عن الفضيلة والله وحده يعلم نياتنا جميعاً». ورأى أن «لعبة الدعاوى ليست لعبة مجتمعية أو اجتماعية بينما هي شيء آخر تماماً نعرف جميعاً أبعاده وألا يجب علينا وقف الرقص من التعبير الكلاسيكي (الباليه) وكل مشتقاته حتى الرقص الشرقي». وأضاف: «لا أدافع عن الرقص أو الراقصات فهن غير تابعات لنقابة الموسيقيين التي أنتمي إليها، بينما يتبعن نقابة الممثلين التي تعتبر الرقص جزءاً من رقص الباليه والتعبير الدرامي، فهل نلغي الرقص الشرقي والرقص الشعبي ورقص الباليه، وكل منا يغني على ليلاه».