بدأ مسؤولون في حركة عدم الانحياز امس التوافد على العاصمة الماليزية لحضور القمة التي تتركز فيها الأنظار على موقف هذا التجمع الدولي من المسألة العراقية. في هذه الأجواء الدولية المشحونة اختارت ماليزيا ان يحمل المؤتمر شعاراً يتناول الإشكالية التي تعانيها الحركة وهو "استمرار تعزيز أهمية حركة عدم الانحياز"، بدلاً من التشكيك في مدى جدواها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ودخول كثير من الدول في اتفاقات أمنية ثنائية مع الولاياتالمتحدة. ويبدو ان كوالالمبور ستخضع حملتها الرامية الى إحياء هذا التجمع الدولي للاختبار، فتبنت في الوقت نفسه موقفاً معارضاً بشدة لشن حرب على العراق. وقال حاسمي أجام رئيس الأمانة الوطنية الماليزية لحركة عدم الانحياز 114 دولة ان الحديث عن مدى جدوى الحركة سيجعلها غير فعالة. وأضاف في تصريح الى جريدة "نيو ستريتس تايمز" البتي تصدر بالانكليزية: "ان مراجعة الذات أمر طيب وتوجه صحي... علينا جميعاً ان نراجع ذواتنا من وقت الى آخر ولكن يتعين ان تكون هناك حدود للمراجعة وإلا فسنستمر في التقاعس". وعندما عقد أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز في بلغراد في ايلول سبتمبر 1961 كان الرئيس اليوغوسلافي الراحل جوزيف تيتو ناجحاً في جمع كلمة 25 دولة آنذاك للالتفاف حول قضايا سياسية مثل "اتباع سياسة مستقلة تستند الى تعايش الدول ذات النظم السياسية والاجتماعية المختلفة". وبعد ذلك جاء مؤتمر عام 1964 في القاهرة الذي حضرته 47 دولة وشهد إدانة كبيرة للاستعمار الغربي واستمرار وجود المنشآت العسكرية الاجنبية، بعدها تحول الاهتمام الى قضايا الاقتصاد العالمي وغيره من الأمور. ويقول محللون ان حركة عدم الانحياز كانت مرتبطة بشخصيات قيادية تحكم دولاً رئيسية في العالم الثالث مثل الزعيم المصري جمال عبدالناصر والزعيم الهندي جواهر لال نهرو بالإضافة الى تيتو. وفي غياب زعماء مثل ناصر وتيتو ونهرو في العالم الثالث، وفي ظل فتور حماسة الدول للعمل تحت هذه المظلة الدولية بدأ كثير من زعماء الدول يحجم عن حضور اجتماعات القمة. وتحاول ماليزيا جمع كلمة المسؤولين في العالم الثالث حول رفض شن حرب وقائية لأنها ليست من حق أحد. ونسب الى رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد قوله انه يجب على قمة عدم الانحياز ان تحض الولاياتالمتحدة وبريطانيا على التراجع عن التهديد بمهاجمة العراق، وقال انه يرفض دعم الحرب حتى بتفويض من الأممالمتحدة. وقال للاذاعة الرسمية: "ليست لدينا قوة عسكرية أو مالية، ولكن يمكننا الانضمام الى الحركة العالمية المناهضة للحرب". ولكن هل ستتمكن الحركة ومن ورائها ماليزيا في هذه القمة تبني موقف قوي في المسألة العراقية يعيد اليها وزنها السياسي في مواجهة القوى الكبرى؟