تفكّك مكوك الفضاء "كولومبيا" أجزاءً ملتهبة، فيما كان يُحلّق فوق تكساس متجهاً الى نقطة هبوطه المحددة في فلوريدا، صباح أمس السبت، مما أدى الى مقتل رواده السبعة. وسارعت الادارة الاميركية الى استبعاد وجود شبهة إرهاب في الحادث. وقال الرئيس الاميركي جورج بوش، في كلمة وجهها الى الاميركيين مساء امس: "هذا اليوم حمل الينا خبراً مريعاً وحزناً عميقاً"، مؤكداً في الوقت نفسه ان الرحلات الفضائية ستستمر. كان المكوك يقل ستة رواد أميركيين، ورائداً اسرائيلياً ايلان رامون يقوم بأول رحلة له في الفضاء، كان شارك في حرب 1973، وفي الغارة الاسرائيلية على المفاعل النووي العراقي عام 1981، وفي الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. وبحث مسؤولون أميركيون هاتفياً أمس مع مسؤولين اسرائيليين في ملابسات تحطم المركبة الفضائية. راجع ص 10 وأكد مسؤول أميركي انه تم العثور على حطام للمكوك متناثرة في أماكن عدة في ولاية تكساس، خصوصاً وسط الولاية على خط امتداده نحو 320 كيلومتر، وأجزاء محطمة منه في ولايات عدة مجاورة. وعُثر على بعض الأجزاء المتناثرة في مثلث بين بالستاين فلسطين، ثاني أقدم مدينة في تكساس وفقاً لموقعها على الانترنت وسانت اوغستين وناكوغدوشيز في الولاية. وعندما سُئلت الناطقة باسم الخارجية الاميركية، آن ماركس، هل هناك دلائل تشير الى الارهاب، قالت: "ليس لدي ما يشير الى ذلك في الوقت الراهن. كلا". فيما أشارت الناطقة باسم مكتب التحقيقات الفيديرالي إف بي آي، انجيلا بيل، الى ان المكتب الذي يحقق في القضايا الجنائية، لا يشارك في التحقيق حالياً. وكان مكوك الفضاء "كولومبيا" "اختفى" صباح أمس فوق ولاية تكساس اثناء عملية دخوله الغلاف الجوي عائداً الى الأرض إثر مهمة استغرقت 16 يوماً. وذكرت وكالة الفضاء الاميركية ناسا، في التقارير الأولية، انها فقدت الاتصال بالمركبة عند التاسعة صباحاً بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة الثانية بعد الظهر بتوقيت غرينيتش، بينما كانت تمر في أجواء مدينة دالاس عاصمة ولاية تكساس. وكان من المقرر ان تهبط في التاسعة والدقيقة 16 الثانية والدقيقة 16 بتوقيت غرينيتش. وأعلنت "ناسا" على الفور "خطة طوارىء" لمواجهة الوضع. وأكدت بعد ذلك بقليل عدم وجود أي فرصة على الاطلاق أمام المكوك للقيام بهبوط اضطراري من الارتفاع الذي كان فيه لدى انقطاع الاتصال به وهو نحو 60 كيلومتراً. ومع الإعلان عن هذه المأساة، غادر الرئيس الاميركي جورج بوش مقر إقامته في كامب ديفيد عائداً الى البيت الابيض. واتصل لاحقاً بعائلات الضحايا لتعزيتهم. وكشفت صور بثّتها شبكة التلفزيون الاميركية "سي ان ان" خطوطاً بيضاء وراء المكوك "كولومبيا" لدى مروره في أجواء دالاس توحي وكأنه انفجر خلال دخوله الغلاف الجوي للأرض. وحذرت "ناسا" من الاقتراب من أي قطع حطام للمكوك قد تكون سقطت في ولاية تكساس، "بسبب احتوائها على مواد سامة" نتيجة الوقود المستخدم في دفعها. وروى تكساسيون انهم سمعوا دوياً هائلاً وشاهدوا غمامة كثيفة. وقالت مربية خيول تقيم على مسافة 200 كيلومتراً من دالاس، انها استيقظت على ضجة و"كأن قطاراً وصل الى المنزل". ولم تواجه رواد الفضاء سوى مشاكل فنية بسيطة خلال رحلتهم. ومع ذلك، وجِهت الى المسؤول عن دخول المركبة الى الغلاف الجوي، لوروي كاين، خلال مؤتمر صحافي، أول من أمس الجمعة، أسئلة عن امكان حصول ضرر للأغلفة التي تحميها من الحرارة العالية لدى عودتها الى الأرض ودخولها الغلاف الجوي. وإضافة الى ذلك، تظهر صور فيديو التقطت لدى إطلاق المركبة في 16 كانون الثاني يناير ان جزءاً من الغلاف العازل الواقع بين الخزان المركزي والمكوك يبدو كأنه ينفصل عن مكانه. لكن "ناسا" لم تعطِ حتى مساء أمس أي تفاصيل عن الأسباب التي يمكن ان تكون أدت الى انفجار المكوك لدى دخوله الغلاف الجوي. وأول من أمس الجمعة، كان طاقم المركبة منشغلاً في شكل طبيعي بإغلاق المختبر الفضائي المكيّف الضغط والمتطور للغاية الموجود في الكبسولة. ويحتوي هذا المختبر على أربعة أطنان من المعدات العلمية التي استخدمت طوال الرحلة. وكانت "ناسا" اتخذت كل الاجراءات الأمنية لعملية الاطلاق والهبوط، ونشرت قوات عسكرية للمراقبة جواً وبحراً وبراً. كما أمرت بإغلاق كل المطارات الصغيرة في المنطقة. وقال مسؤول أمني أميركي ان السلطات الأمنية كانت تلقت معلومات "أثارت بعض القلق" في شأن رحلة مقررة سابقاً ل"كولومبيا" بالطاقم نفسه ولم تتم، وان المعلومات وتتعلق بالرائد الاسرائيلي، "لم تكن جدية"، مشيراً الى ان تأجيل تلك الرحلة تم لأسباب اخرى. والرواد الأميركيون هم قائد المركبة ريك هزبند ومعاونه ويليام ماكول ومايكل اندرسون وديفيد براون وكالبانا شاولا الهندية الأصل ولوريل كلارك. يذكر ان هذه الرحلة ال 113 ل "كولومبيا"، المُصممة للقيام بما يصل الى 100 رحلة. كما ان هذا الحادث الثاني من نوعه بعد انفجار المكوك "تشالنجر"، بعد 73 ثانية على إقلاعه في 28 كانون الثاني يناير 1986، ما أدى الى مقتل رواده السبعة على الفور.