كشف وزير الدفاع الألماني بيتر شتروك في "مؤتمر الأمن الدولي" في ميونيخ ان بلاده تنوي ارسال جنود الى العراق في اطار قوات دولية القبعات الزرق، في حال تبنت الأممالمتحدة قراراً بهذا الصدد. وعلى رغم نفي باريس وجود خطة المانية - فرنسية تتضمن قوات دولية لكل مناطق العراق، ومضاعفة عدد المفتشين، أكد شتروك الخطة، فيما أيدتها بلجيكا وأعربت روسيا عن امكان دعمها حين تطرح في مجلس الأمن الجمعة المقبل. لكن وزير الخارجية الأميركي كولن باول اعتبر ان أفكاراً فرنسية لزيادة المفتشين لا تساهم في معالجة الأزمة العراقية، وشدد على أن الوقت حان لعقد اجتماع جديد للمجلس كي يقرر هل "العواقب الوخيمة" ل"عدم امتثال" العراق "باتت مناسبة أم لا". أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول أمس انه ما زالت أمام الرئيس صدام حسين "فرصة لتجنب الحرب" بالعمل فوراً لتلبية مطالب مجلس الأمن. وتابع في تصريح الى شبكة "فوكس نيوز": "لسنا بحاجة الى مزيد من المفتشين بل مزيد من التعاون" العراقي. واضاف انه لم ير خطة رسمية لباريسوبرلين، لكنه قرأ معلومات صحافية، وأبلغ الأفكار الفرنسية خلال الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الاربعاء. وفي حديث الى شبكة "ان بي سي" أعلن باول ان تلك الأفكار التي تقضي بزيادة عدد المفتشين "لا تساهم في معالجة المشكلة". وفي تصريحاته الى "فوكس نيوز" شدد وزير الخارجية الأميركي على ان الوقت حان كي يجتمع مجلس الأمن ليقرر "هل العواقب الوخيمة للعراق مناسبة هذه المرة أم لا". واعتبر أن فكرة زيادة المفتشين فات أوانها، منبهاً الى ان صدام لم يمتثل للقرار 1441 و"على فرنساوالمانيا قراءة هذا القرار مجدداً". واستدرك ان "عدم تعاون العراق واقراره الاعلان الكاذب وكل الأعمال الأخرى التي ارتكبها ولم يفعلها منذ صدور القرار، كل هذا يهيئ الساحة كي يجتمع مجلس الأمن، ويحدد هل العواقب الوخيمة مناسبة الآن أم لا. أنا لا اعتقد ان الخطوة التالية هي ارسال مزيد من المفتشين ليمارس صدام معهم الخداع". وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أكد ليل السبت ان أحداً لم يبلغه رسمياً وجود خطة فرنسية - المانية لمحاولة تفادي الحرب، فيما أبدى مسؤولون أميركيون آخرون شكوكاً في شأن الخطة. وفي بروكسيل أ ف ب، اعرب وزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل أمس عن "تأييده التام" الخطة الفرنسية - الألمانية، متوقعاً تمديد مهمة المفتشين واحتمال ارسال قوات دولية الى بغداد. وصرح الوزير الى محطة "آر تي ال - تي في آي" التلفزيونية بأنه يؤيد "الخطوط الأساسية الواردة في الخطة" الألمانية - الفرنسية، وأضاف: "قدمنا عناصر تتوافق تماماً مع ما تتضمنه، أي تمديد مهمة المفتشين بالتزامن مع زيادة قدرتهم الى الضعفين أو الثلاثة". وفي مداخلة اخرى لشبكة "آر تي بي اف"، اعتبر ميشيل ان ارسال قوات دولية الى العراق "سيؤمن حضوراً وفي كل الاحوال الأمن. ولو كانت لدى العراق وسائل تدمير، لن يمكنه استخدامها، وهذا يعيد فتح المجال امام التفاوض". رامسفيلد الغاضب من "الخطة" وألقت المبادرة الفرنسية - الألمانية التي فاجأت برلين بها الجميع، خصوصاً وزير الدفاع الأميركي الذي استشاط غضباً، ظلالاً على أعمال "مؤتمر الأمن الدولي" الذي تابع أمس مناقشاته حول موضوع الارهاب الدولي ومكافحته والصراع الفلسطيني - الاسرائيلي وطرق حله. لكن أزمة العراق و"البلبلة" السياسية الناتجة عن "مبادرة" باريس - برلين "السرية" سيطرتا على الاتصالات واللقاءات التي جرت بين وزراء الخارجية والدفاع وكبار المسؤولين المشاركين في المؤتمر، لمعرفة مزيد من تفاصيل "المبادرة" وموقف الأطراف منها. وزاد أهمية المبادرة اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشار غيرهارد شرودر في برلين أمس عشية زيارة رسمية يقوم بها بوتين لفرنسا. وكان ناطق باسم الحكومة الألمانية أعلن أمس ان "المبادرة" ستطرح على روسيا والصين قبل عرضها على مجلس الأمن. وسارع وزير الدفاع الأميركي الى الاعراب عن غضبه في ميونيخ أمس، لأن باريسوبرلين "تجاوزتا" واشنطن واخفتا عنها الأمر، مظهراً عدم رضاه عن المبادرة. وفاجأت وزيرة الدفاع الفرنسية آليو - ماري وسائل الاعلام عندما قالت انها لم تسمع بالمبادرة، لكن نظيرها الألماني بيتر شتروك أكد وجودها قائلاً ان المانياوفرنسا ستعرضها في 14 الشهر الجاري على مجلس الأمن بعد التقرير الثاني الذي سيقدمه رئيس المفتشين هانس بليكس، وأن الهدف هو تفادي حرب على العراق آملاً بالحصول على موافقة غالبية اعضاء المجلس. وزاد ان المستشار شرودر سيدرس "المبادرة" مع عدد من الحلفاء، وأن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف أعرب عن دعم بلاده لها. وتتلخص "المبادرة" في ارسال قوات عسكرية تابعة للأمم المتحدة الى العراق، لوضعه تحت الرقابة الكاملة لسنوات، وضمان نزع أسلحته المحظورة كبديل من الخطة الأميركية لشن حرب واحتلال العراق وتغيير نظامه. الخبراء الروس وتحدث ايفانوف عن امكان ارسال روسيا خبراء في نزع الأسلحة الى العراق "لوضعهم بتصرف الأممالمتحدة". وقالت مصادر في لندن ان بريطانيا لا تعرف مضمون الاقتراحات الألمانية - الفرنسية، وستنتظر للاطلاع على مزيد من المعلومات. وبعد اجتماعه مع رامسفيلد على هامش مؤتمر الأمن صرح شتروك بأنه قال للوزير الأميركي ان "وضع ليبيا وكوبا على قدم المساواة مع المانيا تشبيه غير ودي، ورد بأنه حاول توضيح انه كان يرد على السؤال: ما هي الدول التي لن تدعم تدخلاً عسكرياً ضد العراق". "الفيتو" الفرنسي الى ذلك، أفادت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية أمس ان فرنسا أوضحت في مؤتمر ميونيخ أمام ممثلي الحلف الأطلسي والولايات المتحدة انها لن تضع "فيتو" إذا قرر مجلس الأمن فتح الباب أمام حرب على العراق. وأوضحت ان وزير دفاع مشاركاً في المؤتمر ذكر خلف أبواب موصدة انه ينتظر موافقة باريس على الحرب، وان امتناعها عن التصويت سيكون مفاجأ له. وأضافت الصحيفة ان مسؤولين كباراً في الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم في المانيا يحضون شرودر على الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن "لئلا تفقد المانيا نهائياً ارتباطها بالتحالف الغربي". ولاحظت ان وزير الخارجية يوشكا فيشر تفادى في مؤتمر ميونيخ اعطاء أي اشارة الى ان بلاده ستقول "لا" للحرب في مجلس الأمن. الهدف الثاني والثالث في غضون ذلك، قال القائد العام السابق للحلف الأطلسي ويسلي كلارك لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" ان سورية "ستكون الهدف الثاني" للولايات المتحدة بعد العراق، وأن ذلك "سيحدث خلال الشهور الاثني عشر المقبلة". وعندما سئل هل تفعل واشنطن ذلك على رغم الانتخابات الرئاسية الأميركية، اجاب: "يجب الوصول بالعملية الى نهايتها قبل موسم الانتخابات، أو تؤجل الى ما بعدها". وهل لدى الادارة الأميركية اهداف أخرى في المنطقة مثل ايران، قال: "نعم، ستأتي بعد سورية".