نفى رئيس لجنة التفتيش هانس بليكس سلسلة من الاتهامات الاميركية للعراق، مؤكداً ان حصيلة تقريره الى مجلس الأمن لا تبرر الحرب على هذا البلد، ولفت الى ان العراق لا يتعاون في شكل جيد مع المفتشين. وحذرت بغداد من "فبركة" واشنطن "أدلة" ضدها ودعتها الى تقديم معلوماتها عن الأسلحة المحظورة الى المفتشين للتأكد من صحتها، فيما أعلن محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة الذرية انه يريد ضمانات بإحراز تقدم في عمليات التفتيش قبل العودة الى بغداد تلبية لدعوة رسمية. نفى رئيس اللجنة الدولية للمراقبة والتحقق والتفتيش "انموفيك" هانس بليكس في حديث الى صحيفة "نيويورك تايمز" أمس سلسلة من الاتهامات اطلقتها الولاياتالمتحدة للعراق، مؤكدا ان فرق التفتيش لم تعثر على ما يؤكد هذه الاتهامات. كما عارض فكرة ان الوقت ينفد لنزع اسلحة العراق بوسائل سلمية. ورأى بليكس ان الحصيلة القاسية حيال العراق التي عرضها على مجلس الامن الاثنين الماضي لا تبرر شن حرب، لكنه اعترف بأن "الديبلوماسية تحتاج الى ان تدعم بالقوة أحياناً، وتحتاج عمليات التفتيش الى ان تُدعم بممارسة ضغوط". وقال ان "أي شيء نقوله سيستخدمه بعضهم"، موضحاً: "انني لم اُكيّف تقريري لرغبات أو آمال سياسية في بغداد او واشنطن او أي مكان آخر". ونفى بليكس ادعاءات وزير الخارجية الاميركي كولن باول أن المفتشين وجدوا ان مسؤولين عراقيين كانوا يخفون وينقلون مواد محظورة داخل العراق او خارجه لمنع اكتشافها. واكد ان المفتشين لم يرفعوا تقارير عن حوادث كهذه. كما اشار الى انه لم يجد أدلة مقنعة على ان العراق يرسل علماء أسلحة الى سورية او الاردن او أي بلد آخر للحؤول دون اجراء مقابلات معهم. كما ابلغ الصحيفة انه ليس هناك ما يجعله يعتقد بأن عملاء عراقيين تظاهروا بأنهم علماء، كما ادعى الرئيس بوش في خطاب "حال الاتحاد". وكان بليكس صرح امس بأنه لم يلحظ "بعد" تعاوناً أفضل من جانب العراقيين مع المفتشين منذ الاثنين الماضي، تاريخ تقديمه تقريره أمام مجلس الأمن. واعرب عن أمله بالحصول على "المزيد من الوقت" لمواصلة أعمال التفتيش، وقال ان المدة "تتوقف كلياً على التعاون العراقي". البرادعي نريد ضمانات الى ذلك، اعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فيينا انه يريد ضمانات باحراز تقدم في عمليات التفتيش في العراق قبل القبول بالعودة الىها. وكانت بغداد دعت رئيسي المفتشين بليكس والبرادعي الى العودة الى بغداد قبل موعد رفع تقريرهما الجديد امام مجلس الامن منتصف الشهر الجاري للبحث في سبل تحسين التعاون بين الجانبين. واضاف البرادعي انه قد يلبي الدعوة العراقية بعد مداخلة وزير الخارجية الاميركي كولن باول امام مجلس الامن المقررة في الخامس من الشهر الجاري لتقديم "أدلة" تدين العراق. وقال: "نحاول توضيح هدف دعوتهم. وفي حال لبّينا الدعوة نريد نتائج ملموسة"، مؤكداً "ضرورة ان نلتقي لدى عودتنا الى العراق بكبار المسؤولين وان نحصل منهم على تعهد واضح بالشفافية التامة". كما اكد ضرورة ان يتمكن المفتشون الدوليون من استجواب باحثين عراقيين على انفراد وان يجيز العراق تحليق طائرات "يو-2" الاميركية للتجسس. وأكد اللواء حسام محمد أمين، المدير العام لدائرة الرقابة الوطنية العراقية، انه سيناقش مع بليكس والبرادعي في زيارتهما المقبلة للعراق "النقاط التي برزت في تقريرهما الى مجلس الأمن، وأي أمور اخرى يريانها مهمة" الى جانب "وسائل تعزيز التعاون بين الطرفين واعادة بناء منظومة الرقابة". وعن مقابلات العلماء العراقيين التي عدها بليكس بين المشكلات العالقة مع العراق، قال اللواء أمين: "لن نجبر العلماء على ان يذهبوا الى خارج العراق بهدف المقابلة ولا نجبرهم حتى على اجراء مقابلات داخل العراق، بل نشجعهم. ويبقى هذا الموضوع حقاً شخصياً بالنسبة اليهم"، مشيراً الى ان "الفقرة الخامسة في القرار 1441 تقول ان اللجنة والوكالة يجوز لهما اجراء مقابلات انفرادية داخل أو خارج العراق، ويجوز ليس شرطاً". واكد أمين ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول سيقدم الى مجلس الأمن الاربعاء المقبل "تقريراً خالياً من أي أدلة" تثبت حيازة العراق أسلحة دمار شامل كما تدعي واشنطن. بغداد تحذر من "فبركة" أدلة وكانت بغداد دعت مجلس الأمن الى الطلب من الولاياتالمتحدة تقديم ما لديها من أدلة على حيازة العراق أسلحة الدمار الشامل الى لجنة "أنموفيك" والوكالة الدولية للطاقة الذرية لكي يتسنى لهما الشروع بتحقيقاتهما واعلام مجلس الأمن بمدى صحة هذه الادعاءات. جاء ذلك في رسالة لوزير الخارجية العراقي ناجي صبري وجهها الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان. وحذر الوزير العراقي من "استخدام منبر الأممالمتحدة للترويج لادعاءات كاذبة وأدلة مفبركة"، كما دعا الى "الانتباه لمخاطر استخدام الولاياتالمتحدة قدراتها الفائقة في تقنيات التجسس والفبركة والخداع والتضليل لزرع أدلة كاذبة وتقديمها الى مجلس الأمن على انها "حقائق" بهدف خلق الذرائع لنهجها العدواني ورغبتها المحمومة في شن الحرب والدمار والعدوان على الشعوب الأخرى". وحذر سفير العراق لدى الأممالمتحدة محمد الدوري من ان المسلمين في انحاء العالم سيشنون هجمات على المنشآت الاميركية اذا غزت الولاياتالمتحدة بلاده. واضاف: "لا يمكن ان يقبلوا بأن يهاجم بلد بالكامل". وفي برلين أوضح السفير الاميركي دانيال كوتس ان سبب عدم كشف بلاده مواقع اسلحة الدمار الشامل في العراق حتى الآن، هو حماية مصادر المعلومات. وكشفت الاستخبارات الالمانية امس انها أوصلت معلوماتها عن برامج التسلح العراقية الى المفتشين بطلب من برلين. وصرح السفير الى صحيفة "دي فيلت" الألمانية، بأن حكومته تخشى على المواطنين العراقين الذين اعطوا المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل وعلى أهلهم وأقاربهم من "بطش السلطات العراقية بهم". ورداً على طلب عدد من النواب الألمان، اكد جهاز الاستخبارات الالمانية "بي ان دي" في بيان له انه أوصل معلومات في حوزته عن برامج تسلح العراق الى جميع المسؤولين في البلاد، وكذلك الى المفتشين في العراق بطلب من الحكومة الالمانية. وتابع ان الجهاز ناقش "فداحة هذه المعلومات" مع استخبارات الدول الصديقة، بما فيها الولاياتالمتحدة، مشدداً على ان "عملية التحقق منها جزء من عمليات التفتيش في العراق". في غضون ذلك، واصل المفتشون عملهم في العراق، وتوجهوا امس الى ثلاثة مواقع على الأقل قرب العاصمة العراقيةبغداد.