تعلن مساء الخميس المقبل 11 كانون الاول - ديسمبر جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي التي يمنحها قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة سنوياً لمناسبة عيد ميلاد عميد الرواية العربية. ومنذ إطلاق الجائزة في العام 1996 والى الآن وهي مثار جدل في الأوساط الثقافية المصرية، وكثيراً ما قوبلت باعتراضات وتحفظات في صورة بيانات يربط أصحابها بين المؤسسة التعليمية التي تقدم الجائزة وسياسات الولاياتالمتحدة الأميركية في المنطقة، فضلاً عن مطالبة المؤسسات الثقافية والتعليمية المصرية بإطلاق جائزة بديلة ومقاطعة هذه الجائزة. استطلعت "الحياة" آراء عدد من الكتاب المصريين للتعرف على مواقفهم من الجائزة هذا العام في ظل توقعات أطلقها البعض تؤكد زيادة عدد المعارضين للجائزة، لأن تحفظات الاعوام الفائتة اكتسبت بُعداً جديداً في ظل متغيرين: الأول هو الاحتلال الاميركي للعراق والثاني يتمثل في السابقة التي ارساها الكاتب صنع الله ابراهيم في الحياة الثقافية برفضه جائزة "مؤتمر الرواية العربية" قبل نحو شهر ونصف الشهر وما اعلنه عن رفضه لجائزة الجامعة الاميركية في صمت عندما رشح لها في دورتها الاولى في العام 1996 لأنها تستخدم اسم صاحب نوبل في تلميع مؤسسة علمية تروج للقيم الاميركية. والمؤكد ان هذين المتغيرين سيضعان المرشح للجائزة في موقف صعب بحسب تقدير الكاتب يوسف القعيد الذي أكد ان أي تعاطٍ مع الجائزة بقبولها سيسبب مشكلة ل"الضمير الادبي" تؤرق الجميع. ولم يعتبر القعيد في ما قاله هذا دعوة للوصاية او المزايدة على المرشحين لها لأن حماسته لمقاطعة الجائزة قديمة ومعروفة وهو ليس ابناً للظروف الراهنة. واشار القعيد الى بيان وقعه مع بعض المثقفين المصريين عام 2000 دعوا فيه الى مقاطعة الجائزة او تبرع الفائز بقيمتها المالية لمصلحة ضحايا الانتفاضة الفلسطينية. موقف محفوظ ودعم القعيد وجهة النظر التي تؤكد اهمية قيام مؤسسات مصرية اهلية ورسمية بتبني جائزة بديلة تحمل اسم نجيب محفوظ، سواء قدمها اتحاد الكتاب المصريين او نادي القصة. ونقل القعيد ل"الحياة" تعليق محفوظ على اللغط القائم حول الجائزة مؤكداً ان "صاحب نوبل" مثل جميع الكُتاب يتمنى لو ان جامعة القاهرة قامت بمثل هذه المبادرة وبالتالي وهو في الوقت الراهن، لا يستطيع إلا أن يشكر الجامعة الاميركية على ما قامت به في شأن تخصيص مثل هذه الجائزة التي تحمل اسمه. ولفت "صاحب نوبل" الى ما يحدث في مصر الآن، إذ ان المجلس الاعلى للثقافة في مصر يقدم فعلاً جائزة تحمل اسم محفوظ وتمنح سنوياً لأحد الكتاب المصريين او العرب وهي جائزة لم تكن وقت اقرارها تقل في قيمتها المالية 3000 جنيه مصري عن المبلغ الذي رصدته الجامعة الاميركية، وهو الف دولار اميركي. لكن مشكلة هذه الجائزة، كما يقول القعيد، انها جائزة شبه سرية لا يعلن عنها بالطريقة الملائمة كما لا تمنح لصاحبها في حفل عام وفق التقاليد التي أرستها الجامعة الاميركية لجائزتها. وتقول القعيد: "على المجلس البحث عن وسائل لتنشيط جائزته ومنها ترجمة العمل الفائز والترويج له في الاوساط النقدية عربياً ودولياً". ورفض الروائي محمد البساطي الاقتراح الداعي على تبني المؤسسات الرسمية والاتحادات في صورتها القائمة الآن مشروع اطلاق جائزة تحمل اسم محفوظ، لأن هذا على حد قوله سيكون مدخلاً لإفسادها او للاساءة اليها او كما يقول: "أفسدوا جوائز الدولة فهل ستنجو منهم جائزة تحمل اسم صاحب "الثلاثية"؟ لكن البساطي على رغم تحفظاته على الجائزة يفضل في الوقت الحاضر لو انها وُجهت الى الكُتاب الشباب لأنهم في حاجة الى جائزة تسلط الضوء على نتاجهم، لافتا النظر الى اهمية توقف لجنة تحكيمها عن منحها لأسماء كتاب راحلين كما فعلت من قبل حين منحت الجائزة لاسمي لطيفة الزيات ويوسف ادريس. والمعروف ان الجائزة بخلاف هذين الاسمين فاز بها على مدى سبع دورات تسعة أدباء هم: ابراهيم عبدالمجيد وادوار الخراط وسمية رمضان من مصر، اضافة الى الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي والروائية اللبنانية هدى بركات والجزائرية أحلام مستغانمي والمغربي سالم بن حميش. تفاوت المعايير ويقول الكاتب يوسف ابو رية إن تحفظات الكُتاب المصريين على الجائزة هي نتيجة للسياسات الاميركية المناوئة للعرب، لكن هذا لا يغفل ادراك هؤلاء الكتاب وتعرفهم على تيارات ورموز اميركية معارضة لهذه السياسات داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. ولدينا نماذج مثل نعوم تشومسكي ومايكل مور ونقاد تيار ما بعد الاستعمار. ويشدد صاحب "ليلة عرس" على ان اساتذة الجامعة الاميركية وطلابها كانوا ضمن القوى والتيارات التي تظاهرت ضد الاحتلال الاميركي للعراق ولدعم الانتفاضة الفلسطينية، ومن ثم فالاعتراض على الجائزة سياسياً أمر يخضع للتقديرات النسبية، خصوصاً انها مؤسسة تتمتع باستقلال علمي غير منكور ونجحت طوال السنوات الماضية في اختيار كُتاب هم اصحاب نتاج ابداعي متميز مصرياً وعربياً. ويشير ابو رية الى وجود حال من حالات اللغط حول الجائزة لغياب المعلومات الوافية عنها، فالبعض يعتقد انها ممولة من الجامعة الاميركية، بينما يؤكد البعض الآخر انها ممولة من قسم النشر فيها وبالتحديد من عائد بيع ترجمة مؤلفات محفوظ الى اللغة الانكليزية التي تحصلها الجامعة الاميركية كوكيل ادبي له، وهذا يعني ان محفوظ هو ممول الجائزة، والجامعة ليست اكثر من جهة تنظيمية. وينتهي ابو رية الى القول إن تحفظاته على الجائزة سببها الرئيس انها جائزة بلا معايير واضحة ولا نعرف هل تمنح لأفضل الاعمال التي يقدمها المبدع أم لعمل بعينه أم تمنح للكاتب على مجمل انتاجه الابداعي. ويؤكد أحد اعضاء لجنة تحكيم الجائزة ان اللجنة لديها معايير واضحة تختار على اساسها العمل الفائز، فالجائزة تقدم لعمل واحد لا على مجمل الاعمال، شرط ان يكون هذا العمل حقق اصداء طيبة في الحقل الادبي، وكان استقبال النقاد له لافتاً. على مثل هذه الاسس اختارت اللجنة قبل سنوات عملاً يقع بين الرواية والسيرة الذاتية للشاعر مريد البرغوثي. وفي العام قبل الماضي اختارت رواية اولى للكاتبة سمية رمضان فقط لأنها خلقت لنفسها مجالاً للتلقي داخل الحقل الادبي. وقال عضو لجنة التحكيم إن في إمكان أي كاتب ان يتقدم بعمله مباشرة الى قسم النشر في الجامعة الاميركية كجهة منظمة للجائزة، كما يحق لاعضاء اللجنة ترشيح أي عمل للتداول حوله، وكذلك يحق للناشرين التقدم بالاعمال التي يرونها ملائمة للجائزة قبل اول حزيران يونيو من كل عام. من ناحية أخرى اشار بيان صادر عن قسم النشر المنظم للجائزة الى انه تم انشاء صندوق نجيب محفوظ لدعم ترجمة الادب العربي بغية التوسع في ترجمة الاعمال الادبية المميزة، بما في ذلك الاعمال التي لم ترشح للجائزة او لم تفز بها، وقام القسم بترجمة ونشر ما يقرب من 60 عملاً روائياً بمعدل يقترب من 10 اعمال سنوياً. ونفت مصادر في لجنة التحكيم ان تكون التغييرات الاخيرة في تركيبة اللجنة واسماء اعضائها هي نتاج مباشر لما احدثه صنع الله ابراهيم في سياق رفضه لجائزة مؤتمر الرواية العربية مؤكداً ان تشكيل اللجنة في صيغتها الجديدة تم اقراره في حزيران الماضي قبل اكثر من اربعة شهور على عقد مؤتمر الرواية العربية. وأشار المصدر الى ان لجنة التحكيم التي ستختار الفائز بجائزة هذا العام تضم في عضويتها: عبدالمنعم تليمة، هدى وصفي، ومارك لينز مدير قسم النشر في الجامعة الاميركية، وحل الناقد ابراهيم فتحي محل رجاء النقاش بعد اعتذاره عن عدم الاستمرار، وانضمت سامية محرز الى اللجنة خلفاً لفريال غزول التي اعتذرت ايضاً. وعلمت "الحياة" أن الكاتب المصري خيري شلبي هو صاحب النصيب الاكبر من الترشيحات داخل اللجنة وذلك عن روايته "وكالة عطية".