لم تجد السيدة التي كانت تتسوق في احد المراكز التجارية شرقي السعودية بداً من الوقوف والتمعن بذلك الفتى الذي كان يتبعها. كان في العشرينات من العمر طويل القامة يرتدي "شماغاً" يغطي ثلثيه بينما كان الثوب ذو الياقة التي قاربت اذنيه مخصراً لدرجة ان الأزرار بدت وكانها ستتقطع، اما الملفت في الأمر فهو ان الثوب كان يحمل فتحتين على جانبيه. لم تتمالك السيدة نفسها من الضحك، ولم تجد أمامها الا الدعاء للشاب بالشفاء العاجل، وهي دعوة تتردد كثيراً على مسامع السعوديين وتترافق عادة مع كل تقليعة جديدة للمراهقين والشباب. السعوديون لاسيما الشباب منهم مصرون على احداث نقلة في الزي الوطني الذي بقي تقليدياً عشرات السنين، واذا كان في السابق يتم الحديث عن الفتحة في الثوب من باب الدعابة فقط، فالفتحة الآن أصبحت موجودة. ويقول هشام عبد الكريم وهو احد المستثمرين في الاقمشة ومحلات الخياطة الرجالية: "نستقبل الكثير من الزبائن الذين يرغبون في اضافة تقليعات جديدة للثياب بيد اننا نرفض ذلك للمحافظة على سمعة محلاتنا". ويضيف: ان "الموضة لم تعد تقتصر على نوعية الاقمشة المعروضة بل تطورت لتصل الى التحريف بالتفصيل". وغدا تخصير الثياب هو السائد الآن بجانب تكبير الياقة بشكل مبالغ فيه ، على ما يقول عبدالكريم: "يفاجئنا بعض الزبائن بطلباتهم مثل تفصيل فتحات في الثياب وآخرين يطالبون بوضع زخارف عليها وبعضهم يأتينا بأقمشة جينز لتفصيلها الا ان تلك الفئة عادة ما تكون من الشباب المراهقين الذين يسعون للفت الأنظار اليهم باي شكل". ويوضح عبدالكريم "ان المنطقة الشرقية مقارنة بنظيراتها الغربية والوسطى ما زالت محافظة الى حد كبير على الشكل التقليدي للثوب ولكن لابد لابنائها احياناً من متابعة التطورات". ويضيف: "لن أستغرب اذا ما طلب مني احدهم تفصيل ربطة عنق لثيابه، لم لا طالما ان لدينا جيلاً قادراً على الابتكار". ويشير عبدالكريم الى ان السعوديين "لا يمكن ان ينسوا تلك الثياب التي كانوا يرتدونها قبل سنوات، فقد كانت الأقمشة محدودة والأشهر منها كان يطلق عليه "ابو غزالين"، والآخر يسمى "زبدة" وهي مصنوعة من البوليستر بجانب نوع آخر من القطن يسمى تترون. أما اليوم فهناك اكثر من 200 نوع من الاقمشة يقف بينها الزبائن حائرين". وبجانب تلك الاقمشة، دخلت السوق ماركات عالمية تقدر أعمالها بنحو320 مليون دولار سنوياً. ومن اشهر تلك الماركات فالنتينو وفيري وأخيراً جيفينتشي. ويقول عبدالكريم ان تلك الماركات التي تصل قيمة الثوب منها مع تفصيله الى نحو 1400 ريال 373 دولاراً بدأت تستحوذ على رغبات الزبائن بشكل لافت على رغم ان أسعارها تعادل خمسة اضعاف الأقمشة الأخرى خاصة بعد نجاحها في اجتذاب فئة الشباب بمنتجاتها من الشمغ اغطية الرأس". ويوضح "ان تلك الشركات تبيع قطعة قماش تكفي ثوباً واحداً فقط بعد وضعها بعلبة فاخرة تغري الكثير من الزبائن". بيد ان عبدالكريم يبين ان نسبة الاقبال على هذه الثياب "ما زالت محدودة نظراً لارتفاع اسعارها وبالتالي فان الزبائن عادة ما يختارون من الاقمشة الأخرى". ويضيف: "ان الاختيار لم يعد كما كان في السابق، فالاقمشة الرائجة الآن هي تلك المزخرفة والمنقشة والتي كانت مرفوضة في السابق، الا ان وتيرة الطلب عليها في ارتفاع مستمر. ويقدر عبدالكريم متوسط ما ينفقه السعودي على تفصيل الثياب سنويا بنحو 1200 ريال 320 دولاراً.