بُذلت مساء امس محاولات مضنية لإصدار بيان ختامي عن حوار القاهرة، إلا أن الفصائل الفلسطينية المشاركة اتفقت على الاستعاضة عنه ببيان صحافي خلا من اي اشارة الى قضايا الخلاف، وهي الوقف الشامل لاطلاق النار وتفويض الحكومة الفلسطينية التحرك سياسيا، بل اكتفى البيان بتأكيد أهمية حوار القاهرة "المفيد والبناء" واستمرار الحوار ومواصلة اللقاءات وتوجيه الشكر لمصر والتحية للأسرى والمعتقلين. وغادر رئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع القاهرة امس متوجها الى عمان بعد لقائه الرئيس حسني مبارك، وتأكيد رفضه اي هدنة "مجانية". وأظهر حوار القاهرة "افتراق الفصائل" في تقويمها للوضع الحاضر ومستلزمات الخروج منه، وطغت على ساعات مساء امس محاولات ل"انقاذ ماء الوجه" باصدار بيان عمومي. ولم ينجح اجتماع عقد ظهر امس بين رؤساء الوفود المشاركة في حضور رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ومدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان في تغيير المواقف. وبدا الافتراق واضحا بين موقف السلطة و"فتح" ومعهما عدد من الفصائل، وبين موقف الفصائل الخمسة، خصوصا "حماس" و"الجهاد". وقالت مصادر مشاركة في الحوار ل"الحياة" ان السلطة و"فتح" طالبتا المشاركين بقبول هدنة جديدة، وان مشروطة، كما طالبت بخطوة مرفقة او بديلة هي اعلان تفويض للسلطة الفلسطينية بالتحرك سياسيا. ورفضت الفصائل الخمسة المطلبين مقترحة في المقابل تحييد المدنيين من الجانبين بشروط، وفي حال الحصول على التزام واضح ومحدد "ندرسه انطلاقا من مصالح شعبنا". واشارت الفصائل الخمسة الى عدم وجود مبرر لتقديم تنازلات مجانية، مذكرة بالموقف الاسرائيلي من الهدنة السابقة. وفي السياق نفسه، قال عضو وفد "حماس" محمد نزال ل"الحياة" إن "فتح" وستة تنظيمات أخرى أصرت على "التفويض" و"تحييد المدنيين" من دون شروط، مشيراً الى أن الحركة وأربعة تنظيمات اخرى منها "الجهاد" دعت إلى صدور بيان ختامي و"لنتعاون في ما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه". وشهدت جلسات الحوار واللقاءات على هامشها نقاشات ساخنة حول مسألة التفويض ولم تنجح التدخلات المصرية في تغيير المواقف. وعلى رغم ان المتحاورين ابدوا حرصا على عدم افشال حوار القاهرة نظرا الى خصوصية العلاقة مع مصر وبسبب دورها في انجاح الحوار في السابق، الا انهم فشلوا في تجاوز الازمة التي عصفت بالحوار امس. وقال رئيس وفد "الجبهة الشعبية" الى الحوار ماهر الطاهر ل"الحياة" في القاهرة ان "الحوار لم يحقق النتائج التي كنا نتوخاها"، مشيراً في الوقت نفسه الى "نتائج أخرى صار فيها توافق مثل تشكيل القيادة السياسية وابداء حماس والجهاد الاستعداد للإنخراط في منظمة التحرير الفلسطينية وتحييد المدنيين من الجانبين". وأكد عضو المكتب السياسي ل"الشعبية"، عضو وفدها الى الحوار ابو علي حسن ل"الحياة" ان رؤساء الوفود لم يستطيعوا التوصل الى اتفاق على اي شيء باستثناء "تحييد المدنيين من الجانبين، واستعداد حماس للمشاركة في منظمة التحرير بشروط". لكن "فتح" ردت انه اذا لم يكن هناك وقف للنار وتفويض السلطة بالتحرك سياسيا فلا داعي لاصدار بيان عن الاجتماع. وعلى رغم ذلك، قال مسؤول فلسطيني ان السلطة "لم تغلق الباب تماما امام وقف اطلاق النار. سنكلف قريع والجانب المصري الحصول على وتعهدات من اسرائيل بالتزامها وقف العدوان على الشعب الفلسطيني بكل اشكاله، ثم نعلن موافقتنا على وقف اطلاق نار شامل".