سجّل أنصار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أمس نقطة مهمة ضد معارضيهم في جبهة التحرير الوطني، إذ أصدر القضاء قراراً بتجميد نشاطات الجبهة، حزب الغالبية البرلمانية، و"تجميد كل حسابات الحزب البنكية الى غاية تكييف وضعه وتصحيحه طبقاً للقانون". وطعن قرار القضاء في شرعية المؤتمر الثامن للحزب الذي كرّس دور الأمين العام علي بن فليس، رئيس الحكومة السابق، الذي يُعتبر المرشح الأكثر جدية في مواجهة بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وجاء القرار بعد شكوى رفعها أنصار الرئيس بوتفليقة ضد قيادة الحزب في شأن عدم شرعية المؤتمر الثامن الذي أصدر قرارات عدة أبرزها "إستقلالية قرار الحزب عن دوائر الوصاية مهما كانت". ويتوقع أن يسمح القرار لمؤيدي رئيس الجمهورية بعقد "مؤتمر تصحيحي" خلال الأسابيع المقبلة. وعبّر رئيس "الحركة التصحيحية" لجبهة التحرير وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم عن سعادته بصدور القرار، مشيراً في تصريحات صحافية الى انه "مؤشر صحي على نزاهة العدالة". وقال ان مؤيدي بوتفليقة في حزب الغالبية "سيعكفون الآن على التحضير الجدي للمؤتمر الجامع الذي سنناقش فيه مسألة الترشح للإنتخابات الرئاسية". بن فليس وفي رد فعل على القرار الذي أثار هزة في الأوساط الإعلامية والديبلوماسية، دعا علي بن فليس الأمين العام لجبهة التحرير مرشحها للرئاسة، في ندوة صحافية مساء، "كافة القوى الوطنية من أجل وثبة منقذة كفيلة وحدها بإحباط المؤامرة المحاكة ضد بلادنا والتي ستؤدي بنا، لا محالة، إن لم يتم التصدي لها، إلى غياهب المجهول والمغامرة". واعتبر ان الحكم الصادر عن القضاء الجزائري و"وصمة عار" و"عنف بوجه قضائي يبيّن مجدداً بأن رئيس الجمهورية المكلف دستورياً السهر على احترام القانون والدستور لا يتردد في المساس به وتهديده لإشباع أطماعه في السلطة". ورأى ان القرار "إستجابة لحركة تمردية أنشأها رئيس الجمهورية وتتحرك بإيعاز منه". وتابع "انه حكم في حق التعددية السياسية والديموقراطية". وتوعد بن فليس بعدم الصمت إزاء "الإعتداء الذي استهدف الحزب". لكنه رفض كشف تفاصيل "خطة الرد" على ما وصفها ب"مؤامرة رئيس الجمهورية ضد حزب الشهداء ومجاهدي الثورة". ولمح إلى إمكان حدوث إنتفاضة شعبية، قائلاً "هل يعتقد هؤلاء بأن الشعب لم ير ما حدث في جورجيا أو ما حدث في مدغشقر؟". وجدد عزمه على الترشح للإستحقاقات الرئاسية، مشيراً الى أن "الوضع بلغ ذروة من الخطورة". بن حاج والابراهيمي وزار الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة الشيخ علي بن حاج، مساء، المقر المركزي لجبهة التحرير في حيدرة وقال إنه جاء "تعبيراً عن تضامني مع الحزب ضد الظلم الذي يتعرض له". لكن أفراد الأمن الذين يرافقونه في تنقلاته منعوه من دخول المقر للقاء بن فليس. كذلك قام الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، مساء، بزيارة مفاجئة لمقر جبهة التحرير للمرة الأولى منذ 1999 والتقى بن فليس وعبر له عن تضامنه مع "التعسف السياسي الذي راحت ضحيته جبهة التحرير الوطني". وقال مصدر قريب من الإبراهيمي ان قرار القضاء "سابقة خطيرة تتعارض مع المبادئ الأساسية للدستور الجزائري". واستغرق اللقاء نحو ساعة. ردود حزبية وفي ردود فعل الأحزاب، اعتبر الشيخ عبدالله جاب الله، رئيس حركة الإصلاح الوطني أهم قوة سياسية إسلامية ممثلة في البرلمان والمجالس المحلية، ان القرار "موقف غير منتظر يعمق الشكوك لدى الأمة حول لزوم مؤسسات الدولة الحياد في الاستحقاقات السياسية المقبلة ويزيد في تعميق حال عدم ثقة الشعب في مؤسسات الدولة ويشكل خطراً حقيقياً على مستقبل التعددية السياسية وحرية الأحزاب واستقلاليتها". ودعت حركة الإصلاح مؤسسات في الدولة، لم تذكرها بالاسم، إلى "الإعلان عن إجراءات عملية تشهد لها بالإرادة الصادقة في لزوم الحياد تفادياً لأي انزلاقات محتملة قد تعمق الأزمة القائمة منذ أكثر من عقد". وعقدت اللجنة المركزية لحزب العمال دورة طارئة خلصت إلى تأكيد أن "الوضع خطير للغاية". وقررت تكليف رئيسة الحزب لويزة حنون "المشاركة في أي مبادرة جماعية لإنقاذ الوضع الخطير الذي يعصف بالجزائر". واعتبرت الحركة الديموقراطية والإجتماعية ذات التوجه اليساري أن القرار "يفرش البساط الأحمر للرئيس بوتفليقة للفوز بعهدة ثانية". واستنكرت شخصيات وطنية عدة وأحزاب سياسية أخرى قرار القضاء.