لم تتضح بعد ملامح المصالحة الوطنية، لا التي دعا اليها مجلس الحكم الانتقالي ولا التي تحدثت عنها أحزاب سياسية. وجاء في تقرير صدر في بغداد أن خبراء من دولة جنوب أفريقيا سيزورون العراق للمساعدة في وضع آلية للمصالحة على الطريقة التي تمت في بريتوريا. وجاء في التقرير ان الخبراء الجنوب أفريقيين حددوا الهدف في إطار المصالحة بين أهالي ضحايا النظام السابق ومسؤولين عن جرائم ضد الإنسانية. ويقترح الخبراء الأفارقة تشكيل لجان في كل محافظة عراقية من نشطاء حقوق الإنسان، ثم تستدعى الضحية والمتهم لإجراء المصالحة على قاعدة التراضي، يعقبها دفع تعويضات مالية ورواتب تقاعدية لعائلات الضحايا. ويبدو أن الإدارة الأميركية كانت وراء فكرة تدخل خبراء من جنوب أفريقيا اذ يؤيد الأميركيون إصدار مجلس الحكم الانتقالي أو أي حكومة مقبلة عفواً شاملاً يؤدي إلى التعجيل في إبرام المصالحة. وتعارض الأحزاب العراقية الكبيرة فكرة العفو الشامل، كما أن أهالي ضحايا النظام السابق باتوا يعتبرون مجرد الحديث عن القانون خيانة وطنية! وقال مسؤول في حزب "المؤتمر الوطني" الذي يقود حملة اجتثاث البعث داخل مؤسسات الدولة ل"الحياة" إن "الوثائق التي قدمها أهالي الضحايا تؤدي إلى محاكمة أكثر من 150 ألف بعثي متّهم بالتحريض أو المشاركة في قتل المواطنين، خصوصاً مواطني محافظاتجنوبالعراق". وأضاف ان "أهالي ضحايا النظام السابق يضغطون باتجاه شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف البعثيين". ولأن القسم الأكبر من المطلوبين في جرائم ضد الإنسانية من العهد السابق موجودون في مناطق ما يسمى "المثلث السني" فإن تنفيذ الاعتقالات والمحاكمات سيهدد مقومات السلم الأهلي بين العراقيين. وكشفت أوساط دينية في بغداد أن مراجع رفيعة في النجف وهيئة علماء المسلمين تتدارسان فكرة إصدار فتوى شرعية للعفو والتسامح والصفح عما مضى لتعزيز أجواء المصالحة في البلاد. ويرى الأكراد أن محاكمة المرحلة السابقة يجب أن تقتصر على قيادات النظام من الصف الأول على أن تكون قائمة المطلوبين ال55 هي القاعدة في ذلك وليست قائمة ال200 مطلوب. ويمكن للأحزاب الكردية التي تتخذ مواقف معتدلة من موضوع التعاطي مع ملف المصالحة الوطنية أن تلين المواقف المتشددة للأحزاب والقوى والجماعات الشيعية التي تريد إخضاع ألوف البعثيين للمحاكمة، وتحدث بعض المسؤولين الأكراد عن حوار كردي - شيعي في هذا الموضوع. وبرز تيار سياسي شيعي قوي يؤيد اتخاذ إجراءات عملية تنقّي الأجواء والنفوس وتساهم في دفع تعويضات كبيرة الى عائلات ضحايا النظام السابق.