انسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي صباح أمس من مخيم يبنا وبلوك "O" الواقعين بمحاذاة الشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر جنوب مدينة رفح، مخلفة وراءها تسعة شهداء وأكثر من 40 جريحاً وعشرات المنازل والبنى التحتية المدمرة ومئات المشردين. وتراجعت الدبابات والجرافات الاسرائيلية نحو 300 متر الى الوراء حيث مواقعها المنتشرة على طول الشريط الحدودي الذي تسيطر عليه منذ انشائه عام 1982 بموجب معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل. وأصيب آلاف المواطنين بالصدمة والفاجعة عندما عاد بعضهم الى بيته فوجده أصبح أثراً بعد عين، أو وجد بقايا من بقاياه، بعدما أتلف الهدم في هذه البيوت كل ما يؤوي ويستر فانكشف سكانها للسماء والريح والبرد والمطر. ووجد مئات الأطفال صعوبات بالغة في العثور على حقائبهم المدرسية أو حتى ملابسهم أو أواني طعامهم. وحتى الطعام نفسه تناوله جنود الاحتلال من المنازل التي لم يدمروها وشربوا الماء والشاي واستخدموا الحمامات قبل ان يخربوا محتوياتها لدى مغادرتهم. وفي مشهد آخر، خرج آلاف الفلسطينيين في المدينة لتشييع جثامين أربعة شهداء آخرين من شهداء المجزرة الى مثواهم الأخير، كان آخرهم سقط صباح أمس متأثراً بجروحه وهو محمد كامل منصور 27 عاماً. وكانت قوات الاحتلال توغلت فجر اول من امس في المدينة بحجة البحث عن انفاق يتم عبرها تهريب أسلحة من مصر الى قطاع غزة، وهي الذريعة الدائمة للتلذذ بقتل المزيد من الفلسطينيين وتدمير منازلهم وتهجيرهم. وحسب مصادر حقوقية ومحلية فإن قوات الاحتلال دمرت خلال الساعات الأربع والعشرين للاجتياح 19 منزلاً في شكل كلي تقطنها 25 أسرة عدد أفرادها 150 فرداً، كما دمرت بنايتين تتألفان من 14 شقة تقطنها 17 أسرة تضم 90 فرداً. ودمرت جزئياً 10 منازل تقطنها 16 أسرة تضم 88 فرداً، والحقت أضراراً جزئية بنحو 177 منزلاً تقطنها 200 أسرة تضم 1485 فرداً، ودمرت نحو 20 محلاً تجارياً واشعلت النار فيها لاحراق محتوياتها. واعتبر مدير الأمن العام في قطاع غزة اللواء عبدالرزاق المجايدة ان الحكومة الاسرائيلية مستمرة في "تنفيذ خططها العسكرية المعدة سلفاً لضرب الشعب الفلسطيني الاعزل"، واصفاً ما يجري في رفح بأنه "مجزرة حقيقية ترتكب في حق مدنيين عزل لمصادرة أراضيهم وتدمير منازلهم لمواصلة اقامة بناء الجدار" الحديد العازل الذي تقيمه اسرائيل على طول الشريط الحدودي، ويحجب الرؤية بين شطري مدينة رفح المقسمة الى مدينتين فلسطينية ومصرية. ووصف ما يجري بأنه "بالغ الخطورة وارهاب دولة مروع". إلى ذلك، قصفت "كتائب الشهيد عزالدين القسام"، الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس بلدة سيدروت اليهودية شمال شرقي القطاع بعدد من صواريخ "قسام". وقصفت أيضاً مستوطنة "نيتسانيت" اليهودية الجاثمة فوق أراضي بلدة بيت لاهيا شمال القطاع بصاروخ، ما ادى الى تدمير منزل واصابة مستوطن ومستوطنة بجروح طفيفة. وقال بيان صادر عن "الكتائب" تلقت "الحياة" نسخة منه، إنها اطلقت ثلاث قذائف هاون على مستوطنة "نتساريم" اليهودية الجاثمة فوق أراضي الفلسطينيينجنوب مدينة غزة. من جهة اخرى، استشهد الشاب اياد خليل علاونة 27 عاماً من بلدة جبع قرب جنين مساء أول من أمس جراء اصابته بعيار ناري متفجر في رأسه اثناء مواجهات عنيفة شهدتها البلدة مع قوات الاحتلال. وشيع جثمان الشهيد علاونة الى مثواه الاخير أمس. وفي مدينة نابلس، اصيب خمسة فلسطينيين بجروح ظهر امس عندما اطلقت قوات الاحتلال نيران أسلحتها وألقت قنابل الغاز المسيل للدموع في اتجاه مسيرة حاشدة نظمتها القوى الوطنية والاسلامية احتجاجا على ممارسات الجيش الإسرائيلي. وانسحبت قوات الاحتلال صباح امس من بلدة قباطية قرب جنين بعد ان فشلت في اعتقال أحد كوادر "كتائب شهداء الاقصى" الذي اطلقت النار عليه واصابته بجروح متوسطة قبل ان ينقل الى مكان آمن. لكن قوات الاحتلال اجتاحت مخيم طولكرم بعد انسحابها من قباطية. واقتحم جنود الاحتلال بلدة دورا جنوب غربي الخليل ودهموا مسجدين وصادروا عدداً من الوثائق من احدهما، واعتقلوا مواطناً من عصيرة الشمالية في بلدة الزبابدة قرب جنين. فرنسا تدين "العنف المفرط" من جهة اخرى، اف ب، دانت فرنسا امس على لسان مساعدة الناطقة باسم وزارة الخارجية سيسيل بوزو دي بورغو العملية العسكرية الاسرائيلية في رفح، واعلنت الناطقة في ندوة صحافية: "ندعو اسرائيل الى الامتناع عن استخدام مفرط للعنف في المناطق المكتظة بالسكان". وقالت دي بورغو: "في حين انخفض مستوى العنف بشكل ملحوظ منذ عدة اسابيع إلا ان هذه العمليات تغذي التوتر وتعقد تطبيق خريطة الطريق التي ينبغي ان تبقى من اولويات الجميع". ودعت باريس "في السياق نفسه مجمل الفصائل الفلسطينية الى التخلي عن العنف والارهاب وانهاء المناقشات سريعا حول وقف النار" على ما اضافت الناطقة باسم وزارة الخارجية. ودان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بشدة عملية التوغل الاسرائيلية التي دامت يومين وانتهت امس.