سارت وسط باريس أمس، تظاهرة شاركت فيها مئات النساء المحجبات تحت شعار "دفاعاً عن خيار الراغبات بارتداء الحجاب". ولبّت هذه التظاهرة دعوة وجهتها طالبات ثانوية سين سان دوني ضاحية باريس. وواكب "جهاز انضباط" مكون من الرجال التظاهرة طوال خط سيرها الذي حدد بموجب ترخيص من الشرطة. واستهدفت التظاهرة الاحتجاج على قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك إصدار قانون لحظر العلامات الدينية الظاهرة في المدارس العامة، بما في ذلك الحجاب. ورفعت خلالها شعارات تنديد ب "القانون الاستثنائي" لصون العلمانية. وشاركت مجموعات نسائية من مدينتي ليل وتوركان في التظاهرة الأولى من نوعها في باريس. وكانت مدينة ستراسبورغ، شمال فرنسا، حيث للجالية المسلمة والعربية حضور ملحوظ، شهدت بدورها تظاهرة دفاعاً عن حرية ارتداء الحجاب. يذكر أن قرار شيراك إصدار قانون لحظر الحجاب في مؤسسات التعليم والإدارات العامة، قوبل بتحفظ لدى "المجلس الفرنسي للديانة المسلمة" الذي يمثل المسلمين لدى السلطات العامة. لكن المجلس وجه دعوة أبناء الجالية المسلمة لاعتماد التروي، وطالب السلطات الفرنسية بإشراكه في إعداد القانون المزمع إصداره وبلعب دور على صعيد تطبيقه. موقف "وسطي" لشرودر في غضون ذلك أ ف ب، أعرب المستشار الألماني غيرهارد شرودر في مقابلة مع صحيفة "بيلد أم سونتاغ" أمس، عن تأييده حظر ارتداء الحجاب للموظفات بمن فيهن المدرسات، لكن ليس للطالبات. وقال: "لكن لا يمكنني منع فتاة من الذهاب إلى المدرسة بالحجاب". ويأتي ذلك في وقت لم تتوصل 16 ولاية في ألمانيا إلى موقف موحد بشأن ما يجب إقراره إزاء ظاهرة الحجاب الإسلامي في قطاع التعليم العام، وذلك خلال مؤتمر عقد في تشرين الأول أكتوبر الماضي. طهران ودمشق ومن جهة أخرى، انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي قرار شيراك واعتبره "قراراً متطرفاً يهدف إلى منع تطور القيم الإسلامية" في فرنسا. وقال آصفي إن "هذا القرار يعارض حقوق المواطنين ويلطخ صورة فرنسا لدى الرأي العام في العالم الإسلامي". وطلب من الحكومة الفرنسية العدول "عن هذا المشروع، آخذة في الاعتبار تقاليد المسلمين وثقافتهم في فرنسا". كذلك، دعا مفتي سورية الدكتور أحمد كفتارو الرئيس الفرنسي إلى إعادة النظر في قراره. وابدى في رسالة وجهها إلى شيراك لمناسبة عيد الميلاد وتلقت "الحياة" نسخة منها، دهشته من قرار "منع بعض المظاهر الخاصة بأهل الشرائع السماوية الأخرى والتي نكن لها كل الاحترام". وقال: "كان لا بد يا سيادة الرئيس من تأكيد أن أمة الإسلام تنظر إلى الحجاب على أنه من أسس دينها وهو ليس مجرد مظهر أو عادة، لذلك نهيب أن تعيدوا النظر في تأييدكم لهذا القرار ليكون في ذلك تناغماً مع تاريخكم العريق على المستوى الداخلي والفرنكوفوني والدولي ولمنهجكم المعتدل في التعايش بين الأديان والأعراق والأجناس".