سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تزامن مع التوقيع على "مبادرة جنيف" وقرب بدء الحوار الفلسطيني في القاهرة . عدوان عسكري اسرائيلي واسع على محافظة رام الله يخلف 5 شهداء وعشرات الجرحى والمعتقلين من "حماس"
ترجم رئيس الوزراء الاسرائيلي على أرض الواقع تهديداته التي اطلقها ضد الفلسطينيين في الايام الاخيرة، ورد على كل التحركات الرسمية وغير الرسمية للخروج من الطريق المسدود الذي وصل اليه الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، بما في ذلك الجهود الدولية، بعملية عسكرية واسعة النطاق تركزت في محافظة رام الله والبيرة اسفرت حتى الآن عن استشهاد اربعة فلسطينيين من بينهم طفل لم يتجاوز التاسعة من العمر مع الاعتقاد بسقوط خامس قد يكون أحد قادة "حماس" واصابة 16 آخرين بجروح واعتقال عشرات الشبان الفلسطينيين في عملية اقتحام مروعة. وتزامنت الغارة مع بدء اعمال البناء في مستوطنة يهودية جديدة على اراضي حي جبل المكبر في القدسالشرقية، تضم مئات الوحدات السكنية الاستيطانية وكنيساً يهودياً وفندقاً، في رد عملي آخر على ما نصت عليه "مبادرة جنيف" غير الرسمية في شأن السيادة الفلسطينية على الاحياء العربية في المدينة المقدسة. واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي حتى ساعات مساء أمس عمليات الاقتحام وترويع المواطنين الفلسطينيين في محافظة رام الله والبيرة في اطار هجوم عسكري واسع النطاق بدأ في ساعة متقدمة من ليل الاحد وأودى بحياة أربعة فلسطينيين، ثلاثة منهم من كوادر "حركة المقاومة الاسلامية" حماس والرابع الطفل مؤيد حمدان تسعة اعوام. واصيب في الهجوم ما لا يقل عن ستة عشرة مواطنا من بينهم طفل في الثالثة عشرة من العمر فيما اقتيد نحو 50 فلسطينيا الى معسكر "عوفر" الاعتقالي القريب من بيتونيا. وشاركت في العملية قوات كبيرة من جيش الاحتلال و"حرس الحدود" وعناصر من جهاز الشاباك والقوات الخاصة اقتحمت فيها نحو 150 سيارة جيب عسكرية ومدرعة المدينتين. وفيما اكدت مصادر عسكرية اسرائيلية ان العملية استهدفت "النواة الصلبة والمخفية" لحركة "حماس" في رام الله والبيرة وطاولت المسؤولين عن عدد كبير من عمليات المقاومة العسكرية ضد اهداف اسرائيلية وهدم "معمل للمتفجرات"، اكد شهود عيان ان قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي حاصرت مبان سكنية عدة في رام الله والبيرة في اطار ملاحقتها ناشطين من حركة "حماس". وفي مدينة البيرة، قتلت قوات الاحتلال الشابين سيد عبدالكريم القاسم 30 عاما وصالح التلاحمة اثناء وجودها في مبنى سكني في حي الشرفة المقابل لمخيم الامعري للاجئين الفلسطينيين. وقتل في العملية أيضاً الطفل مؤيد حمدان. واكد شهود عيان ان قوات الاحتلال قصفت المبنى بقذائف "انيرجا" وأمطرت الطابق الارضي من المبنى بوابل من الرصاص الثقيل العيار، فيما زجت بعدد من الكلاب البوليسية الى داخل المبنى بعد اخلائه من سكانه. وانتظر المواطنون في العراء طوال ساعات الليل وأخضع المواطنون الى عمليات تفتيش واجبروا على خلع ملابسهم. وبعدما تاكد الجنود من مقتل الشابين، اجبروا المواطنين على اخراج جثمانيّ الشهيدين من المبنى الذي دمروه على رأسيهما. واكد شهود عيان انه جرى اطلاق النار باتجاه جثمانيّ الشهيدين للتأكد من وفاتهما قبل الاقتراب منهما وجرهما الى الشارع، فيما "اعتنى" الجنود بجثة كلب بوليسي قتله الشهيدان في ما يبدو. وابقيت جثتا الشهيدين لساعات على الأرض من دون ان يسمح للمواطنين بنقلهما الى المستشفى. وفي حي "المصيون" في رام الله حيث كانت قوات الاحتلال لا تزالت موجودة حتى ساعة اعداد هذا التقرير، استشهد المواطن محمد سالم محمود 40 عاما، وهو ايضا من كوادر حركة "حماس". واستخدمت قوات الاحتلال اسلوب القصف نفسه للبيت المكون من اربع طبقات ثم دمرته بعد التأكد من استشهاد محمود داخله. ويعتقد ان شهيدا خامسا سقط في عملية الدهم هو ابراهيم حماد، وهو من قادة "حماس" البارزين الذين تعتبرهم اسرائيل من "النواة الصلبة غير المعروفة". واصيب المئات من الطلاب وتلامذة المدارس بحالات من الرعب والخوف جراء استمرار عمليات التفجير لبعض المباني والمنازل في المدينة بالقرب من المدارس ما ادى الى سقوط زجاج الغرف الدراسية من شدة دوي التفجيرات. ولم يسلم مسجد "حي الطيرة" في رام الله من قنابل الغاز والقنابل الصوتية التي فجرت بداخله فيما اقتيد مؤذن المسجد وزوجته ونجله الى مكان مجهول. كما هدمت اجزاء من مبنى "المرجعية العليا" لحركة "فتح" ومقهى "انترنت". وتم تفجير ابواب عدد من المحال. وفرض في هذه الاثناء حظر التجول على احياء عدة في المدينتين ما عرقل وصول التلاميذ الى مدارسهم. وتزامن البدء في العملية التي استهدفت كوادر "حماس"، اغتيال احد كوادر "حركة الجهاد الاسلامي" في رفح، يوسف اسماعيل مطر 33 عاماً وذلك بزرع عبوة ناسفة في سيارته انفجرت عندما استقلها ما أدى الى استشهاده، حسب بيان أصدرته "سرايا القدس"، الجناح العسكري ل"حركة الجهاد الاسلامي" أمس وتلقت "الحياة" نسخة منه. السلطة: الهدف نسف الحوار والجهود الدولية السلمية وجاءت العملية في الوقت الذي يستعد فيه الفلسطينيون للبدء في حوار داخلي بين الفصائل المختلفة والسلطة الفلسطينية برعاية مصرية في القاهرة بهدف التوصل الى اتفاق داخلي يقود الى ابرام اتفاق لوقف متبادل لاطلاق النار بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال الاسرائيلي. وبعد انقضاء وقت قصير على اجتماع للتمهيد للقاء رئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع أبو علاء مع نظيره الاسرائيلي أرييل شارون شارك فيه صائب عريقات ومدير مكتب ابو علاء الدكتور حسن ابو لبدة ولم ينجح في تحديد موعد لهذا اللقاء. وتزامنت العملية العسكرية الاسرائيلية ايضا مع توقيع الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي غير الرسميين على "اتفاقية جنيف" في حضور شخصيات دولية وعربية. واعتبر حسن ابو لبدة مدير مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني ان الهدف من العملية العسكرية الاسرائيلية "محاولة لنسف" الجهود المبذولة لعقد لقاء بين ابو علاء وشارون و"لاحراج السلطة والفصائل الفلسطينية ونسف حوار القاهرة". واكد ابو لبدة مجددا انه "لن يكون هنالك لقاء بين شارون وابو علاء ما لم تكن المفاوضات التمهيدية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قد قطعت شوطاً مهماً للوصول الى قاعدة تقود الى تفاهمات معينة في مجالات مختلفة". ووصف نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات العملية العسكرية الاسرائيلية بأنها "استفزاز يهدف الى تعطيل الجهود المبذولة لانجاح خريطة الطريق ولانجاح حوار القاهرة والتشويش على اتفاقية جنيف". وكان شارون هدد الفلسطينيين ب"القبول" بما يطرحه عليهم والا فان "صبره بدأ ينفد" فيما هاجم بشدة القائمين على "مبادرة جنيف" واعتبر انها تهدد كيان اسرائيل. واكدت مصادر في السلطة الفلسطينية ل"الحياة" ان شارون، ومن ورائه وزير دفاعه شاؤول موفاز الذي كان مهد الطريق أول من امس في تصريحات صحافية لعملية رام الله أرادا توصيل رسالة واضحة للفلسطينيين بأنه هو الذي يحكم اسرائيل وبيده القرار وليس اليسار الاسرائيلي الذي سافر ممثلوه الى جنيف. واضافت المصادر ذاتها ان شارون ضرب بعرض الحائط التحذيرات والمساعي الاميركية الداعية الى التهدئة في هذه المرحلة بالذات. مستوطنة جديدة على أراضي القدسالشرقية وفيما تواصل الجرافات الاسرائيلية عملها في اقتلاع مزيد من اشجار الزيتون وتجريف اراضي الفلسطينيين في منطقتي رام اللهوالقدس لمصلحة بناء الجدار في هاتين المنطقتين، بدأ العمل التمهيدي في اقامة مستوطنة يهودية جديدة على اراضي المواطنين في حي "جبل المكبر" في مدينة القدس والذي يشرف على قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى المبارك. وتضم الخريطة الهيكلية لمشروع المستوطنة بناء 550 وحدة استيطانية وفندقاً ضخماً وكنيساً يهودياً. وجرت اشتباكات بين اصحاب الاراضي والمواطنين في المنطقة وقوات الاحتلال التي تدخلت لوقف المواطنين من منع الجرافات من العمل. محكمة اسرائيلية تشرع بناء الجدار من جهة اخرى، سمحت محكمة اسرائيلية في تل ابيب بمواصلة بناء الجدار الفاصل في المقطع المسمى "حاضن القدس"، على رغم اعتراف المحكمة بأن بناء الجدار يتعارض مع أبسط حقوق الانسان التي حددها قانون حرية الانسان وكرامته. وبذلك ردت المحكمة التماسا تقدم به مواطنون فلسطينيون يمتلكون الاراضي التي سيقام عليها هذا المقطع من الجدار، والذي يقف بينهم وبين اراضيهم ويفصل المنازل عن بعضها والطلاب عن مدارسهم.