تتزايد شعبية النظم المفتوحة لتشغيل الكومبيوتر Open Source Operating Systems في العالم باطراد وتملك شعبية خاصة في العالم الثالث. ففي الصين وكوريا الجنوبية والهند والبرازيل وغيرها، قررت الحكومات تعميم استخدام النظم المفتوحة في الدولة ومؤسساتها وتُمَكِّن اي مستخدم من "فك شيفرتها"، وبالتالي تعطيه القدرة على التدخل في كتابة النظام وتطويره بالطريقة التي تلائمه. بمعنى ما، تمثل النظم المفتوحة مدخلاً الى مفهوم التعددية، بكل ابعادها الديموقراطية، في عالم الكومبيوتر. وهو خروج من منطق هيمنة "الواحد" على العالم. وذلك جزء من سحر النظم المفتوحة. ولأنها تتأقلم مع الاوضاع والخصوصيات، وايضاً لأنها رخيصة، فانها من الاشياء الاساسية التي بامكانها المساعدة في جَسْرْ ما يُسَمى ب"الهوة الرقمية" Digital Divide ، التي تفصل بين من "يملك المعلومات ويصنعها" ومن "لا يملك المعلومات ولا تقنياتها". والى ذلك، فهي منيعة حيال هجمات الفيروسات الالكترونية، ويصعب اختراقها من "الهاكرز". هويات تنطق بنظم مفتوحة وأوصت الاممالمتحدة دول العالم الثالث، باستخدام النظم المفتوحة، بالنظر الى الاسباب السابقة وغيرها. وسرعان ما وجدت تلك النظم سبباً اخر للرواج، وهو اللغة. فالحال ان اللغة هي من العناصر الاساسية في تحديد علاقة الناس والمجتمعات بالكومبيوتر والشبكات، وتجربة النظم التجارية، اي غير المفتوحة، تدل الى ذلك. فقد صنعت شركة "مايكروسوفت"، عملاق المعلوماتية في العالم، نظام "ويندوز" التقليدي في لغات عدة، بلغت 24 لغة في نظام "ويندوز 2000". وأصدرت نظام "ويندوز اكس بي" في 33 لغة. وتعمل النسخة الحالية من برامج المكتب الالكتروني "اوفيس" باكثر من عشرين لغة. وتبدو التعددية بجلاء في النظم المفتوحة التي يقودها نظام تشغيل الكومبيوتر "لينوكس" Linux. ويصدر بنسختين "كيدي" KDE و"جنوم" GNOME. ويتوافران في نحو 88 لغة. وتقدم النظم المفتوحة برنامجاً للابحار على الانترنت، اسمه "موزيللا" Mozilla، في اكثر من 65 لغة، وسيصدر قريباً في 34 لغة اخرى. ويعمل برنامج "اوبن اوفيس" Open Office، وهو نظير "اوفيس ويندوز" بالنسبة الى النظم المفتوحة في اكثر من 33 لغة، تضم السلوفانية والباسكية والغالية، وفي لغات هندية محلية، مثل غوجاراتي وديفاناغاري وكانادا ومالايالام، وسيصدر قريباً في 44 لغة اخرى من ضمنها الايسلندية واللاوية واللاتفية والولشية والياديشية" والاخيرة هي من تنويعات اللغة العبرية. ويعتبر توطين نظام ما لتشغيل الكومبيوتر عملاً شاقاً و...مملاً! فثمة الكثير من التكرار في العمل. ولحل هذه المعضلة، لجأ موطنو Open Office في اللغة الهنغارية الى الانترنت، ووزعوا العمل على مئة مبرمج هنغاري توزعوا في اماكن مختلفة من العالم. واستطاعوا انجاز العمل كله، بما في ذلك ترجمة 21 الف "خيط" من الاوامر، في اقل من ثلاثة ايام! وترجم موقع www.translate.org.za، الذي يعمل من جنوب افريقيا، نظام "لينوكس" الى لغات القبائل الافريقية، مثل الزولو والهوسا والفيندا والثيثوسو وغيرها. وفي ايار مايو من السنة الحالية، دعمت الحكومة التايلاندية مشروع "كومبيوتر الشعب"، وهو حاسوب رخيص الثمن يعمل بنظام "لينوكس" مُتَرْجَمَاً الى اللغة التايلاندية. وفي ايلول سبتمبر 2003، اعلنت اليابانوالصين وكوريا الجنوبية انها ستتنتج نظاماً اسيوياً خاصاً بالاستناد الى نظام التشغيل "لينوكس". وسيكون الاسيوي بديلاً من نظام "ويندوز". ثأثأة عربية مع "لينوكس"! ماذا فعل العرب لصنع نظام تشغيل كومبيوتر مفتوح المصدر يعمل باللغة العربية؟ اولاً، تمثل هذه المسألة حاجة ضرورية ماسة في المنطقة، على الاقل بالنظر الى الاعداد الضخمة من المبرمجين الذين يتخرجون سنوياً من جامعات المنطقة. ولا يستوعب العمل مع الشركات العالمية التي تنتج نظماً تجارية تقليدية، سوى قلة منهم. والحال ان نظام "لينوكس" في نسخة "اوبيرا 11،7" Opera 11.7 ، الذي وصل الى الاسواق هذا العام، يتوافر بدعم من اللغة العربية. ويعني الامر انه يقدر على التعامل مع احرف اللغة العربية، بعد تشغيل الترميز "يو تي اف 8"UTF 8 الموجود فيه. وفي 13 شباط فبراير من العام الحالي، افتتح موقع "لينوكس مي.اورغ" Linux-me.org انطلاقاً من مصر. وفي 18 اب اغسطس 2003، اطلقت شركة "ريد هات"، موقعاً لتوطين نظام "لينوكس" عربياً، باعتبارها المنتج الرئيس لذلك النظام في العالم. وتعكس معظم الخطوات السابقة اهتمام شركات النظم المفتوحة في الوصول الى العالم العربي وسوقه الكبيرة التي تفوق 350 مليون شخص. والحال ان اللغة العربية حاضرة بقوة في عدد من الدول غير العربية ايضاً. ويعني هذا ان تعريب النظم المفتوحة يفتح امام المبرمجين العرب، باباً واسعاً لدخول اسواق بمئات الملايين. ولكن...