وقعت سورية عقداً مع شركة "فريتاس" الأميركية لاجراء مسوحات بحرية في المياه الإقليمية السورية قيمته أربعة ملايين دولار أميركي، وذلك بعد أيام على إقرار الكونغرس الأميركي مشروع قانون محاسبة سورية الذي يقترح فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على دمشق. وكانت الشركة الأميركية فازت بالعقد قبل نحو شهرين بعدما تقدمت مع ثلاث شركات عالمية أخرى للمناقصة التي أعلنتها الحكومة السورية قبل ستة شهور لاجراء مسوحات للمياه الإقليمية لاستكشاف النفط والغاز فيها. وقع العقد عن الجانب السوري وزير النفط الدكتور إبراهيم حداد والمدير العام ل"الشركة السورية للنفط" احمد معلا وعن الشركة الأميركية نائب رئيس شركة "فريتاس" ايان ادواردز. ويتضمن العقد اجراء الشركة الأميركية المسوحات البحرية وجمع المعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية في المياه الإقليمية والاقتصادية السورية ومعالجة المعطيات وتفسيرها ثم تقسيمها الى مناطق والإعلان عنها للشركات النفطية العالمية ودعوتها للتنقيب عن النفط والغاز فيها. وقال حداد بعد التوقيع على العقد أول من أمس: "وقعنا العقد بكل إرادة ونية حسنة على رغم ان قانون المحاسبة صوت عليه الكونغرس الأميركي وسيرفع إلى البيت الأبيض، وسواء صدر القانون أو لم يصدر فانه لم يؤثر في موقفنا السياسي وسنبقى منفتحين ولن نحيد عن هذا الانفتاح أمام الشركات مهما كانت جنسياتها". وتلتزم "فريتاس" بموجب العقد اجراء أعمال المسح والمعالجة كافة لأكثر من 4700 كيلومتر طولي وعلى نفقتها في المياه الإقليمية السورية، في حين تعطي الحكومة السورية الشركة حقاً حصرياً في أعمال المسح السايزمي في منطقة المسح لمدة عشرة سنوات. ويمنح العقد الشركة الأميركية، من ناتج بيع البيانات التي ستحصل عليها بعد إتمام الدراسة، حصة 80 في المئة لأول عشر مبيعات كاملة في حين ستذهب النسبة المتبقية الى "الشركة السورية للنفط"، و70 في المئة للبيعين التاليين و50 في المئة لكل المبيعات التي تلي ذلك. وأشار حداد إلى وجود مؤشرات إيجابية الى استكشاف النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية، برزت بعد الدراسات التي تمت في المياه الإقليمية اللبنانية والمصرية والتي دلت على اكتشاف مخزون عال من الهيروكاربون في الشاطئ المصري. ونفى حداد في رده على سؤال ل"الحياة" تركيز بلاده على الشركات الأميركية او أي هدف من ذلك، وقال: "ليس لدينا هدف محدد ونحن وقعنا هذا العام على خمسة عقود موزعة على أميركا وأوروبا وكندا واسيا وقد نوقع قريباً عقداً مع شركة اينا الكرواتية وعدد من العقود مع شركات أوروبية وآسيوية". ويرى مسؤولون سوريون ان إقرار مشروع المحاسبة سيضر بالشركات الأميركية العاملة في الأراضي السورية، علماً ان شركة "كونوكو" الأميركية فازت مع "توتال فينا الف" الفرنسية بأكبر مشروع لاستثمار الغاز بكلفة تصل إلى 420 مليون دولار. كما ان شركات أميركية كبرى تتنافس مع شركات أخرى لاستثمار اكبر مشروع للغاز وسط البلاد تبلغ كلفته نحو 700 مليون دولار. وكانت سورية وقعت خلال الشهور الأخيرة على عدد من العقود النفطية الجديدة كان أولها مع شركة النفط الوطنية الصينية لتطوير حقل كبيه ثم مع "دبلن" السويدية - الكندية لتطوير حقل عودة قبل توقيع عقد مدته 25 سنة قابل للتجديد عشر سنوات مع شركتي "ديفون اينيرجي" و"غالف ساندز بتروليوم" للتنقيب عن النفط بالقرب من الحدود مع العراق. ويقدر إنتاج سورية من النفط حالياً بنحو 550 الف برميل يومياً يستخدم 200 الف منها للاستهلاك المحلي والباقي للتصدير. وتتوقع مصادر اقتصادية رسمية ان يصل إنتاج البلاد في سنة 2010 إلى 900 ألف برميل يومياً في ضوء الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول الراهنة. وتأمل دمشق بأن تؤدي الاتفاقات الجديدة مع الشركات الأميركية إلى تكوين جماعات ضغط تخفف من حدة الضغوط التي يعمل متشددون لفرضها عليها.