بدأت قوى الأمن الداخلي اللبناني حملة لمكافحة السرعة في قيادة السيارات بعدما سجل الاسبوع المنصرم وفاة شبان لم يبلغوا العشرين، ووقوع عشرات الجرحى في حوادث سير في غير منطقة. لم يكن حادث السير الذي أودى بحياة الشاب اللبناني أيمن نصرالله 19 عاماً - نجل الزميل رفيق نصرالله مدير مكتب قناة أبو ظبي في بيروت قبل أيام، الأول الذي يحصل معه، الا ان القدر شاء ان يكون الأخير. فالشاب تدهورت به سيارته قبل أشهر في منحدر في بلدته حولا جنوبلبنان وتحطمت لكنه خرج منها سالماً. هو نفسه لم يصدق حينها انه نجا، لكن القدر كان في انتظاره بعد نحو ثلاثة أشه ر ولا يزال أهله من الفاجعة غير مصدقين رحيله. هزّ الحادث الذي قضى به أيمن الرأي العام خصوصاً ان معظم وسائل الاعلام نقلت صورة سيارته، التي تغير شكلها كلياً من شدة الاصطدام. لم تكن عائلته الوحيدة التي فجعت خلال الاسبوع، بل واحدة من عائلات كثيرة بينها ذوو اربعة شبان من عمر أيمن قضوا في حادث سير في منطقة المطيلب حينما صدمت سيارة دراجتين كانوا يستقلونهما. وجرح إثر الحادث عماد صليبا فيما قتل فادي روفايل وانطونيو ملوك وكريم اندراوس. ولا يخلو اسبوع او نهاية اسبوع من دون فاجعة. وأمس انحرفت حافلة في منطقة ملتقى النهرين في الشوف كانت تقل عدداً من طلاب الجامعة الأميركية فأصيب عشرة منهم بجروح. وأمس أيضاً بدأت قوى الأمن الداخلي حملة لقمع السرعة والمخالفات على الطرق، ووضعت رادارات وأقامت حواجز في غير منطقة لضبط المخالفات. وأعلن وزير الداخلية الياس المر ان قوى الأمن الداخلي نشرت ردارات السرعة في كل المناطق وهي تعمل ليل نهار، وان الدوريات ستعود الى اجراء اختبار الكحول وستواصل حجز الدراجات النارية، مشيراً الى حجز نحو 5 آلاف دراجة قبل مدة. والسؤال هو: هل تحول هذه الاجراءات، على أهميتها، دون المآسي التي تصيب مئات العائلات سنوياً جراء حوادث السير، التي تسجل زيادة سنوية تتفاوت بين 5 و10 في المئة. وأحصي خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر الجاري 41 حادثاً توفي فيها ثمانية أشخاص وجرح 61 و"الحبل على الجرار" ... أما الشهر الماضي فأحصي 164 حادثاً أودت بحياة 31 شخصاً وجرحت 240. ويسجل سنوياً رسمياً وفاة 350 شخصاً في حوادث السير، بينما يحصي "يازا" تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية وفاة 550 شخصاً وجرح 7 آلاف سنوياً. والفارق بين الرقمين هو ان "يازا" تسجل وفاة جرحى حوادث سير بعد شهر من حصول الحادث، بينما يكتفي الرقم الرسمي بتسجيل المتوفين لحظة وقوعه، بحسب ما أوضح ل"الحياة" رئيس "التجمع" زياد عقل. وأشار الى ان النسب الكبيرة من المتوفين هم الذين تتفاوت أعمارهم بين 4 سنوات و30 سنة. ولعل السبب الأول الذي يتبادر الى الذهن هو السرعة الفائقة، وهذه حقيقة، لكن الخبراء في شؤون حوادث السير، يرون ان الأسباب كثيرة والمسؤولية متشعبة. ويقول عقل ان "اهم مشكلة هي ربط مسألة السير بوزارة الداخلية بينما يجب ان تكون مسؤولية مؤسسات عدة وفقاً لعلم ادارة السير". ويشير الى ان للحوادث وجوهاً عدة وهي يمكن الحد منها: رادارات ضبط السرعة وتنفيذ القانون والتوعية وتحسين أجهزة الطوارئ، والهندسة. ويرى ان العمل في هذه الأمور في لبنان "نسبي ولا تعطى كل هذه الامور الاهتمام الكافي وهذه من مسؤولية وزارات: الداخلية والعدل والصحة والتربية والنقل اضافة الى البلديات ومجلس الانماء والاعمار. هذه المؤسسات جميعاً مسؤولة عن ادارة السير وتنظيمه وتنفيذ القانون وتطوير الطرق وتحسينها، ولهذا يوجد في بعض الدول مجلس أعلى لسلامة المرور، يجمع كل هذه المؤسسات. أما في لبنان فتناط المسألة بوزارة الداخلية التي تتشدد في تنفيذ القانون أحياناً ثم تتراخى. ويضيف: "رخص السوق مثلاً لا تصادر من السائق بعد ارتكابه ثلاث مخالفات، ولا السائقون يلتزمون بالسرعة المحددة ولا باستخدام حزام الأمان الا قليلاً، اضافة الى ان هناك حوادث كثيرة تحصل لا يبلغ عنها منها على سبيل المثال انقلاب حافلة مدرسية واصابة 36 تلميذاً فيها، والغريب في الأمر ان محاضر الضبط التي تنظم في حق المخالفين يذهب 55 في المئة من ريعها الى صندوق تعاضد القضاء، بدلاً من ان ينشأ صندوق للسير تذهب اليه وتخصص لاصلاح ما يتضرر من تجهيزات الطرق اشارات وفواصل وغيرها، بفعل الحوادث". أما الدراجات النارية، ففي لبنان نحو 500 ألف دراجة صغيرة غير مسجلة بينما يبلغ عدد المسجلة فيها نحو 30 ألفاً. ويقول عقل ان "الدراجات الصغيرة تعامل قانوناً كالدراجات الهوائية بينما هي من وسائل النقل الخطرة وانتشارها في صفوف الشبان غير مضبوط". ويفيد احصاء بأن أكثر من ثلث المصابين في حوادث الدراجات لم يتعدوا الخامسة عشرة من العمر.