على رغم كل التطمينات الأمنية التي صدرت عن اللجنة الأولمبية اليونانية قبل شهور قليلة من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الصيف المقبل في اثينا، فإن استقبال مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي روبرت مولر لدى وصوله أول من امس الى العاصمة اليونانية أعطى انطباعاً مغايراً تماماً... إذ تعرضت ثلاثة مصارف لتفجيرات بقنابل محلية الصنع أدت الى تدمير مداخلها من دون وقوع خسائر في الأرواح. وجاءت الهجمات احتجاجاً على هذه الزيارة التي اعتبرها كثيرون تدخلاً في الشؤون الداخلية اليونانية، خصوصاً بعد التصريحات الأميركية حول قدرات أجهزة الأمن المحلية في تأمين الدورة. وقامت مجموعة مؤلفة من عشرين شخصاً، وفق تقارير الشرطة اليونانية، بالهجوم على البنك القبرصي والبنك التجاري ويورو بنك في اثينا ولاذ جميع افرادها بالفرار على دراجات نارية. ووقعت الهجمات بعد ساعات من خروج تظاهرة في وسط أثينا شارك فيها نحو 700 شخص للمطالبة بإخلاء سبيل سبعة من المتظاهرين المناهضين للعولمة محتجزين في السجون اليونانية منذ شهر حزيران يونيو وهم ثلاثة يونانيون وأسبانيان وبريطاني وسوري. وتأتي زيارة مولر الى اثينا بغرض تفقد منشآت الدورة الاولمبية والحصول على معلومات مباشرة عن الاستعدادات الامنية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالبعثة الأميركية التي ينتظر ان يصل عدد افرادها الى أكثر من ألف عضو. وفي الآونة الأخيرة، تحول الدور الاميركي في ما يتعلق بأمن الدورة من مجرد تقديم المشورة والنصائح الى دور تخطيطي بل ومشاركة فعلية من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي والجيش الأميركيين. وسبق للجنة الأولمبية اليونانية ان شكلت لجنة استشارية تضم مسؤولين امنيين من الولاياتالمتحدة واسرائيل وفرنسا والمانيا واسبانيا واستراليا وبريطانيا، وخصصت مبلغاً مقداره 775 مليون دولار للاجراءات اللازمة لتأمين الدورة. ولعل أكثر ما يهدد الألعاب الأولمبية المقبلة هو الهجرة غير الشرعية الآتية من الشمال، وتحديداً من الشواطئ التركية إذ يُعتقد انه يمكن تجنيد عناصر ارهابية من بينهم لشن هجمات اثناء اقامة الدورة الأولمبية. هاجس دورة ميونيخ وتخشى السلطات المعنية تكرار ما حدث في دورة الألعاب الأولمبية التي اقيمت عام 1972 في ميونيخ، حين احتجزت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين الرياضيين الاسرائيليين ما جعل البعثات الاسرائيلية المشاركة في الدورات التالية تضم عناصر أمنية خاصة من جيش الدفاع الاسرائيلي وجهاز الموساد. وعموماً، عانت الدورات الأولمبية من مشكلات مختلفة في دوراتها الأخيرة... ففي عام 1976 في مونتريال، لم تشارك مجموعة كبيرة من الدول الافريقية احتجاجاً على مشاركة جنوب افريقيا وروديسيا اللتان تمارسان التمييز العنصري. وفي عام 1980 في موسكو، قاطعت الكتلة الغربية وعدد من الدول العربية والاسلامية الدورة بسبب الاجتياح السوفياتي للأراضي الأفغانية... وردت الكتلة الشرقية التحية عندما انسحبت من دورة عام 1984 في لوس انجليس. ثم شهدت دورة عام 1988 في سيول، أكبر فضيحة لتناول المنشطات كان بطلها العداء الكندي بن جونسون. وفي عام 1992 في برشلونة، شارك الاتحاد السوفياتي تحت اسم مجموعة الدول المستقلة بعدما انهار جدار برلين وتفتت الولايات السوفياتية. وتعرض ملهى ليلي قريب من القرية الأولمبية لدورة عام 1996 في اتلانتا، الى انفجار... ووقع الأمر ذاته في عدة حدائق محيطة بالملاعب الرئيسية للرياضات المختلفة، في حين خلت دورة 2000 في سيدني من أي شوائب.