قابل الشارع المصري قرارات الحكومة الأخيرة في شأن ضبط السوق والسيطرة على الاسعار بعدم اهتمام في ظل اقتناع بأن ما تقوله الحكومة لا يُلائم الواقع نهائياً، في الوقت الذي انتشرت ظاهرة حرق اسعار الياميش للمرة الأولى في البلاد بسبب إحجام المواطن عن الشراء بنسبة 50 في المئة مع تمنيات بأن يعوض تجار الألبسة الجاهزة في موسم العيد ما خسره تجار المواد الغذائية في رمضان. وصرف رمضان اهتمام الناس عن متابعة اسعار صرف الدولار. لجأ تجار، وفي مناطق عدة، الى وسيلة جديدة لجذب زبون رمضان بعدما خيب المواطن آمال التجار الكبار والصغار، ولم يُقبل على مائدة الاستهلاك الرمضانية بالصورة المتوقعة كما في الاعوام السابقة، ما يعني ان هناك ركوداً سيطال السوق في هذا الشهر والدليل انه على رغم تراجع الاستيراد بنسبة 50 في المئة من الياميش وبعض السلع الأساسية، إلا أن المواطن تراجع عن الشراء بالنسبة نفسها خصوصاً من الياميش الذي بات ترفاً ومن الكماليات بعدما كان من الضروريات، ليظل التمر بأنواعه هو سيد المائدة الرمضانية وفي كل المنازل حتى على موائد الرحمن قد تجد اختلافاً في نوعية الوجبة الرمضانية مع ما يقدم في المنازل، لكن الاتفاق الوحيد هو التمر الذي راوح سعره بين 3 و14 جنيهاً للكيلو حسب النوعية ولكل نوع زبونه. ولاحظ كُثر ان حرق اسعار الياميش بات منتشراً في الاسواق بعد مرور الربع الاول من رمضان نظراً لان المبيعات لم تحقق المتوقع. احمد فرج صاحب احد المتاجر في وسط القاهرة يقول: "ما حدث الاسبوع الماضي كان متوقعاً عند البعض ومستبعداً من البعض الآخر" في اشارة الى أن الاقبال كان ضعيفاً نسبياً على شراء الياميش بكامل انواعه وبات المستهلك مدققاً اكثر من السابق في السلعة المشتراة. ويلاحظ فرج ان سلع القرار المفاجئ اختفت تماماً كون كل مستهلك راغب في الشراء لم يعد يشتري من وحي السوق لكن من وحي قائمة السلع التي يحملها معه ولا يزيد على مضمونها في الشراء وقد يقل. ويصف فرج القائمة بأنها "أوامر ستات". وبات التخوف في سوق المواد الغذائية يداعب سوق الالبسة بأنواعها، ويتساءل فضل حامد التاجر في منطقة الازهر العريقة، من اين يأتي التفاؤل بموسم مزدهر اثناء العيد؟ المواطن استغنى عن الطعام اضطراراً في رمضان ومن ثم يمكنه الاستغناء عن الملبس طواعية او شراء الضروري جداً في العيد وان يقتصر الشراء نفسه على الاطفال فقط من دون باقي افراد الاسرة، وهذا متوقع في ظل الظروف التي نحياها. رمضان ابعد الناس عن الدولار ويرى فؤاد مخلوف رب اسرة ان الأوضاع الاقتصادية الراهنة غير مسبوقة ولا نعرف ماذا يخفي القدر لنا مستقبلاً وبالتالي لا ينبغي إنفاق كل ما نتدبره خوفاً من المجهول، فالوعود الحكومية كما هي والأوضاع الى الأسوأ وقد يكون احتفاء الناس برمضان سبباً في عدم الحديث عن الدولار وارتفاع الاسعار والمغالاة في السلع الرئيسية، ما يعني أن "سكين رمضان" سرقت الاحداث من امام المواطن وعند انتهاء الشهر ودخول رب الاسرة دوامة جديدة في سلسلة الانفاق لقدوم عيد الفطر وهو عيد شراء الالبسة والكعك وتوابعه، ستكون هناك صدمة لواقع يدرس القائمون عليه حالياً ملامحه ما يعني ان الفترة المقبلة ستكون مواجهة حامية بين واقع تفرضه الظروف واستسلام يرفضه المواطن. وهناك شبه إجماع على ان القرارات التي أكدها مجلس الوزراء في مصر لن تغير في السوق فللمرة الالف تتدخل الحكومة حسب وجهة نظرها لضبط السوق لكن السوق رهن بأوضاع اخرى غائبة عن الجميع وهناك حلقة مفقودة ينبغي حسمها. وأعلنت الحكومة أن جميع المؤشرات تشير الى استقرار الاسواق ووفرة السلع وعدم وجود اية اختناقات على رغم ارتفاع معدل الاستهلاك والخزن في بداية رمضان. وتشير التقارير الى حدوث استقرار وتوازن في الاستهلاك والاسعار بعد الطفرة الاولى في الاستهلاك مع بداية رمضان، كما ان الطرح مستمر لكل السلع الاساسية مثل الدقيق والرز والسكر والفول والعدس وتتوافر كل الكميات المستوردة من هذه السلع اضافة الى توفير احتياط آمن. ويشير وزير الاعلام صفوت الشريف الى استمرار التعاقدات في استيراد القمح والدقيق والعدس والفول، مؤكداً ان الاحتياط الاستراتيجي من السلع كلها متوافر ولمدة ستة شهور مع زيادة معدلات بعض السلع نتيجة توريد المحاصيل. ويقول ان المؤشرات تفيد بارتفاع اسعار الدواجن وبيض المائدة غير أنه تمت إعادة التوازن الى هذه الاسعار نتيجة الاجراءات التي اتخذت والاتصال بالمنتجين، وسيتم تحقيق مزيد من التوازن في اسعار الدواجن وبيض المائدة مع بداية طرح اللحوم المستوردة من السودان الى جانب توفير الاعلاف بعد أن تقرر توفير الاعتمادات الخاصة بها. ويشير تقرير وزير التموين الى وجود وفرة في اسطوانات البوتاغاز وتم طرح ما يزيد على 270 الف اسطوانة، كما ان هناك رصيداً كاحتياط من الاسطوانات في جميع المحافظات. ويؤكد التقرير كفاءة متابعة الاسواق ووجود غرفة عمليات في وزارة التموين تعمل طوال 24 ساعة وتؤدي دوراً كبيراً في مراقبة الاسعار.