ب 10 لاعبين... التعاون يفرض التعادل على الشباب في مباراة مثيرة    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    أمير القصيم يُطلق مسيرة يوم التأسيس بمشاركة الهجانة والخيالة    الشرقية تكتسي بأعلام الوطن ولوحات التعبيرية والإنارات الجمالية احتفاء بيوم التأسيس    الجبير ووزير خارجية نيوزيلندا يبحثان العلاقات الثنائية    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    «مستقبل الاستثمار».. شراكات عالمية في التقنية والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال    إسرائيل تؤجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين    «الأحمر» ينسف نجومية دوران    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    نائب رئيس مجلس الشورى يوم التأسيس: تاريخٌ خالد ومستقبلٌ واعد    التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    ترمب يطلب من ماسك المضي بقوة أكبر في تنفيذ الإصلاحات    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا بمناسبة ذكرى "يوم التأسيس"    واكاثون لولو الثاني يحتفل بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية ويعزز رسالة الأستدامة    قُتِل بغارة شمال سورية.. واشنطن تكشف هوية قيادي «القاعدة»    مدير عام مكتب التربية العربي : الاحتفاء بيوم التأسيس اعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    احتفال سفير الاتحاد الأوروبي بيوم التأسيس، تعزيزاً للعلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    انهيار مبنى إثر حريق ضخم في الأرجنتين    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    العز والعزوة.. فخر وانتماء    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تراجع    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال "The Last Crescendo" اليوم السبت    إخماد حريق للغابات بمقاطعة "جانجوون" في كوريا الجنوبية    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    تنبع من تراث الدولة السعودية.. 5 عناصر في «شعار التأسيس» تعكس الأصالة    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    الدبلوماسية السعودية.. إطفاء الحرائق وتعزيز الشراكات    «أنوار المباني» شاهد عيان على التنمية المستدامة    يوم التأسيس.. جذور التاريخ ورؤية المستقبل    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    رئيس فلسطين يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الماضي ومسؤولية المستقبل    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقل سلطة أم تثبيت الوجود العسكري في العراق ؟
نشر في الحياة يوم 28 - 11 - 2003

لم يكن القرار الأميركي بالبدء في نقل السلطة الى العراقيين وتشكيل حكومة انتقالية مع حلول شهر حزيران يونيو المقبل مفاجئاً من حيث المبدأ، إذ ينص قرار مجلس الأمن الأخير في شأن العراق على أن يقدم مجلس الحكم الانتقالي جدولاً زمنياً لإجراء انتخابات وصوغ دستور قبل 15 كانون الأول ديسمبر، ما يستدعي التساؤل عن ذاك المدى الزمني الذي حددته الولايات المتحدة لتنفيذ هذه الخطوة. ويفترض أن يكتمل انتقال السلطة وعودة السيادة الى العراق مع نهاية العام 2005 عبر تشكيل حكومة منتخبة. وحتى أسابيع قليلة كان مسؤولو إدارة بوش يؤكدون أن بقاء القوات الأميركية في العراق غير محدد بمدة، لذا فإن أول ما يلفت الانتباه في الخطوة الأميركية الأخيرة أنها تعكس قدراً من التحول في رؤية أو تقويم إدارة بوش للوضع في بغداد على المدَيَيْن القصير والمتوسط. ما يعني بالتالي أن حسابات واشنطن لمرحلة ما بعد سقوط النظام العراقي السابق لم تكن كاملة بل ربما لم تكن موجودة.
السبب المباشر في ذاك التحول هو تصاعد الخسائر بين صفوف القوات الأميركية والحليفة في شكل ينذر استمراره بسقوط مبكر لبوش في الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن ثمة أسباب أخرى ساعدت على بلورة القرار الأميركي بنقل السلطة الى العراقيين، أهمها أن المعضلات العراقية التي تواجهها سلطة الاحتلال لا تقتصر على المقاومة العسكرية المنظمة. فانفلات الوضع الأمني وتدهور الوضع الاقتصادي للعراقيين يمثلان تحدياً أساسياً عجزت - أو ربما تغاضت - الإدارة الأميركية عن مواجهته حتى الآن. فبدلاً من تحسين الأحوال المعيشية للعراقيين وإعادة بناء أجهزة الدولة الإدارية والتنفيذية راحت سلطة الاحتلال تتنصل من تلك المسؤولية حتى أنها سرحت العاملين في المجالات الصحية والخدمتية. وأدى هذا العامل بدوره إلى زيادة التباين بين واشنطن والدول الحليفة لها، فضلاً عن اتساع الفجوة الحاصلة أصلاً بينها وبين الدول التي رفضت الحرب من البداية. فاستقالة مندوب إيطاليا من مجلس التحالف والانتقادات الحادة التي وجهها الى الأميركيين تقدم مؤشراً قوياً على قرب نشوب خلافات حقيقية بين واشنطن والأطراف الآخرين المشاركين في التحالف.
ويرتبط جزئياً بهذه النقطة دور المواقف الإقليمية، العربية خصوصاً، في مفاقمة المأزق الأميركي في العراق، إذ كانت تعول واشنطن على مشاركة خارجية، عربية خصوصاً، في إدارة الوضع الأمني من خلال إرسال قوات عربية إلى العراق. غير أن معظم المواقف العربية اجمعت على عدم إرسال قوات إلا بطلب من حكومة عراقية ذات سيادة.
على صعيد الداخل العراقي، تعاني سلطة الاحتلال وإدارته المدنية من صعوبات في إدارة العلاقة مع مجلس الحكم الانتقالي. فمقابل العلاقة الوثيقة التي تجمع واشنطن ببعض أعضاء المجلس، يتبنى أعضاء آخرون مواقف وآراء تبدو بعيدة من سياسات واشنطن ولا تلتزم بخططها ومواقفها. ووجه الخلاف الأساسي يتعلق بمدى الصلاحيات المتاحة للمجلس، الذي يسعى أعضاؤه بالضرورة إلى كسب صدقية لدى العراقيين، وتوقيت نقل السلطة كأولوية قصوى لهم أو لمعظمهم.
وأخيراً فإن عقد مؤتمر إعادة الإعمار في مدريد وبدء الخطوات الفعلية لحصد المكاسب الاقتصادية للغزو يمثلان بدورهما محطة فاصلة في رؤية إدارة بوش وتقويمها لنتائج الغزو ووضع الاحتلال حتى الآن. بدأ الغزو يؤتي ثماره الاقتصادية، وبالتالي فلا ضير من التلويح بالتخلي عن السلطة للعراقيين بعد أن تم إرساء أسس وقواعد للمشهد الاقتصادي العراقي المستقبلي قوامها الرئيس إمساك واشنطن بمفاتيح الاقتصاد العراقي.
أهداف واشنطن من قرار نقل السلطة لعراقيين اقل وضوحاً من أسبابه، فعلى رغم الإدارة الأميركية كانت واضحة وصريحة في تأكيد أن نقل السلطة لا يعني خروج القوات الأميركية، إلا أن ما لم تقله هو أن هذا يعني ببساطة تثبيت الاحتلال إلى أجل غير مسمى، وأن وجود القوات في العراق لم يعد مشروطاً باستقرار الأوضاع أو انتقال العراق إلى نمط حياة ديموقراطي سليم. صحيح أن إحدى الحجج الجوهرية لبقاء القوات ستكون الإشراف على ذاك التحول الديموقراطي والاطمئنان الى جديته، لكن الواقع أنه حتى لو تحول العراق إلى بلد ديموقراطي حقيقي - هو احتمال ضعيف -، فإن الوجود العسكري الأميركي سيستمر، وعند ذاك ستكون الحجة هي ضمان الحفاظ على هذا المستوى من الديموقراطية.
تظل النتيجة الأهم والأبرز للقرار الأميركي تلك المتعلقة بالوضع الداخلي في الولايات المتحدة، إذ سيسعى الرئيس الأميركي جورج بوش جاهداً وبأقصى سرعة الى توظيف هذا القرار لرفع مستوى شعبيته التي تدنت في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى أدنى حد لها منذ بدء العمليات العسكرية، مستغلاً في ذلك مرحلة تغيير نصف القوات العاملة في العراق في كانون الثاني يناير المقبل، ثم سحب قسم آخر منها في حزيران يونيو تمهيداً لإتمام خطوة نقل السلطة، وستعمل آلة الدعاية الموالية للإدارة وللحزب الجمهوري على تصوير هذه الخطوات على أنها الانتصار الحقيقي للأميركيين في العراق وأن بوش قد كسب جولة جديدة في حربه ضد الإرهاب، وهو جدير بالتالي بتفويض جديد من الأميركيين ليستمر في حروبه "المقدسة".
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.