لم يجد الرئيس الجورجي ادوارد شيفاردنادزه امس امامه غير خيار الإستقالة، فانحنى للعاصفة وقال: "انني استقيل". لفظ شيفاردنادزه هذه العبارة بعدما هدد المعارضون باقتحام القصر الرئاسي ووضعه في طائرة وطرده الى الخارج. راجع ص8 وجاءت تلك التطورات المتسارعة في وقت تخلت وحدات عسكرية عدة عن شيفاردنادزه، معلنة ولاءها لنينو بوردجاناندزه رئيسة البرلمان التي نصبها المعارضون رئيسة موقتة للبلاد، في انتظار إجراء انتخابات في غضون 45 يوماً. وفشلت محاولة وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف في إقناع الطرفين بتأجيل الحسم إلى حين إجراء انتخابات جديدة، بعدما رفض شيفاردنادزه وهو زير سابق للخارجية في عهد الاتحاد السوفياتي عرف بلقبه "ثعلب القوقاز"، مبدأ الدعوة إلى انتخابات، فيما تخوف المعارضون من تكرار سيناريو تزوير الانتخابات إذا ظل الرئيس في منصبه. ورأى مراقبون في موسكو أن إطاحة شيفاردنادزه تعزز الدور الأميركي في المنطقة، لكنها تغلق أيضاً الباب في وجه حرب أهلية كانت تلوح في الأفق وتهدد بتقسيم جورجيا إلى دويلات، نتيجة وجود جمهوريتين تتمتعان بحكم ذاتي في جورجيا وتسعيان إلى الانفصال عنها أبخازيا وأوسيتيا الشمالية. ووافق شيفاردنادزه على الاستقالة بعد استقباله قادة المعارضة في حضور إيفانوف الذي بادر إلى الانسحاب في مستهل اللقاء، وأعلن للصحافيين أن مهمته انتهت بجمع الطرفين وجهاً لوجه. وانتهى الاجتماع الذي طال زهاء ساعة واحدة، بمفاجأة سارة لآلاف المحتشدين في شوارع العاصمة، إذ خرج زعماء المعارضة بصيحات النصر وأعلنوا أن شيفاردنادزه رضخ لمطالبهم و"وقع على بيان الاستقالة". وذكر شيفاردنادزه للصحافيين أن قراره جاء "استجابة لمصالح الوطن والشعب"، وغادر القصر الرئاسي. وأعلن الزعيم المعارض ميخائيل ساكاشفيلي أن الشرط الرئيسي لشيفاردنادزه كان بقاءه في البلاد، الأمر الذي اتفق عليه المجتمعون. كما أكدت مصادر معارضة أخرى أن "ثعلب القوقاز" استجاب لمطلب استقالته بعد حصوله على تعهد بعدم تعرضه لملاحقات قضائية. وترافق ذلك مع أنباء عن إحضار الطائرة الرئاسية إلى مطار تبليسي بأمر من عسكريين موالين للمعارضة لطرد شيفاردنادزه عنوة إلى الخارج في حال فشل المفاوضات. ولاحقاً قال شيفاردنادزه في حديث لتلفزيون "روستافي 2" الخاص: "رأيت أننا نسير نحو إراقة دماء وأنه يجدر بي التنحي عن السلطة حتى تنتهي الأزمة من دون إسالة دماء". وأضاف: "تحدثت إلى زوراب وميشا زوراب جفانيا وميخائيل ساكاشفيلي زعيما المعارضة، وأشكرهما على صراحتهما". وقال الرئيس المستقيل البالغ من العمر 75 عاماً: "ليست تلك مأساة كبرى، فما زال أمامي الكثير من العمل، أمور كثيرة أكتبها طالما أنني ما زلت على قيد الحياة". وتابع: "سأعود إلى منزلي. لم نوقع شيئاً، لم يكن هذا ضرورياً، كان حديثاً بين رجال ثقة". وبدا عصبياً لدى سؤاله عن خلفه، وأجاب: "لم تعد تلك مشكلتي".