"لماذا يقتلوننا اننا اتراك ومسلمون وهذا رمضان"، "اذا ارادوا قتال اميركا وبريطانيا فليذهبوا الى هناك"، "ان الذين ارتكبوا هذا العمل جبناء"، تلك كانت ردود الفعل الاولية لعدد من الشباب الذين التقتهم "الحياة" في مسرحي الانفجارين في اسطنبول امس. ردود كافية للتعبير عن رأي الشارع التركي في الكارثة التي لحقت به. فور وقوع الانفجار امام مصرف "اتش اس بي سي" في منطقة ليفينت الراقية في الوسط الاوروبي لاسطنبول، هرعت سيارات الشرطة والاسعاف والاطفاء الى المنطقة لنقل المصابين والقتلى، فيما سارع مسؤولو الفنادق في المنطقة الى طمأنة الزبائن الذين ساد الذعر بينهم. وقال ل"الحياة" اميريت 30 عاماً العامل في فندق "موفنبيك" القريب ان "دوي الانفجار اثار الهلع والخوف بين الزبائن، ما دفع بعضهم الى مغادرة المبنى، هائمين على وجههم". ويجاور مبنى المصرف البريطاني الذي كان مكتظاً بالزبائن والعاملين، مركز ماكسيم التجاري الذي ادى الانفجار الى تحطم واجهاته الزجاجية. وتضم منطقة ليفينت الثرية عشرات المراكز التجارية من بينها المقر الرئيسي لمؤسسة "فلا كواني سميث" للأدوية كما يقطنها كبار الاثرياء، من اليهود وغيرهم. وفيما كان جيران المصرف يلتقطون انفاسهم من هول الانفجار الاول، هز انفجار ثان منطقة بعيدة نسبياً نحو ربع ساعة بالسيارة امام القنصلية البريطانية، في زقاق متفرع من شارع الاستقلال "القلب التجاري" لمنطقة بيوغلو الاثرية. ويقع شارع القنصلية بين شارعي الاستقلال ونالاباشي المكتظين بالمارة والسيارات، كما يجاور سوق السمك الرئيس في المنطقة "باليغ بازار". وتناثر زجاج المحال والمصارف والملاهي الليلية، وخصوصاً في شارع الاستقلال الذي تقتصر الحركة فيه على المارة من دون السيارات. ويعتبر شارع الاستقلال اهم موقع تجاري وسياحي في اسطنبول الأوروبية. ومن الواضح ان الهجومين استهدفا مركز الحركة الاقتصادية في المدينة التي يقطنها اكثر من 15 في المئة من مجموع الشعب التركي 12 مليون من اصل 70 مليون تركي. وأفاد شهود في المنطقة ان سيارات الشرطة والاسعاف لم تتمكن من الوصول الى مكان الحادث بسبب انهيار جدار مبنى القنصلية، ما ادى الى اغلاق الزقاق واعاقة نقل الجرحى والمصابين. وقال ل"الحياة" ألكس 21 عاماً الذي يعمل في محل "جينز بالاس" المحاذي لموقع الحادث انه "عند وقوع الانفجار، ظننت أنه زلزال، ولكنني شهدت بعد ذلك الموجة الانفجارية التي حطمت زجاج المحل ومزقت بعض الثياب المعروضة في الواجهة". وقال: "رأيت على الفور مئات المصابين يركضون في الشارع بعضهم حمل اياديهم وأصابعهم المقطعة، فيما ركض آخرون باتجاه سيارات الاسعاف وهم مضرجون بدمائهم". لماذا يقتلوننا؟ اما عائشة 18 عاماً الفتاة المحجبة التي تعمل في صيدلية "اكشوان" في شارع تالاباتشي، قالت ان "الشارع بات كله خائفاً" ثم تساءلت باكية: "لماذا يقتلوننا اننا اتراك ومسلمون وهذا رمضان" ويذكر ان ساحة تقسيم التي يتفرع منها الشارعان هي ساحة الجمهورية وتعتبر معلماً وطنياً في تركيا. وتجمع عدد من الشباب الاتراك الغاضبين امام شريط نصبته الشرطة في الشارع. وقال محمود وصديقته ابرا ان هؤلاء الذين ارتكبوا هذا العمل "جبناء". وأشارا الى انه "اذا ارادوا قتال اميركا وبريطانيا فليذهبوا الى هناك. ان هذا الشارع يأتي اليه الاتراك بعد الانتهاء من عملهم". وفي غضون ذلك، دخلت خمس حافلات للقوات الخاصة في الشرطة التركية الى منطقة يوفكو حيث انتشر افراد هذه الوحدة المسلحين ببنادق عوزي الاسرائيلية، وفرضوا طوقاً امنياً دام نحو ساعتين سمحوا بعدها للصحافيين بالدخول. ويضم شارع الاستقلال القنصليات البريطانية والسويسرية والروسية والاسبانية والهولندية والايطالية والفرنسية. كما يحوي على جامع آغا التركي التاريخي وكنائس اثرية. وتقع منطقة اويفلوا في شمال اسطنبول الاوروبية المواجهة للمدينة القديمة التي تشمل الجامع الازرق ومعالم تاريخية اخرى مثل آيا صوفيا.