عقد الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير مؤتمراً صحافياً مشتركاً إثر محادثاتهما أمس في لندن على هامش زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الأميركي بدعوة من ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية. وأكدا عزمهما على "محاربة الإرهاب حتى هزيمته" و"إكمال المهمة في العراق". استهل بلير المؤتمر الصحافي المشترك في مقر وزارة الخارجية في وايتهول، بالتنديد بالتفجيرين "الإرهابيين" صباحاً في اسطنبول، وعزى بالضحايا. وقال: "مرة جديدة نُذكّر بالشر الذي يشكّله هؤلاء الإرهابيون للناس الابرياء في كل مكان ولطريقة عيشنا. ومرة جديدة يجب ان نؤكد ان لا تراجع في وجه هذا الإرهاب، لا مساومة، لا تردد في مواجهة هذا الخطر، وفي مهاجمته أينما كان وكيفما كان، وفي هزيمته في النهاية". وتابع ان ذلك يجب ألا يؤثر في "التزامنا تجاه العراق. بل على العكس، انه يُظهر كم هو مهم ان نواصل عملنا حتى انهزام الإرهاب هناك أيضاً. لأنه ليس فقط بعراق حر، ديموقراطي ومستقر ينتهي العنف، ولكن تنهزم به أيضاً الفلسفات المهترئة والرجعية لهؤلاء الإرهابيين". وانتقد الذين يعتقدون بأن من مصلحة بريطانيا ان لا تكون لها علاقة بهذا "الكفاح" الذي تقوم به أميركا ضد الإرهاب ومن أجل تعميم "الحرية والعدالة والديموقراطية". وتابع ان بعضهم يقول "اننا جلبنا هذا التفجير على أنفسنا. لنكن واضحين جداً: أميركا لم تهاجم القاعدة في 11 ايلول سبتمبر. "القاعدة" هي التي هاجمت أميركا، وبقيامها بذلك لم تهاجم أميركا فقط، بل طريقة حياة كل الناس الذين يؤمنون بالتسامح والحرية والعدالة والسلام". وتابع: "هذا وقت ان نُظهر قوتنا، تصميمنا، وعزمنا الكامل. هذا الإرهاب هو التهديد الذي يواجهه القرن ال21. ... ليست هناك من وسيلة... سوى هزيمة الإرهاب، وان نواجه فلسفة الكراهية عندهم بتسامحنا وحريتنا. وان نتحدى رغبتهم في إخافتنا، وتقسيمنا، وهز اعصابنا، بوحدة هدف لا تهتز، وان نقف جنباً الى جنب مع أميركا وحلفائنا في العالم لنخلّص عالمنا من هذا الشر مرة نهائية". وأوضح انه ناقش مع بوش مواضيع اسلحة الدمار الشامل، والايدز، وعملية السلام في الشرق الأوسط وقضايا أخرى. أما بوش فقال ان تفجيرات تركيا تُظهر "طبيعة العدو الإرهابي ... نرى عدم اكتراثهم بحياة الابرياء. كرههم للحرية، وللأمم الحرة. اليوم، مرة أخرى، نرى طموحهم للقتل". وقال ان "الارهابيين لن ينجحوا في تخويف الأمم الحرة والحط من معنوياتها". وقال ان بريطانيا واميركا ودول "حرة" أخرى "تقف موحدة اليوم في الحزن، وفي التصميم على محاربة هذا الشر وهزيمته، أينما نجده". وأشاد بالدعم الذي قدمته بريطانيا لأميركا منذ 11 أيلول 2001. وتابع: "عملنا المشترك من أجل الديموقراطية في أفغانستانوالعراق ضروري لهزيمة الإرهاب العالمي". وقال ان "نشر الديموقراطية والأمل الذي تجلبه معها أضمن وسيلة لمحاربة اليأس والغضب والرفض الذي يغذّي الإرهاب. إن نشر الحرية والأمل في الشرق الأوسط الكبير سيحسن أوضاع ملايين الناس في تلك المنطقة، ويحسّن أمن شعوبنا أيضاً". وتابع "ان مهمتنا في العراق نبيلة وضرورية. لن تستطيع تصرفات عتاة او قتلة ان تغيّر تصميمنا او تغيّر مصيرهم. عراق حر سيكون حراً منهم. سننهي العمل الذي بدأناه". وقال بوش رداً على سؤال عن إعلانه نيته بدء إعادة القوات الأميركية من العراق اعتباراً من العام المقبل، فأجاب بأن "القادة على الأرض" هم الذين يقررون عدد القوات التي يجب ان تبقى في العراق ولكن "يمكن ان تكون لنا قوات أقل في العراق، يمكن ان تكون القوات هي ذاتها، ويمكن ان تكون هناك قوات أكبر. المهم هو ان نحمي أمن العراق". وقال بلير "اننا سنبقى حتى انتهاء العمل. ما أظهره هذا العمل الإرهابي الأخير في تركيا هو اننا في حرب، ساحتها الأساسية في العراق. يجب ان نضمن اننا سنهزم هؤلاء الإرهابيين، رجال صدام السابقين في العراق". وقال بوش ان بلاده تعمل في العراق على مستويين، الأول سياسي يتعلق بمجلس الحكم ونقل السيادة اليه وفق جدول زمني، والثاني الحرب على الإرهاب من أجل "حماية بلادنا، ومطاردة القتلة وجلبهم الى القضاء. إننا نحقق تقدما جيداً ضد القاعدة". وأشار بوش إلى أنه يجري إعداد العراقيين الآن ليتولوا عمليات حفظ الأمن في بلادهم. وأكد أن الحرب على شبكة "القاعدة" حققت تقدماً، مشيراً إلى أن العمليات التي تقوم بها تستهدف المسلمين بالدرجة الأولى. ولم يعط أ ف ب الرئيس الاميركي رئيس الوزراء البريطاني ضمانات امس الخميس حول اعادة السجناء البريطانيين في غوانتانامو الى بريطانيا، موضحاً انهم في عداد مجموعة من "غير المقاتلين غير القانونيين". وقال الرئيس الاميركي عن جميع المعتقلين في القاعدة الاميركية في جزيرة كوبا: "انهم من غير المقاتلين غير القانونيين جمعوا في ساحة المعركة". واضاف: "انهم يتلقون معاملة انسانية"، موضحاً ان "ثمة اطاراً قانونياً سيتيح محاكمتهم بطريقة مناسبة". واكتفى بوش بالقول: "وبما يتعلق بمسألة المعتقلين البريطانيين، فإننا نعالج المسألة مع الحكومة البريطانية". وقال بلير، من جهته، ان "المسألة ستحل بإحدى هاتين الطريقتين، فإما ان تحاكمهم اللجنة العسكرية في القاعدة غوانتانامو أو يعادون الى بريطانيا". واعتبر ان "المسألة لن تحل اليوم لكنها ستحل قريباً". وتريد السلطات البريطانية ان يفرج الاميركيون عن تسعة سجناء بريطانيين موجودين في قاعدة غوانتانامو لمحاكمتهم في بريطانيا. ويسجن حوالى 650 معتقلاً من 22 بلداً في غوانتانامو في اطار "الحرب على الارهاب" التي شنتها الولاياتالمتحدة بعد اعتداءات 11 ايلول 2001. وسُئل بوش، هل يعتقد ان المسلمين لا يؤمنون بالإله نفسه الذي يؤمن به، خصوصاً عندما يقول إن الحرية يمنحها الرب العظيم. فأجاب: "أقول ان الحرية هي هبة من الرب العظيم لكل انسان. لكنني أضع شرطاً بالقول ان الحرية ليست هدية أميركا الى العالم. إنها أكبر منذ ذلك بالتأكيد. واعتقد ايضاً بأننا نعبد الإله نفسه". أما بلير فقال ان الناس سيرحبون بالحرية إذا مُنحت لهم الفرصة للحصول عليها في أي مكان في العالم ولأي دين انتموا. 100 الف متظاهر وبعد ساعات من انتهاء المؤتمر الصحافي لبوش وبلير بدأ آلاف الأشخاص تظاهرة رافضة للحرب انتهت قرب مركز رئاسة الوزراء. وقدّر منظمو التظاهرة عدد المشاركين فيها ب001 ألف شخص، في حين قالت الشرطة ان عددهم قارب 30 الفاً. واحتشد دعاة سلام ومعارضون للرئيس الاميركي ورئيس الوزراء توني بلير ظهراً في يوستون سكوير في وسط لندن تحيط بهم اعداد كبيرة من قوى الامن. وكتب المتظاهرون على لافتاتهم "بوش وبلير مطلوبان لارتكابهما جرائم حرب" و"قاتل جاء الى المدينة". وهتف متظاهر بمكبر للصوت "ندين الامبريالية الاميركية - البريطانية"، بينما كان يسمع هدير مروحية للشرطة في السماء. وقتل صباح أمس 26 شخصاً واصيب أكثر من 450 بجروح في الاعتداءات الانتحارية التي استهدفت القنصلية البريطانية في اسطنبول ومصرف "اتش اس بي سي" البريطاني. وقال الطالب المتظاهر فرانك: "هذه فقط نتيجة أخرى للسياسة الامبريالية الاميركية والبريطانية". وقال الشاب ايلم دويان 17 عاماً: "الاعتداء نفذته القاعدة لأنها تريد منع تركيا من الانضمام إلى الحرب". واضاف: "أريد أن اقول لبوش انه ليس مرحباً به. انه هنا لأن لديه خططاً للحرب التالية التي ستقتل ابرياء".