بعد ثلاثة اشهر من ركود أملته ضرورات موضوعية، عادت مصر لتدخل على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي بقوة للعمل مجددا من اجل اعلان وقف لاطلاق النار. ومن المقرر ان يصل مدير الاستخبارات العامة المصرية اللواء عمر سليمان لهذه الغاية الى مدينة رام الله غدا للبحث في امكانات التوصل الى هدنة بين الفصائل المسلحة الفلسطينية واسرائيل. ويأتي الاعلان عن هذه الزيارة وسط تزايد الامل بحدوث انفراج في الوضع المتأزم في الاراضي الفلسطينية، خصوصا بعد اعلان مؤسس "حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ احمد ياسين استعداد الحركة لمناقشة الهدنة مع رئيس الحكومة الفلسطينية احمد قريع ابو علاء. وسيلتقي اللواء سليمان الرئيس ياسر عرفات في مقره في مبنى المقاطعة في المدينة، قبل ان يلتقي قريع والقيادة الفلسطينية. وقال عرفات للصحافيين في مقره اثناء احتفال لمناسبة مرور 15 عاما على اعلان الاستقلال الفلسطيني في الجزائر عام 1988، ان سليمان سيعود حاملا افكارا عدة. وكانت مصر نجحت الصيف الماضي في اقناع خمسة فصائل فلسطينية في اعلان هدنة من طرف واحد تبدأ في 29 حزيران يونيو الماضي وتستمر لمدة ثلاثة اشهر. وفعلا دامت الهدنة اكثر من 50 يوما، لكنها انهارت في اعقاب اغتيال اسماعيل ابو شنب احد قيادي "حماس" في 21 آب اغسطس الماضي ردا على هجوم استشهادي في القدس. وخلال الاشهر الثلاثة الماضية، بدا ان مصر جمدت تحركها في شأن التوصل الى هدنة، لكن مصادر فلسطينية ومصرية قالت ل"الحياة" ان مصر لم تجمد تحركاتها بل اجرت اتصالات خلال تلك الفترة مع كل الاطراف بغية التوصل الى هدنة جديدة. وأضافت ان الفصائل والقوى التي اعلنت الهدنة في السابق، خصوصا "حماس" و"الجهاد"، موافقة في نهاية المطاف على هدنة جديدة، لكن بشروط اهمها ان تكون الهدنة متبادلة وان توقف اسرائيل كل اشكال العدوان والاعتداءات والاغتيالات، واطلاق الاسرى ووقف بناء "جدار الفصل العنصري". ويبدو واضحا ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي قاما بالخطوة الاولى نحو الهدنة، وهي خطوة تمهيدية ممثلة في امتناع الفصائل عن تنفيذ عمليات استشهادية او فدائية كبرى داخل اسرائيل، في مقابل امتناع اسرائيل عن تنفيذ عمليات اغتيال وقصف وعمليات كبرى للجيش في المناطق الفلسطينية. لكن سليمان الذي سيتناول طعام الافطار على مائدة الرئيس عرفات، لن يتوجه الى قطاع غزة للقاء أي من قادة الفصائل الفلسطينية، وسيترك هذا الامر لعدد من المسؤولين في ادارته في جهاز المخابرات العامة الذين انضجوا الهدنة السابقة على نار هادئة طوال اكثر من تسعة اشهر من الحوار في القاهرةوغزة. ومن المرجح ان يلتقي سليمان مسؤولين اسرائيليين على هامش الزيارة نفسها. وفي الاطار نفسه، سيتوجه "ابو علاء" الى قطاع غزة الاسبوع المقبل للشروع في حوار مع الفصائل المسلحة في شأن الهدنة، هو الاول منذ توليه منصبه قبل نحو شهرين. يذكر ان "حماس" و"الجهاد" رحبتا في وقت سابق بمبادرة "ابو علاء" فتح حوار معها. كما رحب الجيش الاسرائيلي باعلان "أبو علاء" في بيانه الوزاري الاربعاء الماضي رغبته في التوصل الى وقف متبادل لاطلاق النار مع اسرائيل.