توفر صناديق الاستثمار المشتركة مدخلاً لأسواق الأسهم والسندات للأشخاص والشركات كافة، خصوصاً غير المختصين في إدارة الاستثمار أو الذين ليس لديهم الوقت الكافي لإدارة استثماراتهم في هذه الأسواق بصورة مباشرة وبطريقة محترفة ومدروسة. وتتلخص فكرة صناديق الاستثمار هذه، في قيام عدد من صغار المستثمرين بتجميع أموالهم لكي تدار بواسطة مؤسسات مالية متخصصة بغرض تحقيق مزايا لا يمكن لهم تحقيقها منفردين. فالخبرة العلمية والعملية لمدراء الاستثمار ومتابعتهم للتطورات التي تتأثر بها الأسواق المالية تضمن تحقيق عوائد أعلى، مما لو قام المستثمر غير المتفرغ وغير المتخصص باستثمار أمواله بنفسه. كما وأن تجميع الأموال في صناديق استثمارية يخفف العبء الإداري على المستثمرين ويقلل حجم المخاطر التي قد تتعرض لها المحفظة الاستثمارية، حيث أن العدد الكبير من الأسهم والسندات التي تشملها الصناديق الاستثمارية وتوزيعها على الأسواق والقطاعات والأدوات المختلفة يخفف من الآثار السلبية التي قد تحدثها أي من المتغيرات في هذه الأسواق على الأداء الكلي للمحفظة الاستثمارية. تحصل معظم صناديق الاستثمار على رسم اشتراك أولي، بالإضافة إلى رسم إدارة سنوي، ولا توجد معايير محددة لتلك الرسوم التي غالباً ما تكون تنافسية وتتراوح في مجموعها من 0.5 إلى واحد في المئة. على أن بعض الصناديق التي تستثمر في الأسواق المتخصصة قد تتقاضى رسوماً أعلى بقليل، وهناك صناديق لا تفرض رسوم اشتراك حيث أن أسعار بيع الوحدات للجمهور تشتمل على تلك الرسوم. هناك عدة أسئلة مهمة لا بد من الإجابة عليها عند قيام المستثمر باختياره أحد صناديق الاستثمار المشترك منها: - هل سعر الوحدة الاستثمارية للصندوق في ارتفاع أو في انخفاض؟ - هل حجم الصندوق في ازدياد أو تراجع؟ - هل نجح الصندوق في تحقيق أهدافه المعلنة، "مثلاً، هل حقق العائد السنوي المتوقع على الاستثمار، وهل تم توزيع أرباح، إلخ". - كيف كان أداء الصندوق بالمقارنة مع المؤشر المرجعي؟ مثلاً، أداء صندوق استثمار في أسواق الأسهم الخليجية بالمقارنة مع مؤشرات أسواق هذه الأسهم؟ - هل السيولة متوفرة في الصندوق وهل يستطيع المستثمر تسييل استثماره والخروج من الصندوق في نهاية كل شهر مثلاً كما هو معلن؟ - كيف كان أداء الصندوق في السابق وما هي مؤهلات القائمين على إدارته؟ - مصداقية المؤسسة التي تروج وتدير الصندوق؟ - هل نتائج الصندوق مدققة من قبل مدقق خارجي؟ تتمتع صناديق الاستثمار بتوفر السيولة النقدية التي تمكن المستثمرين زيادة أو سحب استثماراتهم في فترات لا تزيد على الشهر في غالبية الصناديق، وهي بالتالي لا تختلف كثيراً عن الودائع المصرفية المربوطة لشهر. ويتحدد سعر الوحدة في الصندوق الاستثماري بحسب قيمة الأوراق المالية من سندات وأسهم التي تشملها محفظة الصندوق وهذه القيمة عرضة للتذبذب صعوداً وهبوطاً تبعاً لتحركات أسعار الأوراق المالية. ويحتسب سعر الوحدة بتقسيم صافي قيمة أصول المحفظة الاستثمارية "من أسهم وسندات ونقد وودائع لأجل وأذونات خزينة ناقص تكلفة إدارة الصندوق" على إجمالي عدد الوحدات في الصندوق. وتظهر الإحصاءات أن الاستثمار في الأسهم يعطي أفضل العائدات، ولكن نسبة المخاطر خلال فترة زمنية محددة تكون أعلى بسبب التقلبات التي تتعرض لها أسعار الأسهم، وبالمقابل فإن الودائع المصرفية والتي هي أقل منافذ الاستثمار خطورة يكون العائد عليها متدنياً، وأما السندات فتقع بين الاثنين. غير أن مخاطر الاستثمار في الأسهم على المدى المتوسط والبعيد تتراجع لتتساوى مع مخاطر الودائع المصرفية والسندات في حين تبقى عائدات الأسهم أعلى بكثير. هناك صناديق استثمار مشتركة تضمن حماية لرأس مال المستثمر، غير أنه في الاستثمار لا توجد ضمانات، وأن المخاطر القليلة تعني بالضرورة عائدات قليلة. كذلك فإن ضمان رأس المال وحمايته من تقلبات السوق يعني رسوماً أعلى، وغالباً ما يمنع المشتركون في الصندوق الذي يضمن رأس المال من تسييل استثماراتهم قبل مدة محددة تتراوح من خمسة إلى عشرة أعوام. غير أنه إذا تقبل المستثمر ربط استثماره لفترة زمنية طويلة كهذه فمن الأجدى له أن يستثمر في أسواق الأسهم عن طريق صناديق الاستثمار والتي ستعطي من دون شك عائداً أفضل خلال فترة 5 إلى 10 سنوات من الاستثمار في صندوق مضمون رأس المال. يبلغ حجم صناديق الاستثمار المشتركة التي تستثمر في أسواق الأسهم والسندات العربية حوالى 2.5 بليون دولار، ويقدر أن أكثر من ثلاثة أرباع موجودات صناديق الاستثمار هذه موجه إلى سوق الأسهم السعودية والسندات التي تصدرها الحكومة السعودية. ولا تتجاوز القيمة السوقية للصناديق الإقليمية نسبة واحد في المئة من إجمالي القيمة السوقية لأسواق الأسهم العربية، وأقل من 0.7 في المئة من إجمالي المدخرات الإقليمية، لذا فإن إمكانيات النمو لهذه الصناديق الإقليمية تعتبر كبيرة، خاصة إذا أخذنا في عين الاعتبار أن نسبة المدخرات المستثمرة في الصناديق المشتركة في أسواق ناشئة أخرى من العالم تزيد في العادة عن 10 في المئة. ولا شك في أن المستثمرين، يقدرون مزايا المساهمة في محفظة متنوعة يديرها مدراء مؤهلون يتابعون تحركات السوق عن كثب ويساعدهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية اليومية وحدات أبحاث متخصصة في كافة نواحي أسواق رأس المال. ولا بد أن يكون لصندوق الاستثمار المشترك سجل أداء جيد ليشجع المستثمرين الدخول إليه. إلاّ أن سجل الصندوق مهما كان حافلاً يجب أن لا يعتبر ضماناً لتحقيق أداء مشابه في المستقبل. وحتى أفضل المديرين لا يستطيع أن يحقق الأرباح في سوق أسهم تتراجع فيها الأسعار بشكل متواصل ولا توجد أدوات تحوط مثل البيع لأجل أو شراء خيارات البيع. فلا بد إذاً للمستثمرين في صناديق الاستثمار المشتركة أن يكونوا على دراية بالمخاطر التي قد تتعرض لها هذه الصناديق قبل أن يقدموا على الاشتراك فيها. توجد هذه الأيام صناديق استثمار مشتركة تديرها العديد من البنوك والمؤسسات المالية في المنطقة العربية وتستهدف الاستثمار في الأسهم الإقليمية وفي السندات ضمن غيرها من أدوات أسواق المال الصادرة بالعملات العربية أو بالدولار الأميركي. وتجتذب هذه الصناديق المستثمرين الذين يشعرون بالاطمئنان لكون أموالهم مستثمرة في بيئة يعرفونها، حيث لا يوجد خطر من الاستيلاء عليها، أو من تعرضها لمخاطر تقلبات أسعار صرف العملات. وفي أغلب الأحيان لا توجد ضرائب، وتدير هذه الصناديق مؤسسات معروفة وموثوق بها، كما تشرف على صناديق الاستثمار المشترك سلطات رقابية أصبحت على قدر كبير من الخبرة، ما ساعد على ترسيخ العملية الاستثمارية للأفراد وإعطائهم المزيد من الثقة في صناديق الاستثمار المشتركة. * الرئيس التنفيذي جوردانفست.