على رغم الادانة الشديدة التي وجهتها فرنسا الى اسرائيل بعد غارتها الجوية على الأراضي السورية والتي وصفتها بأنها انتهاك غير مقبول للسيادة، فإن الجانب الفرنسي لم يفاجأ بالضربة الاسرائيلية كونه يدرك أن الضغوط الأميركية على سورية ليست مجرد كلام، وانما هي سياسة فعلية للإدارة الأميركية التي تتوزع الأدوار مع اسرائيل في هذا الصدد. ولدى باريس قناعة بأن سورية تخطئ في اعتقادها بأن انهماك الولاياتالمتحدة بمشاكل كبرى في العراق وبمسيرة السلام في الشرق الأوسط سيضعف الضغوط على دمشق. وتعتبر باريس ان مثل هذا الموقف ينطوي على سوء تقدير، خصوصاً أن للإدارة الأميركية الحالية ردات فعل غير متوقعة، أكثر من السابق. ولذا، تتضمن الرسالة التي يوجهها الجانب الفرنسي منذ شهور الى السوريين، الدعوة الى الانتباه والتحذير والنصيحة بعدم المراهنة على انهماك الادارة الأميركية بمشكلات المنطقة. والتقويم السائد لدى الأوساط الفرنسية المطلعة مفاده ان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون يسعى الى حمل السوريين على الاقتناع بأن اقدامهم على أي عمل سيرد عليه بالضرب بقوة. وتعتبر هذه الأوساط ان الإدارة الأميركية الحالية تعطي اسرائيل هامشاً واسعاً للحركة، ما يحمل على الاعتقاد بأن هناك خطراً على سورية. وتتوقع فرنسا من دمشق التجاوب مع مطالبها، وأولها أن يتم احترام الدستور اللبناني، وفقاً لما قاله وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان خلال مأدبة العشاء التي أقامها على شرف البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير خلال وجوده في باريس أخيراً. وشكل كلام دوفيلبان دعوة مباشرة لتذكير سورية بما تردده السلطات الفرنسية لها بصورة غير علنية. وتتمنى فرنسا ان تغير سورية سياستها تجاه لبنان، وتعتبر أن هذا التغيير يجب أن يترجم في مرحلة أولى بعدم تعديل الدستور اللبناني بهدف التجديد للرئيس الحالي اميل لحود. وكانت فرنسا عملت على مدى السنوات الثماني الماضية على التقرب من سورية. وباتت تربطها بها علاقات جيدة وتعاون حقيقي. وهي تنصح سورية بأنها إذا أرادت تطبيع علاقاتها مع دول العالم والعودة الى الأسرة الدولية، فانها مستعدة للمساعدة على صعيد الاتحاد الأوروبي وعلى الصعيد الدولي. اما إذا كانت سورية غير راغبة بذلك، فعندها لن تتمكن من ان تستمر في صداقة باتجاه واحد ومن دون أي تجاوب.