وصف عدد كبير من الاقتصاديين السعوديين المشاركين في منتدى الرياض الاقتصادي، الذي بدأت فعالياته مساء اول من امس في الرياض، البيئه الاستثمارية في السعودية بأنها "سوداء وخطيرة" في ظل استمرار مستوى الدين العام وارتفاعه الى قرابه 96 في المئه من اجمالي الناتج المحلي. طالب اقتصاديون في الجلسة الاولى بضرورة ايجاد اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعيه والقضاء على الفساد الاداري والمالي المنتشر في القطاعين العام والخاص "الذي جعل السعودية تحتل مركزاً متأخراً مقارنة مع الدول النامية، خصوصاً دول الخليج العربي، من حيث التحرر الاقتصادي وتوافر بيئة استثمارية مناسبة في ظل وجود أنظمة وقوانين صعبة تعتبر من اكبر المعوقات التي تعاني منها البلاد". ودعا محافظ الهيئة العامة الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي برفع نسبة الاستثمار في السعودية حتى تصل الى 30 في المئة خصوصاً انها لم تتجاوز 17 في المئه من اجمالي الناتج المحلي حتى الآن، مشيراً الى ان جميع خطط التنمية الخمسية المتعاقبة التي استهدفت تنويع مصادر الدخل "لم تحقق اهدافها حتى الآن وظلت معدلات التنمية في الاقتصاد مرتبطه بأسعار النفط في السوق الدولية". الرشوة والواسطة وكشف المحامي السعودي عبدالعزيز محمد القاسم ان 66 في المئة من رجال الاعمال تراجعوا عن تنفيذ استثمارات اساسية بسبب مشاكل تتعلق بصعوبة تطبيق اللوائح والنظم الحكومية و"ان نسبة 30 في المئة من وقت الادارة العليا في القطاع الخاص يُستنفذ في مراجعة الدوائر الحكومية لتفسير التشريعات والتغيرات الحادثة فيها". وقال: "ان 78 في المئة من المستثمرين ذوي النشاط الواحد و91 في المئة من متعددي الانشطة يرون ان الدولة لا تأخذ في الحسبان القلق من التغيرات المهمة في التشريعات". واضاف القاسم، في اليوم الثاني من المنتدى، "ان 67 في المئة من الصناعيين و77 في المئة من العاملين في قطاع الخدمات و81 في المئة من متعددي الانشطة يتجاوزون النظام عبر وسائل عدة اهمها الواسطة والتحايل ثم الرشوة". واشار، في ورقته التي كانت بعنوان "البنية التشريعية والقضائية في المملكة"، الى وجود الكثير من النواقص التشريعية منها: تنظيم قواعد التجريم والعقوبة وانظمة التجارة التي لم تستكمل ما ادى الى تدني مستوى الجودة فيها وتشريعات اعمال المصارف المنظمة لقواعد العقود المصرفية وتشريعات عمل المرأة وقواعد مكافحة التحرش والاعمال المخلة بالاداب العامة المتروكة حالياً لاجتهادات فردية وقواعد اخلاقيات المهن كالطب والمحاماة والقضاء. وذكر القاسم ان وضع سياسات التشريع احيل الى الادارات القانونية في مؤسسات الدولة و"هي ادارات غير قادرة على ذلك لعدم وجود رابط يجمعها" مشيراً الى وجود "ازدواجية تشريعية بين الفقه الاسلامي المستمد من الشريعة والانظمة المستمدة من الفكر التشريعي الحديث تصل الى حد تجاهل متبادل بين النظامين الفكريين فالمحاكم تتجاهل التقيد بكثير من الانظمة والمؤسسة التشريعية تتجاهل تخوفات المؤسسة الفقهية". وقال رجل الاعمال السعودي سليمان المنديل، في ورقة بعنوان "بيئه الاستثمار في السعودية... الواقع والتحديات" ان النمو الاقتصادي السعودي يعاني مجموعة من الاختلالات الهيكلية في بيئة الاستثمار ومن اهمها تدني كفاءة الاستثمار في تحقيق النمو الاقتصادي، ومحدودية قدرة السعودية على جذب الاستثمارات الاجنبية، وقصور البنية التحتية مقارنة مع دول مماثلة إضافة الى تقلبات التجارة الخارجية واستمرار عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات من عام 1983 الى عام 1999. واكد ان هناك فرصاً استثمارية في السعودية يمكن من خلالها القضاء على بعض المعوقات التي تعترض نمو الاقتصاد المحلي والتي تتركز في قطاع صناعة الغاز والبتروكيماويات حيث يجب الغاء احتكار القطاع العام لهذه الصناعات إضافة الى قطاع الخدمات الذي يتيح فرصاً استثمارية كبرى اذا ما تمت معالجة المعوقات وتحسين بيئة الاستثمار المحلية. ولاحظ رجال الاعمال ان امتناع السلطات النقدية عن منح تراخيص لمنشآت مالية جديدة ادى الى ايجاد سوق احتكارية في القطاع المصرفي ما اثر في كفاءة المصارف التجارية كما ان اقتراض القطاع لحكومي من المصارف التجارية ادى الى مزاحمة القطاع الخاص في سوق الائتمان.