أدرك المجتمع الإيطالي المعاصر ضرورة تحقيق نهوض حقيقي للمرأة لا يرتكز على الجوانب المظهرية، بل على المساواة المطلقة بعيداً من الفروق البيولوجية والنفسية. وتنتقل المرأة الإيطالية الآن من مرحلة التهميش الى مرحلة التمكين في الاسهام في بناء مجتمعها ورسم ملامح مستقبله، وهي تقدم صورة جديدة مغايرة للمرأة التي كانت في الماضي تبكي عند مواجهتها أي صعوبة في الحياة اليومية. الآن هي تقاتل وتحمل السلاح وترمي بنفسها بالمظلة في الصحراء والبحار، وتتسلق الجدران العالية، وتزحف في الوحل، وتحت الأسلاك الشائكة، وتقود البوارج البحرية والطائرات والدبابات، وتتقن استخدام كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة بجدارة زميلها الذكر وكفايته. أكثر من 1650 جندية إيطالية من مجموع 211 الف جندي إيطالي في القوات المسلحة، والعدد يتزايد يوما بعد آخر،112 الف امرأة في قوات الدرك والشرطة، غالبيتهن من المتطوعات برتبة ضابط او رقيب. وجندية عادية في القوات البحرية والجوية والبرية، و94 مجندة لحفظ السلام. جوليا كاميللو 22 عاماً تحمل بندقية "بيريتا" الإيطالية التي تزن خمسة كيلوغرامات، ويصفونها كبقية رفيقاتها في السلاح، بالقوية الشكيمة، المكابرة والتي "لا تصير كلمتها اثنتين". أتت من كازيرتا احدى مدن الجنوب، وانخرطت في فرقة غاريبالدي، بعدما استهوتها فكرة الانخراط في السلك العسكري كمجندة واستقالت من عملها في مصنع تلفزيونات. وتقول جوليا: "أبي وعمي يخدمان في الجيش الإيطالي، الا ان أمي غير مقتنعة حتى الآن برؤية بزتي العسكرية وطبيعة عملي الحالي. شاهدت مرة برامج تلفزيونية خاصة عن الفتيات اللواتي يلتحقن بالخدمة العسكرية، فقررت ان اكون واحدة منهن، وكانت رغبتي تنحصر بالسفر الى العراق ضمن وحدة حفظ السلام الإيطالية. الا انهم أخبروني بأن ستة اشهر من التدريب العسكري لا تكفي ويجب التدرّب اكثر من عشرة اشهر او سنة". ثم تضيف: "التحاق المرأة بالجيش فتح أبواب الحرية وغيّر مفاهيم كثيرة، الا ان الشيء الوحيد الذي ما زال يعيق عملية الانفتاح هذه هو التعامل الخاص مع المرأة، مثل ابتسامات المسؤولين والزملاء. أما الناس فينظرون إلينا أحياناً بإعجاب لا يخلو من الدهشة وكأننا نازلات من المريخ". وكأي مجندة إيطالية تتقاضى جوليا التي قامت بعدد من الخدمات كان آخرها حراسة مطار نابول اشهراً عدة بعد تهديدات إرهابية مزعومة، نحو 750 يورو شهرياً في أوّل سنتين، و820 يورو في السنة الثالثة، و100 دولار يومياً خلال تأدية مهمات عسكرية خارج البلاد. هل ينتابك الخوف أثناء تأدية واجباتك العسكرية؟ - إطلاقاً، ولا حتى من المشاهد المرعبة التي تأتينا من ساحات الحروب مباشرة. ولا يعني هذا عدم وجود متاعب ومخاطر في العمل كمجندة، لكن الأيام كفيلة بتقوية العضلات وتنشيط الجسد ليكون ملائماً لتأدية المهمات بصورة منتظمة وسليمة. - ما هي مشاعرك أمام زميلك الرجل أثناء الخدمة وبعدها؟ - انها لحظات صعبة للغاية لأنهم اذا لم يتفوهوا بكلمة ففي دوافنهم بعض التحدي غير المعلن، "لنرَ ماذا في إمكانها ان تفعل؟". هذا الموقف يفرض على كل واحدة منا ان تكون حقاً جديرة بالتحدي وأن تقيم حسابات دقيقة لكل مواجهة، صغيرة كانت ام كبيرة، سواء من الزملاء الذكور أم من حملة المراتب العسكرية الأعلى. انهم يضعوننا على الدوام تحت الاختبار. الا اننا، وبعد ان يكتشفوا تدريجياً قدراتنا التي لا تقل في اي حال من الأحوال عن قدراتهم، نصبح متساويات معهم. من جهة أخرى، نحن فخورات حقاً بأن تلك الكلمات المبتذلة التي كانت شائعة الاستعمال أثناء تأدية الواجبات العسكرية او في علاقات العمل اليومي في الأقسام الداخلية كافة. وماهي طبيعة العلاقات بين المجندات والمجندين داخل الثكنات العسكرية وخارجها؟ - في الأكاديمية العسكرية للبحرية والطيران في مدينة كازيرتا، هناك 132 شاباً و22 تلميذة، وبالتأكيد فإن علاقة محبة تنشأ بين الطرفين، تؤدي أحياناً الى الزواج.