في شوارع السويد لا يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة إلى نجم الجزء الخامس من مسلسل «باب الحارة» وفيق الزعيم (أبو حاتم) عن شوارع سورية. شباب وفتيات الجالية العربية، ومن مختلف الأعمار يهللون لحظة رؤيته ويتسابقون لالتقاط صور تذكارية معه وربما أكثر. ربما لا تكشف هذه اللحظة تفكيراً مختلفاً عما يمكن رؤيته في أي من شوارع العالم العربي حين كان يقول مخرج العمل بسام الملا ان المسلسل كان يخضع الشوارع العربية إلى منع التجوال فيها لحظة بثه. ما يحدث هنا في دولة غير عربية لا يختلف كثيراً، وكأن جزءاً من سكان العالم العربي انتقل للعيش هنا، وحمل بداخله هذه السيرة التلفزيونية الشامية التي لا يراد لها أن تنتهي. ف»أبو حاتم» هو نفسه من كتب مسلسل «الزعيم» في الموسم الرمضاني المنصرم، ليشكل ربما الجزء الأول من سيرة ستكتب وتصور تباعاً، وبحسب السوق الفضائية المقبلة. في هذه الدولة الغربية، لا يبدو أن مشاهدي المسلسلات الدرامية قلقون على هويات نادرة لا تتشكل بسهولة في رحم المجتمع السويدي. وما يقوم به الشبان حين يتسابقون لالتقاط صورة تذكارية مع «الزعيم» يكشف- ربما- بطريقة أو بأخرى عن حجم الاخفاق الذي يعاني منه هؤلاء الباحثون عن مجد اللقطة الواحدة في عملية الاندماج والتكيف مع هذا المجتمع الذي وفدوا إليه طائعين ومجبرين، وكل بحسب ظروفه التي فرّ منها، لأننا نستطيع أن نجزم، بأن قلة وفدت الى هنا في ظروف طبيعية. ليس «باب الحارة» بهذا المعنى باباً مفضياً إلى الحارة الشامية، مع كل التزييف الذي لحق بها. إنه باب مفض إلى النفوس أيضا، وما يفعله مجد الصورة التذكارية يؤكد أن هذه النفوس مقيمة في المكان ذاته الذي وفدت منه، ولم تغادره لحظة واحدة. وبالتأكيد ليس في الأمر تهويل من أي نوع، لأن «الاضطرابات» التي وقعت يوماً في ضواحي بعض المدن الأوروبية كشفت بجلاء أن ثمة مهاجرين يعيشون في اضطرابات أكبر سببها فقدان الهوية والتأرجح بين شرفتي مجتمعين دفع بكثر منهم إلى التقوقع على الذات، والاكتفاء بمشاهدة الفضائيات العربية، وهي تعيد نسج التاريخ العربي وفق أهواء كل صانع على حدة، حتى أنه بدا مهولاً في تلك الأيام أن يعرف المرء أن ثمة مهاجرين منهم يرفضون تعلم لغة البلد الذي يقيمون فيه حتى من بعد مضي عقد ونصف على وجودهم. بالتأكيد لن تكون صورة تذكارية مع نجم من نجوم «باب الحارة» سبباً للتنبيه بأن ولوج الباب الشامي لا يعدو أكثر من رحلة ملتبسة في البحث عن هوية ضائعة، وربما لا تتعدى الفرح الخاص بلقاء «الزعيم» في شوارع مدينة لا تعرف شيئاً من مآثر أعضاوات وأهل الحارة حين كانوا ينتفضون فرادى ومجتمعين في وجه الانتداب الفرنسي. هنا يبدو مجد اللقطة الواحدة موجهاً إلى الداخل، وليس موجهاً ضد رجال الفايكنغ، أو شعوب البحر القساة، والمحاريبن الأشداء، كما تروي كتب التاريخ عنهم.