لم يكن من السهل قراءة تعابير الممثل سامر المصري (أبو شهاب) عندما التقيناه في مكتبه في دمشق الأسبوع الماضي للحديث عن خروجه من المسلسل الرمضاني «باب الحارة» في جزئه الرابع. كلام المصري الذي اتسم بحنين للعمل، بدا عليه الغضب من تصرف المخرج بسام الملا، الذي وصفه ب«الفاشل» و«الضعيف» عقب سلسلة استبعادات لنجوم العمل كان آخرهم «أبو شهاب». لكن عشر سجائر دخنها المصري خلال الحوار ترجمت مدى توتره وإنزعاجه من قرار الاستبعاد، ومعبرا في الوقت نفسه عن سعادته بأن خروجه جاء في أوج نجاح المسلسل. المصري ظهر أكثر ثباتا وإتزانا وثقة في النفس وهو يتحدث عن قرار استعباده ومشاركته في الجزء الثاني من «بيت جدي»، ويعرض لنا بعضا من رسائل الجوال التي جاءته من أصدقائه وجمهوره، الذي يرى أن عدم وجوده في العمل يعتبر نصرا له، «لأن العمل يعيش مرحلة السقوط» على حد وصفهم. واجهنا سامر المصري بسيل من الأسئلة حول ما يدور في الشارع هذه الأيام، حول سبب غيابه عن المسلسل، ومدى جدية عودته في الجزء الخامس، وعن رأيه في العمل بعد خروجه، وعلاقته بالمخرج الملا. وفيما يلي التفاصيل: مخرج ديكتاتوري • البعض راهن على فشل العمل بعد خروج سامر المصري كونه بطل الجزء الثالث.. ما هي أبعاد هذا الخروج؟ - أعتقد أن الحديث عن هذا الموضوع انتهى، وأصبحنا في مرحلة جديدة حاليا. ولا أحب الحديث في ما مضى، ولدي مقياس وترمومتر داخلي، وأشار هذا الترمومتر بناء على خلفيتي الثقافية والأكاديمية إلى أن هذا المسلسل يجب أن نحتفظ به في ذاكرة الناس بصورة جميلة، فتركت العمل.. لست ضد تعدد الأجزاء للعمل الواحد بدليل أنني مثلت الجزء الثاني من «بيت جدي»، لكني ضد الأجزاء عندما يكون هناك مخرج ديكتاتوري تعسفي يتعامل بلؤم وليس بإبداع وفنية كما عهد الناس الفنانين.. وهذه الشريحة مرهفة الحس وتتحلى بأخلاقيات عالية تشبه الأخلاقيات التي قدمناها في مسلسل «باب الحارة». فالقضاء التدريجي على أبطال المسلسل أفقده محتواه الدرامي، وعندما قضى المخرج على أقطاب المسلسل الحقيقيين من شخصيات كبيرة وصغيرة أطلق رصاصة الرحمة على المسلسل. وحقيقة أنا سعيد جدا بقرار الانسحاب من هذا العمل لأنني تركته في أوج نجاحه، ولا يستطيع أحد أن يلغي جماعية العمل الفني، فالمخرج في الفترة الأخيرة أراد أن ينفرد بنجاح المسلسل وهذا واضح جدا في كل تصريحاته المسموعة، وأشار إلى اعتزازه باستبعاد أبو غالب وأبو عصام وأبو بدر وكثير من الشخصيات. فهو من قضى على أجزاء هذا المسلسل ولن يستطيع أن يقضي على الجزئين الأولين اللذين أرى أنهما «باب الحارة». مسلسل آخر • ماذا عن انطباعكم عن الجزء الرابع في حلقاته الأولى؟ - أنا سعيد جدا بانسحابي من المسلسل بعد مشاهدة الحلقات الأولى من الجزء الحالي. أقول إن ما يعرض حاليا ليس هو باب الحارة، فهذا مسلسل آخر كان من المفترض أن يغير اسمه وأغنية بدايته، لأنه لم يعد هناك أي من ملامح المسلسل الذي أصبح حربيا، ولم تعد الحياة الاجتماعية التي أحبها الناس موجودة؛ فعندما أحب المشاهدون المسلسل كان خط المقاومة بسيطا والحياة الاجتماعية هي الأصل.. فهناك عمليات احتيال ونصب من المخرج على المشاهد العربي، وعملية النصب في البحث عن العميد أبو شهاب، ومن يقرأ المجلات والصحف، ويتابع الإعلام يعرف أنني غير موجود في هذا المسلسل، فلا زلت أنا بطل هذا المسلسل لكثرة الحديث عن شخصية العقيد أبو شهاب من قبل الممثلين.. وعلى ما يبدو أصبح الخط الدرامي المشوق الوحيد في العمل هو البحث عن هذه الشخصية. وبالعودة إلى الجزء الثالث.. فعندما قتل المخرج أبو عصام طلب مني أن أبكي عليه في المشهد الأول، قلت له لا أستطيع البكاء على شخصية أعرف أنك أنت قتلتها وليس السياق الدرامي، والحفرة نفسها وقع فيها في الجزء الرابع، محاولا الضحك على المشاهد العربي بأن العقيد سيعود.. لكني أقول لكل المشاهدين إنني لن أعود. إعلان فضائي • قال المخرج بسام الملا في مؤتمر صحافي إنك خنت الأمانة. فهل قضية الإعلان القشة التي قصمت ظهر البعير، أم ان هناك ترسبات سابقة؟ كلام الملا مردود عليه، وكان ردا على ضغط MBC عليه بقوة من أجل استمرار وجودي في المسلسل، لأن المحطة تعرف مدى أهمية وجودي في العمل وتقدر ما قدمته لنجاح هذا المسلسل. • وتقدر نجوميتك العريضة؟ - نعم، وأحترم ذلك. وكل ما قاله عن الإعلان حجج واهية لكي يمارس عنجهيته وغطرسته في التعامل مع الفنانين، وله سوابق في هذا المجال، وإلا فما السبب في استبعاد معتز من المسلسل واستبداله بقصي الذي دخل إلى التصوير وسجل مشهدين وهو ينكر ذلك؟ • لكنك ضغطت على المخرج، وأعدت معتز، وهددت بترك المسلسل إذا خرج معتز؟ -تماما، وأعاده.. ولولا ذلك لما كان معتز في المسلسل. تعليق المحطة • هل لقناة العرض دور في نجاح الأجزاء الثلاثة من باب الحارة ؟ -ربما تكون هناك ميزة في أن يعرض «باب الحارة» في محطة محترمة، ولها نسبة مشاهدة كبيرة مثل MBC. • ما هو تعليق القناة على قرار انسحابك من المسلسل؟ - الصمت. • هل علاقتك مع إدارة القناة جيدة؟ - بالتأكيد، لأن MBC دافعت كثيرا عن وجود سامر المصري في باب الحارة، وأحترم ذلك، وتربطني علاقة طيبة مع هذه المحطة منذ عرض مسلسل «الزير سالم»، وأعمال جميلة قدمناها وحققت نسبة مشاهدة أولى في العالم العربي. أعمال شامية • يقال إنك تشارك في مسلسل «بيت جدي» في الجزء الثاني للرد على الملا، وإثبات أن هناك أعمالا شامية أخرى تستطيع أن تنافس الملا الذي تفرد بالأعمال الشعبية في الفترة الأخيرة؟ - لم يتفرد أحد بالشعبي، ومخرج «باب الحارة» قدم العديد من الأعمال الشامية التي لم يشاهدها سوى المشاهد السوري. لماذا أخذ «باب الحارة» كل هذه الشهرة؟ بسبب النجوم الذين شاركوا فيه، والكاتب الذي كتب «حدوتة» جميلة وأحداث مشوقة، والمعروف أن بسام الملا من أفضل مخرجي البيئة الشامية، لكنه ليس من أفضل مخرجي الدراما السورية. لذلك، لا بد من أخذ ذلك في عين الاعتبار، وترتيب الملا بين المخرجين السوريين متدن جدا ولا يقارن بنجدت أنزور وحاتم علي وهيثم حقي ومخرجين شباب مثل مثنى الصبح.. لا يمكن مقارنته بهؤلاء لأن أدواته الإخراجية ضعيفة. أما عن مسلسل بيت جدي، فأنا لا أؤمن بمبدأ ردة الفعل، وهذا غير موجود في حياتي الفنية؛ الجزء الثاني من بيت جدي واقعي غير مثالي، يحكي حكاية جميلة من حكايا دمشق الكثيرة. هناك شخصيات من لحم ودم تخطئ وتصيب، وليست مثالية التي يحاول أن ينظف بسام الملا شخصياتها كما هو في باب الحارة. هذه الشخصيات لها أكثر من جانب. • أي أنها دراما حقيقية؟ - نعم، وكل شخصية لها أكثر من وجه، لذلك عندما قرأت النص جذبني، وأحسست أن شخصية «أبو حجاز» مكتوبة بشكل جميل، فدخلت التجربة، وأنا معجب جدا بالعمل وإضاءته وإخراجه وكل تفاصيله وأداء الممثلين فيه. فشل أم نجاح • هل تتوقع فشل الجزء الرابع والخامس من باب الحارة؟ - لا أتوقع.. إنما ذلك شيء حادث فعلا، وأتلقى الكثير من الاتصالات التي تسأل عن إمكانية عودتي. • إلى الآن يتحدث الناس عن ذلك؟ - نعم، الناس يعتبرون أن المسلسل أصبح مسلسلا آخر، ولا يشبه أبدا ما أحبوه في باب الحارة. • هل تتوقع أن يحقق الجزء الثاني من «بيت جدي» نجاحا يفوق نجاح «باب الحارة»، خصوصا أن قنوات العرض متعددة؟ - لسنا في واقع مقارنة، هناك العديد من الأعمال السورية المتميزة، وكما ذكرت قبل ذلك فإن عملا ما قد يظلم بقية الأعمال. هناك أعمال جميلة. مثل الشام العادية ورجال الحسم وليلى مراد، وهناك أعمال كثيرة شامية ومصرية وخليجية. لسنا في معرض منافسة. كانت هناك أعمال شامية كثيرة مقررة هذا العام، وتعثر إنتاجها فأصبح هناك عملان فقط. هما «الشام العادية» و«باب الحارة»، ومن هنا تنبع المقارنة بين العملين. شخصيتي في «باب الحارة» لا تشبه شخصيتي في «الشام العادية»، ولست ممن يكررون أعمالهم وأنفسهم. ذهبت إلى «الشام العادية» لأنني وجدت دورا جديدا أقدمه للمشاهد. وأعتقد أن الجمهور متعطش أيضا لقصص ودراما جديدة من نوع خاص. وإذا كان العمل في «الشام العادية» مشابها ل «باب الحارة» لما كان الممثلون أنفسهم متواجدين فيه، ومنهم: صباح الجزائري، وفاء موصلي، بسام كوسا، صالح الحايك، علاء القاسم، أسامة حلال، وسليم كلاس وغيرهم. حر في خياراتي • هل تعلن عدم تعاملك مستقبلا مع بسام الملا في أعمال شعبية؟ أم أن خلافك معه يقتصر على «باب الحارة» فقط؟ - ليس لدي خلاف مع أحد.. وكان اختلافه على إعلان انسحابي من المسلسل في رمضان الماضي، وأنا حر في خياراتي؛ نسجت اسمي ونجوميتي مع كل مخرجي سورية وليس مع مخرج بعينه. لست محسوبا على أحد. أتعامل بطريقة حرفية مع الدور الذي يقدم لي ولو كان في الصين. • كلمة أخيرة لمن توجهها؟ - كانت واضحة جدا رغبة مخرج باب الحارة في أن يتصدر صفحات الصحف، وأن يدخل باب الشهرة، لأنه للمرة الأولى في الجزء الرابع يضع اسمه مع نجوم العمل، حيث تبدأ الشارة باسم صباح الجزائري ووفاء موصللي ووائل شرف وميلاد يوسف وبعد ذلك يظهر اسم المخرج بسام الملا مع نجوم العمل، وعادة يكون اسمه في آخر العمل. لذا بات واضحا أن استبعاد نجوم العمل محاولة منه للتفرد بالنجاح. ذكرت أكثر من مرة أن الملا يغار من نجاح النجوم، ويريد أن يصبح نجما، لذلك أنصحه بالتمثيل في الجزء الخامس.