يُنتظر ان يبحث مؤتمر اعادة اعمار العراق، المقرر انعقاده في مدريد في الثالث والعشرين من تشرين الاول اكتوبر الجاري، في امكانات تقديم "حزمة مساعدات للعراق" تُشرف على انفاقها "حكومة منتخبة" على ان يتقرر اعطاء بغداد "مبالغ تمهيدية صغيرة" في المرحلة الاولى "حتى يتم تشكيل هذه الحكومة التي يجب ان تحظى باعتراف دولي قبل تسلم المساعدات" كما قال ل"الحياة" مصدر عربي على صلة بالتحضير لمؤتمر مدريد. قالت مصادر في الاممالمتحدة مساء الاربعاء "ان اعادة اعمار العراق ستحتاج الى 35 بليون دولار في السنوات الاربع المقبلة الا ان منظمي مؤتمر مدريد يخشون ان ينتهي المؤتمر بتعهدات تراوح قيمتها بين بليون دولار وبليوني دولار فقط". وذكرت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمائها، ان رقم ال35 بليون دولار يعتمد على تقويم الاحتياجات الذي اعده البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاممالمتحدة في اطار الاعداد لمؤتمر مدريد للمانحين يومي 23 و24 تشرين الاول. ومن المتوقع ان يكشف النقاب عن هذا التقويم في مدريد في اجتماع ممثلي الحكومات والوكالات الدولية استعداداً لاجتماع المانحين الذي ترعاه اسبانياوالولاياتالمتحدة والامارات العربية المتحدة وحضر الاجتماع في مدريد ممثلون عن الحكومات التي قدمت مساعدات لعراق بعد الحرب او التي ابدت اهتماماً بان تفعل ذلك في المستقبل. واكد مسؤولون ان المؤتمر يقوم بأول محاولة فقط لتدبير اموال الاعمار ولا يعني هذا ابداً انه يتعين ان تأتي كل الاموال المطلوبة من الحكومات الاخرى. وتعهدت الولاياتالمتحدة بالفعل بتقديم 20 بليون دولار توجه لاعادة اعمار العراق تنفق خلال 18 شهراً وكثير من هذه الاموال تدخل ضمن تقدير الاموال المطلوبة البالغة قيمتها 35 بليون دولار. وقال المسؤولون ان الاموال الاخرى قد تأتي من مبيعات النفط العراقي وعائدات الضرائب العراقية والاستثمار الخاص. الا ان مسؤولاً اوروبياً كبيراً في مجال المساعدات طلب الا يُنشر اسمه قال انه "سيُدهش لو قدمت باقي دول العالم، ومن بينها اوروبا واليابان والدول العربية مجتمعة، بليوني دولار في الفترة المبدئية التي مدتها سنة". ودافع الاتحاد الاوروبي الاربعاء عن عرضه المزمع الذي تبلغ قيمته 200 مليون يورو فحسب 234 مليون دولار سنة 2004 قائلا انه ليس "قطرة في محيط" وجادل الاتحاد بان هناك حدوداً لقدرته على التمويل وقدرة العراق الحالية على استيعاب الاموال من الخارج. وقالت انا بلاثيو وزيرة خارجية اسبانيا: "اذا اخذنا في اعتبارنا المبالغ التي ذكرها الرئيس جورج بوش، التي قيمتها 87 بليون دولار لاعادة الاعمار بالاضافة الى التكاليف العسكرية او نحو 20 بليون دولار لاعادة الاعمار مباشرة فإن اي مبلغ قد يتم الحصول عليه قد يبدو غير كاف". لكنها شددت على انه سيكون هناك مستوى عال من المشاركة في المؤتمر وستكون الرسالة الرئيسية هي اظهار ان "اعادة اعمار العراق تهمنا جميعاً". وقال مانحون انه بالاضافة الى قلة الاموال هناك مشكلة كبيرة تتمثل في غزو الولاياتالمتحدة للعراق من دون موافقة الاممالمتحدة ثم ادارتها لبرنامج اعادة الاعمار منفردة وحرمان الحكومات من ابداء الرأي في كيفية انفاق هذه الاموال. ويبحث مجلس الامن الدولي الآن في عرض من الولاياتالمتحدة لاعطاء الاممالمتحدة دوراً اكبر في اعادة الاعمار مما قد يجعل الحكومات اكثر سخاء. ومن المسائل الاساسية الاخرى حجم الاموال التي يمكن توقعها من مبيعات النفط العراقية. ويتوقع البيت الابيض ان يقدم انتاج النفط نحو خمسة بلايين دولار من العائدات الى الحكومة المركزية في بغداد سنوياً يتم توجيهها الى نفقات اعادة الاعمار وفي سنة 2005 ستؤمن عائدات النفط العراقي 15 بليون دولار تقريباً. الفقر لكن معهد التمويل الدولي قال امس "ان العراق سيظل فقيراً لسنوات اذ لن تمول عائدات النفط انفاق الموازنة ولن تكفي اموال المانحين على الارجح لسد الاحتياجات المطلوبة ولن تقبل الشركات على استثمار اموالها هناك". وافاد المعهد في تقرير "حتى في ظل افضل الظروف مع تحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي والتوصل الى شطب شامل للديون والحصول على دعم دولي كبير وتحقق أسعار مواتية للنفط، فإننا نُقدر الا يتجاوز نصيب الفرد في العراق من اجمالي الناتح المحلي مستوى 3500 دولار في السنوات العشر المقبلة او حتى على مدى السنوات ال15 المقبلة على اقل تقدير". وهذا المبلغ أقل بكثير من مستوى نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي في دول الخليج العربية. وكان العراق في الماضي من اغنى الدول النامية وكان نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي يصل الى سبعة آلاف دولار في اواخر السبعينات، لكن عقوداً من سوء الادارة الاقتصادية وثلاث حروب وعقوبات استمرت 13 عاماً دفعت نصيب الفرد حالياً الى نحو الف دولار وهو مستوى يضع العراق بين أفقر دول العالم. والعراق من أكثر دول العالم استدانة ويقدر المعهد ديونه الخارجية بنحو 134 بليون دولار 400 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وقال المعهد، الذي يمثل 330 من اكبر المصارف في العالم، ان العراق قد يواجه عجزاً كبيراً في الموازنة سنة 2004. ومع افتراض سعر 25 دولاراً لبرميل النفط خام برنت في العقود الآجلة سنة 2004 ووصول صادرات العراق النفطية الى مستوى يزيد على 2.5 مليون برميل يومياً بحلول نهاية السنة فان عائدات النفط ستصل الى عشرة بلايين دولار. ونظراً لأن العراق قد يحتاج الى 15 بليون دولار لسد الانفاق العام سنة 2004 فإن عجز الحكومة سيبلغ نحو خمسة بلايين دولار. واذا أُضيفت تكاليف الاعمار سيزيد العجز المقدر لسنة 2004 بدرجة كبيرة وقد يصل الى 15 بليون دولار.