استيقظ العراق صباح أمس على بداية دامية لشهر رمضان، حيث هزت العاصمة العراقية خمسة انفجارات ضخمة استهدفت مقر اللجنة الدولية للصليب الاحمر واربعة مراكز للشرطة العراقية وأسفرت عن مقتل 42 عراقياً بينهم جندي اميركي وجرح أكثر من مئتين بينهم نحو عشرة جنود اميركيين. وافشل اعتداء في بغداد الجديدة بسيارة مفخخة بنحو طن من المتفجرات. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر انها ستعيد النظر في نشاطاتها في العراق بعد الاعتداء الاول الذي يستهدفها منذ بدأت نشاطها في هذا البلد في مطلع الثمانينات. وحمل مساعد وزير الداخلية العراقي احمد ابراهيم انصار الرئيس السابق صدام حسين المسؤولية عن الهجمات. هزت العاصمة العراقية صباح أمس، اليوم الأول من شهر رمضان، خمسة انفجارات عنيفة ناتجة عن سيارات مفخخة استهدفت مقر اللجنة الدولية للصليب الاحمر في منطقة الكرادة واربعة مراكز للشرطة العراقية أسفرت عن مقتل 42 عراقياً وجرح العشرات. وهي المرة الأولى التي يستهدف اعتداء اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق، منذ ان بدأت المنظمة نشاطها في هذا البلد في مطلع الثمانينات. وقتل 12 شخصاً على الاقل واصيب 22 بجروح في الاعتداء الذي استخدمت لتنفيذه سيارة اسعاف تابعة للمستشفيات العراقية. وقال الجنرال الاميركي مارك هيرتلينغ ان جميع القتلى من العراقيين. وقال صباح احسان احد الحراس في حي الاندلس بوسط بغداد: "انها احدى سيارات الاسعاف التابعة للمستشفيات العراقية. كانت تسير بسرعة كبيرة، وحاولت الاشارة بيدي الى السائق ليتوقف لكن من دون جدوى. فصدمت حاجزاً من الاسمنت المسلح امام المبنى" على بعد نحو 20 متراً من المدخل. وقال حارس آخر: "لم يكن هناك سوى عشرة اشخاص داخل المكاتب. انها بداية شهر رمضان" حيث تتأخر ساعات العمل، ما قلل نسبياً من عدد الضحايا. ونقلت جثث الضحايا ال12 الى المشرحة. وقال حيدر مصطفى وقد وقف مشدوهاً وآثار دم على قميصه: "كانت الساعة 30.08 بالتوقيت المحلي، وكنت داخل المبنى عندما هزه انفجار شديد. لم ادرك ما حصل على الفور. ثم رأيت اعمدة الدخان والاضرار وفهمت ما حصل". وقال موظف آخر في الصليب الاحمر: "يعمل عادة مئة شخص في المقر. لكن اليوم، ونظراً لتأخر مواعيد القدوم الى العمل بسبب رمضان كان العدد قليلاً. ويبدأ معظم الموظفين العمل في العراق عند التاسعة صباحاً". وقال الجنرال هيرتلينغ: "اتجهت سيارة مفخخة تحمل شعار الصليب والهلال الاحمرين الى المبنى غير انها رصدت من جانب الشرطة وعناصر مديرية حماية المؤسسات الحيوية فقام السائق عندها بتفجيرها". وبكت موظفات الصليب الاحمر اللواتي وصلن الى العمل لدى اكتشافهن ما حدث ورجون عناصر الشرطة والجنود الاميركيين ان يسمحوا لهن بالمرور. وقالت احدى الموظفات وقد وضعت شارة الهيئة حول رقبتها: "يا الهي... اصدقائي في الداخل" في حين كانت مروحيات اميركية تحلق في موقع الهجوم. ثم توجهت الموظفات الى مرآب المقر الموصل الى المدخل الخلفي له مبتعدات عن أعين الفضوليين. ولم تتم حماية مقر الصليب الاحمر بأسوار من الاسمنت المسلح كما فعلت قوات التحالف حول المباني المهمة في العاصمة اثر الاعتداء على مقر الاممالمتحدة والسفارة الاردنية. غير انه تم وضع بعض كتل الاسمنت المسلح لتعطيل حركة السير امامه. وتطاير زجاج نوافذ المنازل في محيط 500 متر من موقع الانفجار. وتناثرت على الرصيف قطع من المعادن تابعة للسيارة المفخخة واختلطت بأشلاء الانتحاري. وقالت مي علي وقد امتلأت نظرتها خوفاً "الصليب الاحمر لا يستحق هذا". وكانت تتحدث عن اربعة عراقيين قتلوا في المبنى ذاته "كلهم من عناصر الامن". وقال بوغوس يرفانت، وهو يقف امام منزله الذي تطايرت نوافذه: "انه عمل جبان". وقال احمد، الموظف في الصليب الأحمر: "كنا نتوقع هذا. كل المنظمات ضربت ولم يبق الا منظمتنا". وقال باسكال جانسن المسؤول في الصليب الاحمر ان "عشرة قتلوا، حارسان عراقيان يعملان لدى الصليب الاحمر وثمانية عمال كانوا في شاحنة مارة"، وأضاف ان 15 من موظفي الصليب الاحمر أصيبوا بينما اصابات الاجانب من العاملين في الصليب الاحمر طفيفة. الصليب الأحمر سيعيد النظر في نشاطه وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس عن غضبها وصدمتها العميقة للتفجير الذي استهدف مقرها في بغداد، وقالت انها ستسحب موظفيها الدوليين من العراق. وقالت كبيرة الناطقين باسم اللجنة انتونيلا نوتاري: "صدمنا صدمة عميقة... لأنه هجوم على اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهذا يعني بالطبع انه هجوم متعمد على شعارنا وعلى عملنا". واضافت نوتاري "علينا ان نحلل تماماً معنى هذا. نعرف ان هناك حاجة للجنة الدولية للصليب الاحمر لكن هذا يجعل الأمور صعبة للغاية". وقالت الناطقة باسم الصليب الأحمر ندا دوماني في لندن: "نعتقد اننا يجب ان نبقى هناك لأن لدينا مهمة نؤديها للعراقيين"، متمنية "ان لا يضطر العراقيون لدفع ثمن مثل هذه الافعال الفردية الفظيعة". وقال الجنرال هيرتلينغ ان هذا التصعيد "ليس جريمة بل تدنيس لكل المقدسات". وكان مساعد وزير الداخلية العراقي احمد ابراهيم أعلن ان 34 عراقياً قتلوا وجرح 224 آخرون في الاعتداءات التي وقعت في بغداد. واوضح ان 26 مدنياً وثمانية من عناصر الشرطة قتلوا في هذه الانفجارات التي استخدمت فيها سيارات مفخخة. وحمل ابراهيم الرئيس العراقي السابق صدام حسين مسؤولية الاعتداء بالسيارة المفخخة قرب مقر الصليب الاحمر في بغداد، وقال ابراهيم في موقع الهجوم: "انه هجوم ارهابي دنيء نفذه رجال صدام حسين"، واضاف: "صدام حسين وراء كل الكوارث التي تحصل في العراق"، وتابع: "نؤكد لكم اننا ننتظره مع انصاره الحقيرين". وكان ابراهيم تفقد موقع الانفجار وامضى نصف ساعة في المكان. الى ذلك، افاد ناطق عسكري ان جنديين اميركيين قتلا واصيب اثنان آخران بجروح في ساعة متأخرة اول من امس في انفجار لغم ببغداد ما رفع الى اربعة حصيلة الجنود الاميركيين القتلى خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية.