أصدر القضاء اللبناني أمس مذكرة توقيف غيابية في حق العماد ميشال عون، على خلفية شهادته أمام لجنة فرعية في الكونغرس الاميركي كانت تبحث في مشروع "قانون محاسبة سورية" قبل اقراره. وتؤدي المذكرة في أقل تقدير الى الحؤول دون عودة عون الى لبنان، كما انها خطوة أولى من نوعها تتخذ حياله منذ اخراجه من قصر بعبدا في العام 1989، ومنذ فتحت ملفات عدة ضده ووجهت اليه اتهامات ب"اختلاس اموال عمومية" و"استيلاء على السلطة" لكن لم يسبق ان صدرت في حقه أي مذكرة توقيف. كان قاضي التحقيق الأول في بيروت حاتم ماضي استدعى عون مرتين، عبر وزارة الخارجية والسفارة اللبنانية في فرنسا، للاستماع الى افادته في ادعاء النيابة العامة عليه بجرم "تعكير صلات لبنان مع دولة شقيقة" و"انتحال صفة" رئيس حكومة سابق و"اذاعة اخبار وخطب لم تجزها الحكومة"، قبل ان يصدر أمس مذكرة التوقيف التي أحالها على النيابة العامة لتنفيذها. وأفادت مصادر قضائية بأن النيابة قد تحوّلها الى مذكرة دولية لتصبح نافذة خارج لبنان "ما يمكّن قانوناً من توقيف عون في أي مكان". لكن عون سخر في اتصال مع "الحياة" من هذه المذكرة، معتبراً "انها لا تثير لديه أي خوف". وأعرب عن ثقته بأن القضية "لن تصل الى الانتربول لأنه ليس في خدمتهم ولن يتسلم أي ملف بعد تركيبهم الجريمة". وعلل ماضي قراره ب"عدم حضور عون او حضور من يمثله"، ونظراً الى "ماهية الجرم وتواري عون" ول"وضع حد لمفعول الجرمية التي اقترفها واتقاء لتجددها وتجنيب النظام العام الخلل الناجم عنها". ومما جاء في المذكرة ان "الشخص المطلوب توقيفه هو ميشال نعيم عون والدته ماري، مهنته عماد متقاعد، تابعيته لبنانية، محل ولادته حارة حريك ضاحية بيروت الجنوبية تاريخ 30-9-1933، محل اقامته مجهول، نوع الجرم وماهيته: أعمال خطب لم تجزها الحكومة وتعكير صلات لبنان بدولة شقيقة واذاعة انباء كاذبة تنال من هيبة الدولة وانتحال صفة". وتعاقب المواد القانونية التي يلاحق بها عون بالسجن اشغالاً شاقة موقتة تتفاوت بين 3 سنوات و15 سنة، وعلى اسقاط حقوقه المدنية او منعه من الاقامة او اخراجه البلاد. أما عون فقال ل"الحياة": "يحاولون منذ 13 سنة، الايذاء وها هم اليوم يقومون بمحاولة جديدة. انتقلوا من الاستدعاء الى مذكرة توقيف لأن ليس هناك أي جرم ولا أحد يمكنه ان يماشيهم في قضية الاستدعاء والتبليغ، فقفزوا فوق القوانين المعمول بها عالمياً للقيام بمحاكمة غيابية". وأشار عون الى انه لم يبلغ السلطات الفرنسية ب"أي شيء في هذا الشأن، فعلى أي اساس أبلغهم؟ على اساس ما يرد في الصحف، انهم يقرأونها أكثر مني". وقال انه يرفض الاسهاب في هذا الموضوع "لئلا يقال ان الجنرال غضبان، لكن كل ما في الأمر انهم ضربوا رأسهم بالحيط، واتهامي ليس بالموضوع السهل". وهل لديه نية للرد بخطوات قضائية، أجاب: "كيف ألجأ الى القضاء وانا لا اعتبر ان هناك جرماً في الاساس؟ القضية سياسية بحتة". واضاف: "ما يؤخذ علي هو الاساءة الى العلاقات بين لبنان وسورية، فهل ما قلته في الكونغرس عطل العلاقات اللبنانية - السورية؟ ليتهم زعلوا وغادروا لكنهم زعلوا وبقوا". وأكد انه لم يتلقَ "أي تبليغ في مكان اقامته في باريس او أي استدعاء، ولم يلصق شيء على باب منزلي باستثناء اسمي"، سائلاً: "كيف يقولون انني مجهول الاقامة في حين ان الجميع يتحدث الي وانا في منزلي وعنواني الاخير قبل مجيئي الى باريس كان في بعبدا؟". وأضاف عون: "لماذا هذا الاصرار على تبليغي والسعي الى ملاحقتي؟ ولماذا لا يصدرون أي بلاغ في حق الشيخ صبحي الطفيلي فهو موجود في البقاع والكل يعرف ذلك؟". وقال: "انها آخرة عاطلة للبنان، فالخيانة أصبحت الآن تهمة تلصق بمن يطالب بالسيادة. انهم يأخذون علي زيارتي اميركا، فهل نسوا ان وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر طيّر نتائج التقرير الثلاثي لمصلحتنا وان هناك لجنة ثلاثية عربية اشرفت على انجاز اتفاق الطائف أعطت ضمانات ثم هربت، ونسوا ان الجامعة العربية المفلسة، ونسوا حتى ان الرئيس السوري بشار الأسد يقول ان سورية لن تغادر حتى بعد حل أزمة الشرق الأوسط".