تراجع مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين عن تصريحات رد فيها على إعلان وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان اتفاق السلام السوداني يوقعه قبل نهاية السنة. وأكد المسؤول السوداني أن الموعد الذي حدده باول جاء بموافقة طرفي التفاوض، حكومة الخرطوم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان". ورحب الرئيس عمر البشير بدعوة الرئيس جورج بوش قادة الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" لتوقيع اتفاق السلام النهائي في البيت الأبيض بداية العام الجديد "متى اكتملت المحادثات وانجز الاتفاق المطلوب". وفي غضون ذلك، راوحت المفاوضات الجارية في كينيا مكانها أمس، واستمر الخلاف بين الطرفين السودانيين في شأن وضع المناطق الثلاث المهمشة ابيي وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وقسمة الثروة، وسط توقعات برفع المفاوضات إلى ما بعد شهر رمضان. قلل مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين من شأن ما نقل عنه رفضه فرض موعد محدد لانتهاء مفاوضات السلام السودانية، وهو كلام اعتبر رداً على وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي أكد التزام الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بالتوصل إلى اتفاق لانهاء الحرب بحلول نهاية كانون الأول ديسمبر المقبل. وقال صلاح الدين في بيان وزع في الخرطوم أمس إن الإدارة الأميركية "مهتمة بعملية السلام في السودان"، وأشاد بباول، موضحاً أن "الجدول الزمني للمحادثات والموعد المقترح لانهائها أقر بموافقة الطرفين"، ورأى أن ما نسب إليه "حُرف". وأبرز بعض الصحف السودانية تصريحات صلاح الدين التي أكد فيها أنه "لا أحد يستطيع فرض موعد محدد على الحكومة أو الحركة الشعبية، وان من المستحيل فرض أي تاريخ والمحادثات ما تزال مستمرة". واحتفت الصحف بلقاء باول مع النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة" جون قرنق، وأعطت الخبر مساحة واسعة في صدر صفحاتها مع صور عدة للقاءات، كما خصصت وسائل الإعلام الرسمية حيزاً واسعاً في نشراتها الاخبارية للموضوع وبثت تصريحات باول وطه وقرنق. ورحب الرئيس السوداني عمر البشير بدعوة الرئيس جورج بوش للطرفين لزيارة واشنطن فور التوصل إلى اتفاق نهائي. وقال البشير إن "توقيع الاتفاق في واشنطن له ميزات لا يمكن اغفالها لجهة الدعم السياسي والأدبي الذي سيتحقق" لبلاده. ورأى في حديث نشرته صحيفة "الرأي العام" أمس أن زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى مقر المفاوضات في منتجع نايفاشا الكيني أول من أمس "يعكس الاهتمام الأميركي بالسلام في السودان وما يمكن أن يمثله من رصيد انتخابي للإدارة الأميركية". وذكر أن وقائع الزيارة وتفاصيل ما صدر من باول "تشير إلى الاطمئنان الأميركي على سير المحادثات، وإن كانوا يحبذون أن يكون التوقيع في وقت محدد". وتابع: "لا مانع لدينا أن يكون توقيع اتفاق السلام النهائي في واشنطن متى اكتملت المحادثات وانجز الاتفاق المطلوب". وأضاف البشير ان متطلبات الفترة الانتقالية المرتقبة ضخمة ولا يمكن توفيرها إلا بدعم عالمي كبير يمكن أن تلعب واشنطن فيه دوراً كبيراً. وفي تطور ذي صلة، أصدر بوش بياناً أكد فيه ان الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" تتفاوضان بحسن نية. وسيحال البيان على الكونغرس الأميركي استجابة إلى "قانون سلام السودان" الذي يلزم بوش بتقديم تقرير إليه كل ستة أشهر عن سير المحادثات. وجاء بيان بوش متزامناً مع زيارة باول إلى نايفاشا بعد انتهاء فترة الستة أشهر منذ رفعه آخر تقرير إلى الكونغرس في نيسان ابريل الماضي. ويهدد القانون بفرض عقوبات ديبلوماسية واقتصادية على الخرطوم في حال لم تحرز المحادثات تقدماً، ويدعم "الحركة" بثلاثمئة مليون دولار في هذه الحال. وفي نايفاشا، ساد التكتم أوساط المفاوضين من الحكومة و"الحركة الشعبية"، واكتفى المشاركون برد يؤكد أن "لا جديد يذكر"، إلا أن مصادر من المفاوضين أكدت ل"الحياة" أن القضايا تراوح مكانها من دون احراز أي تقدم، خصوصاً في ملف قضايا المناطق الثلاث. وبدا الاستقطاب بين أبناء المناطق في الحركة والحكومة واضحاً، إذ وصل إلى نايفاشا وفد من أبناء جبل النوبة يقوده أحد القادة السابقين في حركة قرنق الذين انضموا إلى الخرطوم. وأوضحت المصادر أن الوفد الذي يقوده محمد هارون كافي جاء لدعم الموقف الحكومي، إلا أن الوفد متخوف من عدم وجود ضمانات في مجال إصلاح منطقة جبل النوبة في المستقبل. ووصل أيضاً وفد من قيادات الأحزاب الجنوبية الموالية للخرطوم.